المشروع ,,, العربي أنور عبدالمجيد الجبرتي |
* المشروع العربي ,, أو مشروع النهضة العربي ,, أصبح من المواضيع الشائعة,, التي تلوكها الألسنة كثيراً.
* وتُعقد,, من أجل المشروع العربي، لقاءات، ومؤتمرات، وتُخصَّص له، ندوات، وحلقات دراسة، وتُنشر عن المشروع العربي دراسات، وكتبٌ، وكتيِّبات,, وبُروشورات ، وتصدر باسم المشروع العربي بيانات، وتصريحات، ونداءات، واستغاثات.
* تُدبّج عن المشروع العربي مقالات، وتُلقى محاضرات، وتُخصّص له الفضائيات العربية فضاء، جيداً من، اتجاهاتها المتعاكسة والمتشاكسة، وبرامج الهواء المباشرة .
* يجتمع الحكماء من النُّخبويين,, أو المتناخبين ,, العرب، في تلك المحافل، ويتصلون، وان كانوا لا يتواصلون، عبر تلك القنوات، ويتحدثون عن المشروع العربي كثيراً.
* يتحمسون كثيرا، ويتعصبون كثيرا، ويتشاجرون، وتعلو أصواتهم، وتزرقُّ وجوههم، وتتوتر العروق في جبهاتهم، وتضيق صدورهم، ثم يلعنون، ويشجبون ويستنكرون، ثم يصدرون بياناً، لا يُهملون فيه، أن يذكروا، شيئا عن اللحظة التاريخية والمنعطف الحاسم والظروف الصعبة التي تمرُّ بها الأمة العربية، ويعيشها المشروع العربي .
* أصبح، لالمشروع العربي خُبراء، ومهندسون معماريون، ومدنيون وكهربائيون، ومعنيون بالصرف الصحي، والتخطيط العمراني.
* يتداول خبراء المشروع العربي في التفاصيل، كأنهم، يريدون أن يتقدموا بتصريح بناء المشروع العربي .
* يتحدثون عن الخراسانة والحديد، وفحوصات التربة، ومواصفات التسليكات الكهربائية، والتجهيزات الصحية.
* يتناقشون حول الارتفاعات والارتدادات .
* ويتهامسون في امكانية الوساطة ,, لدى البلدية، وتُجَّار مواد البناء، والمكاتب الاستشارية.
* ولا يفوتهم، الحديث، حتى عن مدى تأثر الموقع، بتقلبات الطقس، وانعكاسات، اتساع ثقب الأوزون.
* يبدون، واثقين من تصوراتهم، ومفاهيمهم، ورؤيتهم عن المشروع القديم الذي سقط، او أوشك على السقوط، وناطحة السحاب ,, العربية الجديدة، التي توشك ان تثبِّت، أساساتها، في عميق الأرض، وتعلو بسطحها إلى شاهق السماء، بفضل حكمتهم، وبصيرتهم، وعلمهم الموضوعي المحايد، وفضائلهم الفائضة، وتضحياتهم الهائلة.
* لستُ من خبراء المشروع العربي ,, او مهندسيه، وربما، أتحدث عن منتديات المشروع العربي وأعرِّض بها، لأن أحدا، لم يدعني إليها، أو يعتبرني من خطبائها، ومهندسيها، رغم أنني، مع التدريب المناسب، في الفضائيات العربية، أستطيع ان أمتلك الصوت العالي، والمفردات الشتائمية المناسبة، والادعاءات العريضة والاعتداد، المَرضيَّ المفرط، بالنفس، وبالرأي، والاستحواذ على الاحكام النهائية، والآراء القاطعة، التي تمكنني من المشاركة الفعّالة في تلك المنتديات.
* ولأنه لم يصدر بعد، مرسوم، سلطاني عربي عالٍ، بمنح، الحق الحصري، في المشروع العربي ،فإنه يحق لي، أن، أدسَّ أنفى في أمور المشروع العربي وأخاطب، أصدقاءه، وأدعياءه، وخبراءه، والمنشغلين به.
* أقول لهم، لقد سافرتم بعيداً، وحلَّقتم عالياً، وحفرتُم عميقاً.
* أقول: لقد استبدلتم، الذي هو أدنى، وأوضح، وأثمر، بالذي هو، هَذرٌ، واهدارٌ، وفقاعات هواء.
* المشروع العربي ,, الحق، يا سادتي، هو حاضر، بيننا، يمشي بين أيدينا، وعن أيماننا، وشمائلنا، ونصب أعيننا.
* لماذا نبحث كثيراً، ونفتش بعيداً، ونفكر طويلاً؟
* طفلنا العربي هو مشروعنا العربي الحقيقي.
* وهو مشروع جدير بالجهد والعرق، والعمل الجاد، الذي قد ينوء بالسادة الحكماء، الذين يريدون تحديث المشروع العربي من وراء المنصات العالية، والكاميرات اللاقطة، وخلف حجاب الكلمات الغامضة المبهمة، والنظريات الهلامية.
* إذا أردنا بعث مشروع عربي ، أو إنهاضه، من عثرته، فلنهتم اهتماما حقيقيا بالطفل العربي.
* وإذا أردنا، أن نتخيل ماذا سيكون عليه العرب، وماذا ستصير إليه مجتمعاتهم، بعد عشرين عاماً، فلنفكر، ولنتدبر، ماذا نفعل الآن، بأطفالنا، وماذا نعدَّ لهم تربية، وتعليماً، وتثقيفا، وصحة؟ وماذا نخصص لهم (من مواردنا)، تخصيصا حقيقيا فعّالا، وليس تخصيصا، إعلاميا وخدمات شفهية؟
* أول ما يجب على حكماء المشروع العربي ، هو أن يبذلوا جهودهم لتحصين الطفل العربي، من الإحباط، والخيبة، وصناعة الكلام، وغيرها من أمراض التخلّف، التي تفشت بين النخبويين، ودهاقنة التبرير.
* الطفل العربي، في حاجة إلى ميثاق، يحميه من كهول وشيوخ، الهزائم، والاستلابات، وماضغي التبغ الفاخر المخلوط بالهُراء، والبذاءة، والهواء الساخن كريه الرائحة.
* وأهم، ما يجب أن نفعله لمشروعنا العربي ,, الرضيع، أن نحترم، ونهتم بحاضنته وراعيته ، والمؤتمنة عليه.
* لقد خاب، ظننا، بالذكور، المتمسِّحين بأهداب المشروع العربي أو أنه كاد أن يخيب, ولم يُعد لنا، ان نتصور المشروع العربي إلا، أمَّا، كريمة، مجيدة، حنونا، وطفلا بريئا كريما، يحبو، ويثغثغ، ويتطلع، بعين الدهشة، والشوق إلى فجر، عربي ناصع,, وكريم، ونظيف.
* هل نأتمن المشروع العربي ,, الكبير، إلا لمن نأتمن، عقله وقلبه، ونحترم كرامته، ونعطيه حقوقه، وننصفه من أنفسنا، ولا نتطاول عليه، بتقاليد، وعادات، ما أنزل الله، بها من سُلطان، ولا أعطتها العروبة، الكريمة الصادقة، عهداً ولا ميثاقاً، ولا اثبتت لها مرجعاً موثوقاً، أوتاريخا مشهوداً؟
* احرصوا ,, يا سادتي على ان مشروعكم العربي ,, الصغير، على ما يرام، تعليماً مفيداً، وصحة جيدة، وتربية طيبة، وهوية راسخة وكرامة موفورة، وليس آخراً,, أو أخيراً، أمهاتٍ محترمات، كريمات، واثقات، ذوات معرفة,, وفضل.
* إذا ، فشلنا في مشروعنا الصغيرة الرضيع,, الخطير، فلن تفيدنا أبداً,, كل المشاريع الكبيرة,, التي يصنعها لنا، حكماء المشروع العربي ,, وأصدقاؤه، وحتى مهندسُوه.
|
|
|