المخططون للتعليم في بلادنا (وفي كل بلدان الدنيا) يجدون انفسهم دائما في مواجهة حامية ومستمرة مع ثلاثة اسئلة جوهرية:
ماذا نعلم الناس؟ (قضية مناهج).
كيف نعلم الناس؟ (قضية اساليب تدريس وبيئة تعليمية)
هل تعلم الناس فعلا ما يراد لهم ان يتعلموه؟ (قضية تقييم)
فالبنسبة للقضية الاخيرة (التقييم) فقد خرجت على الملأ مؤخرا لائحة تقويم جديدة تنادي بفلسفة ورؤى تربوية تؤكد على ان التقييم لم يعد عملية تستهدف فقط تقرير من يبقى ومن يرقى من الطلاب وتؤكد ايضا على ان التقييم لم يعد عملية منفصلة عن التعليم تأتي لتؤذن فقط بانتهاء التعلم في احدى مراحله, اما بالنسبة للقضية الثانية (كيف نعلم الناس) فتلك قضية أزلية بحت من اجلها اصوات كل من لهم علاقة مباشرة (ومن ليس لهم علاقة مباشرة) بالتربية والتعليم منادية بضرورة خروج معلمينا من دائرة الاساليب التعليمية التقليدية المملة، وبأهمية ان ينظر اهل الحل والعقد في (اختيار) و(تعليم) و(تدريب) المعلمين وفي (صناعة القرار التربوي) بما يخدم بناء واثراء مهارات التفكير عند طلابنا.
اما بالنسبة للقضية الاولى (المناهج) فتلك معركة تدور رحاها الان ولم ينجل غبارها بعد, وقضية المناهج هي من القضايا الشائكة، ليس عندنا فحسب بل وفي كل البلدان, اما لماذا هي شائكة؟ فلانها تهم قطاعا عريضا جدا من افراد المجتمع ومؤسساته، ولانه مطلوب منها ان تستوعب وتواجه مستجدات معقدة من المتغيرات, فعندما تعلم ان المعرفة يمكن ان توجد اليوم عند اطراف اصابع كل من يبحث عنها (ناهيك عن معدلات التسارع الهائلة في نماء تلك المعرفة) فانك لا تملك الا ان تتعاطف مع من يريد ان يختار منهجا دراسيا لابنائنا وتزداد تعاطفا معه عندما تعلم مدى ما يواجهه من متطلبات اجتماعية يترتب على قبولها تحميل المناهج اكثر مما تحتمل، وقد يدخل مسؤول المناهج في دوامة عندما تتساوى امامه مبررات ادخال معرفة ما ضمن المنهج مع مبررات استبعادها، في تلك الظروف كان لا بد ان نبني ونطور عند الطالب (مهارات التعلم الذاتي) والاتجاهات الايجابية نحو التعلم (مهارات الاتصال، أساليب الحوار، مهارات البحث والمكتبة، تطوير مهارات التفكير، مهارات الدراسة، اساليب التعلم,, الخ) وهذا لعمري هو التحدي الحقيقي الذي يواجهه نظامنا التعليمي.