حين يباهي الناس بأوطانهم,, ويقفون أمام منجزاتها باعتزاز، نحاول الوقوف أمام شموخ وطننا الباذخ,, ومجده الشامخ في ماضيه الجميل وحاضره الزاهي المجيد فتنتشي الكلمات ويخضر حبر مشاعرنا وتعذب لغة الشعر وتصفو أناشيد الهناء وتضيء شموع البهجة منعطفات ذواتنا، وتتدفق أمامنا أنهار البهاء فتغمرنا اعتزازا وحبورا، وتطول قامة حاضرنا حتى تجاوز الثريا، كيف لا؟! ووطننا الغالي مهبط الوحي السماوي، ومهوى أفئدة الناس,, يضم ثراه الطاهر قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها خمس مرات في كل يوم وليلة,, كما يضم ثراه رفات خير الأنبياء وسيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .
لذلك فإن اختيار عاصمتنا الحبيبة الرياض عاصمة ثقافية للعام الميلادي 2000 لم يأت من فراغ، فهو حق مستحق لها منذ عهود أسواق الثقافة والأدب,, كسوق عكاظ وذي مجنة وغيرهما، وتأكدت أحقيتها بذلك حين بعث من ربوعها الطاهرة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام الخالدة الموجهة إلى الناس كافة مؤيدا بالوحي السماوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فمن وطننا انطلقت كتائب الدعوة الإسلامية لتنشر دين الله في أرجاء المعمورة، ومن وطننا انتشر الخير والفلاح في سائر أصقاع الدنيا,.
وطننا في العصور الحديثة منطلق دعوة الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود,, وهي في عصرنا الحاضر الزاهي بلد الأسود من آل سعود أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن صقر الجزيرة وباني أمجادها,, ومؤسس كيانها الشامخ المملكة العربية السعودية فقد حقق وأبناؤه الميامين لها ريادة ثقافية وتنموية فارتفع اسمها في المحافل الدولية وحقق أبناؤها الجوائز العالمية,, فهنيئا لك ياوطن الطهر والقداسات بماضيك المجيد وحاضرك الزاهي السعيد، هنيئا لك بقادتك الميامين آل سعود الذين سطروا على هام النجم حاضرك الشامخ,, ورفعوك فوق هام المجد ومازالوا يسيرون بك من قمة إلى قمة ومن مجد إلى مجد يتسامق على الأمجاد حتى أصبحت تعيش في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني في أزهى عصور سؤددك,, عزيز الجانب,, مسموع الكلمة,, راسخ الجذور تسطر أسفارا من شواهد الإنجازات التي تتعاظم مع مرور الأيام,, وأهمها منجزاتك الثقافية المتمثلة في ثماني جامعات تنشر العلم والمعرفة في ربوع وطننا الحبيب وتلبي احتياجات التنمية إلى جانب مئات الكليات المتخصصة والخاصة والمعاهد العليا والمراكز الحضارية والثقافية والإعلامية مضافا إليها عطاءات النوادي الأدبية الثقافية التي اقتربت مطبوعاتها من ألف كتاب إلى جانب ما تسهم به جمعيات الثقافة والفنون المنتشرة في ربوع الوطن من نشاطات ثقافية متنوعة ولعل عاصمتنا الحبيبةالرياض وهي تحتضن جامعتين عريقتين من أقدم وأضخم جامعاتنا العملاقة هما جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك سعود بمراكزهما العلمية ومكتباتهما الضخمة ومنتدياتهما الثقافية,, ومناشطهما العلمية والثقافية الكبرى، كما تحتضن عددا من النوادي الثقافية والرياضية والاجتماعية يأتي على هرمها نادي الرياض الأدبي,, كما تحتضن جمعية الثقافة والفنون وفيها المكتبات الكبيرة في تنوع معارفها مثل مكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبدالعزيز ومكتبة دار الكتب وغيرها ,, وغيرها لعلها بذلك وبغيره تؤكد ريادتها الثقافية، فمن عاصمتنا الحبيبة انطلقت جائزة الملك فيصل العالمية التي دوى صيتها في أرجاء الدنيا وشملت فروعا معرفية وثقافية كثيرة، وحملها باعتزاز علماء أفذاذ وأدباء كبار ومفكرون من سائر أقطار المعمورة وأصبحت مطمحاً لعظماء الباحثين والمفكرين.
وفي ربوعها يقام مهرجان الجنادرية العظيم الذي تجاوز بشمولية طرحه وتنوع نشاطاته الثقافية معظم المهرجانات التي سبقته زمانا حتى لقد أصبح موعدا ينتظر حلوله القاصي والداني، وشملت طروحاته العالمية معظم الاهتمامات وسد فراغا في الثقافة العربية والإسلامية لم يسده سواه من المهرجانات.
في عاصمتنا الحبيبة تصدر أعداد من الصحف والمجلات الثقافية الرصينة اليومية والأسبوعية والشهرية,, ومن عاصمتنا انطلقت جائزة الدولة التقديرية,, ومنها سينطلق قريبا مجمع اللغة العربية الذي سيبدأ من حيث انتهى الآخرون,,.
إن في عاصمتنا الحبيبة حركة ثقافية كبيرة تؤكد ريادة بلادنا الثقافية لا في العام 2000م فحسب بل وعلى مر الأيام ذلك لأنها تنتهج لنفسها في مسيرتها الثقافية نهجا ثقافيا متميزا ينطلق من قيمها الأصلية وثوابتها الشامخة ويحاول الإفادة من غير ذوبان من الثقافات الأخرى محافظة على أصالتها وتفردها,.
هنيئا لوطننا بتميزه,, وهنيئا لعاصمتنا الحبيبة بريادتها الثقافية المستحقة,, وإلى مزيد من العطاء,, وبالله التوفيق.
*رئيس نادي جازان الأدبي