تم اكتشاف نظام شمسي جديد يبعد عن نظامنا مسافة 44 سنة ضوئية، وكان هذا الدليل القاطع على اننا لسنا الوحيدين في هذا الكون مترامي الاطراف.
وقد قام فريق من الخبراء الفلكيين بجمع الكثير من المعلومات خلال 11 عاماً، واخيراً اقروا بأن نظامنا الشمسي ليس وحيداً في الكون، حيث يوجد على الاقل شمس مشابهة لشمسنا الام مع عدة اجسام في عائلتها الكوكبية, وهذا النجم مع مرافقيه الثلاثة غير نظرتنا الاساسية عن كيفية تشكل الانظمة الكوكبية.
يدعى هذا النجم ابسيلون اندرو ميديه Upsilon Andromedae ، والذي يبعد مسافة 44 سنة ضوئية عنا، وهو يشبه شمسنا بشكل كبير، الا انه اكبر قليلاً، واكثر ثقلاً منها، ويتوهج بمقدار ثلاثة اضعاف، ولكن ماذا عن كواكبه الثلاثة الغامضة؟
الكوكب الاقرب له يعادل بالحجم ثلاثة ارباع كوكب المشتري عملاق مجموعتنا الشمسية وهو يدور حول النجم ابسيلون لمسافة قريبة جداً وحيث الحرارة شديدة جداً، وهذه المسافة اقرب بثماني مرات من المسافة بين كوكب عطارد والشمس, والسنة على هذا الكوكب وهي الوقت المستغرق للقيام بدورة كاملة حول النجم اقل من خمسة ايام بالنسبة لنا.
اما الكوكب الثاني فهو ذو كتلة تعادل ضعفي كتلة المشتري، وهو يدور حول شمسه بشكل اهليلجي غريب، ويتم دورته في 250 يوماً في مدار على شكل انشوطة، حيث اقرب نقطة بينهما تعادل المسافة بين الزهرة والشمس، وابعد نقطة تعادل المسافة بين الارض والشمس.
الكوكب الثالث يدور بشكل بطيء متماً دورة كاملة في مداره الاهليلجي في 1200 يوماً، ويبعد عن شمسه بنفس بعد شمسنا عن مجموعة الكواكب الصغيرة السيارة الواقعة بين المريخ والمشتري، وحجمه يعادل اكثر من اربعة اضعاف حجم المشتري.
وبسبب الحجم الكبير لهذه الكواكب الجديدة فإن الباحثين يعتقدون بأنها عمالقة غازية حيث كثافة الكوكب الاقرب تقع بين كثافتي المشتري وزحل، في حين الكوكب الابعد والاضخم يعتقد بأنه لا يشابه أياً من الكواكب التي رأيناها من قبل.
الفلكيان جيوفري مارسي من جامعة سان فرانسيسكو، وبول بتلر من مرصد انغلو الاسترالي واللذان اكدا بنجاح وجود اكثر من 12 كوكباً تدور حول نجوم اخرى في العام 1998 اخبرا بعض الاشياء الغريبة عن النجم ابسيلون، حيث استخدما تقنية تكتشف دلالة البعد الزاوي لكوكب سيار عن اقرب نقطة له الى الشمس في حركاتها المسببة بواسطة السحب الانجذابي لكوكب ضخم، وهذه الحركة ضعيفة جداً لان ترى بواسطة التلسكوبات الحالية بالرغم من المراقبة المستمرة التي تظهر حجم ومسافة الكوكب، حيث اكدا وجود كوكب سيار حول هذا النجم مع احتمال وجود اجسام اخرى.
ولم يكن هذان الفلكيان الوحيدين اللذين تعقبا هذا النظام الشمسي، بل قام بذلك فريق من مركز هارفارد - سميثسونيان للفيزياء الفلكية بالتعاون مع فلكيين آخرين من مركز البحث الوطني الجوي NCAR , وقد قام بتلر ومارسي بإجراء مراقبتهما التلسكوبية من مرصد ليك بالقرب من سان خوسيه في كاليفورنيا، في حين استخدم الفريق الآخر مرصداً في قمة جبل هوبكنز في اريزونا, وعند توحيد معلومات الفريقين ثم التأكد وبشكل قطعي من وجود كوكبين اضافيين.
وقد واجه العلماء عدة الغاز صعبة الحل! فالموقع والمدارات لهذه الكواكب الثلاثة قد تعارض معظم النظريات الموجودة لتشكل وتطور النظام الشمسي، وكان الشيء الاكثر غرابة هو تشكل هذه الكواكب العملاقة من مادة ذات اصل نجمي، حيث من الصعب الشرح عن كيفية وجود مادة كافية لهذا التشكل, وشيء اخر كان غامضاً الا وهو المدارات، فالنظرية الحالية تقول إن الكواكب الثقيلة الضخمة تتطور في مناطق بعيدة جداً عن شمسها الام، حيث من المعتقد انه في هذه المناطق منخفضة الحرارة بشدة تولد النواة المركزية للكواكب حيث النظام الشمسي يندمج من قرص من الغبار والغاز، وبالتالي فالكواكب البعيدة او الخارجية تهاجر باتجاه الداخل مع مرور الزمن، ولكن الكواكب الثلاثة للنجم ابسيلون تأخذ مدارات قريبة جداً منه بالمقارنة مع ماهو معروف بالنسبة للتشكل الكوكبي المفترض وجوده.
وهكذا يبقى السؤال المحير! لماذا يبعد كوكب المشتري مسافة بعيدة جداً عن الشمس بالمقارنة مع هذه الكواكب الثلاثة الاضخم منه والتي تقترب من شمسها بدرجة اكبر؟
وبالتالي فإن الفلكيين يعتقدون باننا مازلنا نجهل الكثير عن كيفية تشكل نظامنا الشمسي.
مترجمة عن مجلة العلم الميسّر