عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي ان اكتب لكم اليوم بروح المعلمة، هذه المعلمة التي يلومونها على كثرة غيابها بل ويكثرون في لومها، ولكنكم أيها القراء الكرام يجب ان تطلعوا على الظروف الخاصة التي تعمل في ظلها المعلمة، فمدارس البنات مليئة بالكفاءات النسائية الوطنية في كل التخصصات، ولكنها وللاسف كفاءات محبطة لا تجد تقديرا لعملها، ولا اعزازا لشخصها، وما اكثر المعلمات اللائي يعانين من تثبيط الهمم، حين تبذل الواحدة منهن كل ما في وسعها لتكون عنصرا فعالا في داخل مدرستها ثم تفاجأ بأخرى تصل الى مكانة عليا لم تبذل في سبيلها شيئا، بل كل حرفتها التملق والتسلق، وهذا يتسبب لها في معاناة نفسية كبيرة لا تملك حيالها في كثير من الاحيان الا الغياب، ثم ان مهنة التدريس مهنة شاقة وليس بالهينة، وهي الى ما فيها من جهود ومشقة ذات طابع واحد، فالمنهج هو المنهج لم يتغير من ايام كان الحصى تمراً، والمديرة والوكيلة بل وحتى المراقبة يلقين بمسؤولياتهن على المعلمة مما يزيد من احساسها بالظلم والضجر وان تأففت او تضجرت فهي غير متعاونة وحين تطبق الاعباء على شخصها المتعب المرهق تهرب الى الغياب لا الى غيره واين المخرج؟
ثم ان المعلمة نصف مجتمعكم ايها الافاضل وهي مسؤولة عن اسرة كاملة، ثم هي خاضعة لسلطة الرجل الذي ان شاء اوصلها الى مقر عملها وان لم يشأ فلتقعد ملومة مخذولة، وان المعلمة بين سلطتين، زوجها في المنزل، ومديرتها في المدرسة، وكلا السلطتين تريدان عملا متواصلا، وهي اقصد المعلمة موزعة بينهما، فهي تذهب يوما الى المدرسة ارضاء لسلطة المديرة، وتغيب آخر في المنزل ارضاء لسلطة الزوج، ثم هي مع ذلك تعاني ظروفا نسائية خاصة تحتاج معها الى الراحة في المنزل ولكنها حتى تحصل على العذر الطبي فعليها الذهاب الى المدرسة في نفس اليوم الذي غابته حتى تحصل على تحويل من المدرسة الى الوحدة المدرسية، ثم ان وصلت الى الوحدة فعليها انتظار دورها عند الطبيبة وقد لا يصلها الدور الا في الساعة الحادية عشرة او الثانية عشرة وقد تكتب لها طبيبة الوحدة راحة لبقية اليوم فقط، وماذا بقي من اليوم لترتاحه ألم تقضه ما بين المدرسة والوحدة، ان المعلمة القادرة على ان تقطع هذه الرحلة المارثونية ما بين الوحدة والمدرسة لاجدر بها بدلا من ذلك ان تذهب الى مدرستها، فالتي تصبر على كل هذه المعاناة قادرة على ان تتحمل آلامها وتذهب الى مدرستها، ومع كل ذلك فقد اثبتت الدراسة ان اجازة الامومة في مقدمة الاجازات فهل يطلب منها الذهاب الى مدرستها في مثل هذه الظروف الخاصة؟
ان المعلمة ابنتكم واختكم وهي الزوجة والام,, فرفقا بها انها مازالت قارورة.
حصة الجهني
المدينة المنورة