الحذلقة هي نوع من التبجح, والتبجح كما يكون بالحركات,, يكون بالقول, ويكون أيضا بالفعل,, والناس إذا لم يعجبهم تصرف إنسان أو زاد هذا التصرف عن حده,, قالوا يتبجح,, وقد يكون التبجح خللا في العقل,, ينتج عنه تصرفات غير مقبولة او مستهجنة,, وقد يصعر المتحذلق خده, وينظر إلى الآخرين شزرا اي بطرف عين, ثم يلوي خشته استخفافا, وكل هذه الحركات أو التصرفات غير مقبولة عند الفاهمين والمدركين والمعتدلين من خلق الله.
وقد نلاحظ احيانا من بعض الكتّاب تحذلقا في الكتابة ايضا,, خاصة اولئك الذين تسبق اسماءهم بعض الحروف المميزة, فالتميز في عالمنا نحن الشرقيين عقدة تلازمنا, حتى لو كان ذلك يباع بالمال اشتريناه,, حتى يرتاح في داخلنا ذلك المخلوق المريض, أولئك نجدهم في كتاباتهم يذكرون العبارة العربية ثم يضعون بين قوسين ترجمة لها باللغة الاجنبية, لا أدري لماذا يفعلون ذلك خاصة إذا أدركنا ان هذه العبارة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار, فلماذا اللجوء إلى حشر اللفظ الانجليزي بين السطور العربية, وإنما يفعل ذلك إذا كانت العبارة تعني معنيين,, فتحشر اللفظة الاجنبية لبيان الاصطلاح الغامض,, أما ان يأتي أحدهم فيذكر كلمة سبب ثم يتبعها ب)Couse( أو يتحدث عن العالم الجديد ثم يوضع بين قوسين )The New World( ولو كانت المسألة تختص بالرسم لقلنا ان هذا نوع من التزيين او الزركشة,, كما يردد الممثل الدكتور بكر الشدي لكنه نوع من التحذلق الكتابي لإشعار القارئ بالمدى الواسع الذي يتمتع هذا الكاتب بتمديد قدميه فيه, وقد يأتي التحذلق من انصاف المتعلمين وهذا هو الفعل الذي يبعث على التقيؤ,, فإن من انصاف المتعلمين من لا يرى لغيره الحق في الفهم,, وهذا مشاهد ومحسوس خاصة في المجتمعات النامية,, والتي لاتزال وستظل نامية حتى تقوم الساعة, فإن هذا الوصف عندما اطلقه الاقوياء على هذه النماذج البشرية إنما أرادوا به التحجيم الدائم وقد استمرأته هذه الشعوب وألفته ولم تحاول الفكاك منه, فكان هذا التسلط من أولئك الاقوياء نموذجا للتحذلق, لكنه تحذلق إجرامي فيه نوع من التعبيد المفروض,.
نرجع,, أوأرجع على الصحيح لأنصاف المتعلمين, فإنهم يتصرفون امام من يبزهم من العلم والمعرفة تصرف الكارهين, لأنهم يرون انفسهم اكثر معرفة وادراكا من اهل المعرفة المتمكنين,, لذا تصدر منهم تصرفات مضحكة ومؤلمة في نفس الوقت من تقليل في القيمة المعرفية, او حتى تقليل من القيمة الانسانية لمن يبزونهم ويتفوقون عليهم, وهم أي انصاف المتعلمين يدركون انهم اقل من هؤلاء معرفة وعلماً وثقافة لكنهم يفعلون ما يفعلون على طريقة عنز ولو طارت,, .
إن فن التحذلق,, كان له دور في الحياة الاوروبية في زمن مضى,, وكتبت عنه روايات ومسرحيات, جاءت كلها سخرية, ظلت تعرض على المسارح الاوروبية زمنا طويلا,, حتى جاء عصر الصواريخ والسفن الفضائية والإلكترونيات وتحجم الابداع الفكري الساخر في هذه الظواهر الحديثة.
|