كبسولات صحافة الهم القادم! عبد الله العتيبي |
يتأفف بعض رؤساء الاندية جراء ما يجري كثيرا في صحفنا المحلية، ويشتكي العديد من المعنيين بشؤوننا الرياضية من قصور مهنية الدور الاعلامي,, حيث يأخذون على الاعلاميين (وفي مقدمتهم الصحفيون) مستوى الدور الذي يقومون به, ويتهم بعض أولئك المسؤولين الوسط الصحفي بالحاق الضرر بالوسط الرياضي لضعف التأهيل, وما يعانيه كثير من الصحفيين من قصور مهني، وافتقار عديد من الصحف للمؤهلين المتخصصين,, وإن كان في هذا ما يعود إلى عدم وجود الضمانات التي تشجع المتخصصين او المؤهلين على الاستمرار!
يبدو ان هناك فارقا يتسع بين القارئ وبعض الصحف المحلية مع كل اشراقة شمس,, وكأن هذه الصحف موعودة بمشكلات عارمة,, فالعالم يتجه الآن ليقع في شراك العولمة المنتظر! وتكاد مبشرات الواقع الجديد تطل من الافق اطلالة مخيفة لقطاع واسع ممن تقوقع في ذاته المحلية باستسلام للنمطية والرتابة والتقليدية المثبطة,, مرتضيا حالة من الوهن يتآكل بها!,, يحدث هذا مع ان قاعدة البدائل الاعلامية اتسعت اليوم امام المتلقي حتى بات التساؤل بشأن مستقبل الصحف والمطبوعات الاعلامية المحلية الاخرى يشكل هاجسا مزريا لمن يهمه الامر!
والغريب ان معظم صحفنا (على وجه الخصوص) ما تزال بعيدة عن متطلبات العصر بالتجديد ومواكبة روح هذا العصر, وتهيئة حالها لمواجهة تحديات المستقبل الشرسة!,, وقد لا يكون خافيا على مطلع,, وجود اعداد كبيرة ممن علقوا بالحياة الصحفية منذ سنوات طويلة ولا يزالون بأفكارهم القديمة، وتقليديتهم، وأدواتهم ذاتها,, وربما بمعارفهم المتقادمة التي تخطتها الشريحة العامة من الناس في مجتمعنا منذ زمن!,, ولعل من الغرابة ان يتحدث متخصص عن اهمية العملية التدريبية في بناء الانسان العامل, وضرورة هذا الخيار للانتقال من الماضي إلى المستقبل,, وهو يتحدث بشأن الصحف كبيئة عمل في ظل اوضاعها الراهنة!,, فالحال في اغلب صحفنا المحلية مؤسف نتيجة الاعتماد على كوادر غير مدربة!,, وربما لم تتخصص في مجال الاعلام,, او ربما لم تكن قد اصابت اي حظ من التعليم العالي! فضلا عن عدم فقهها في مجال اهتمام اقسامها الصحفية التي تعمل لها في الجريدة!,, ومع ذلك تظل تلك الصحف تعتمد عليهم وعلى أمثالهم في توجيه الرأي العام وإعلامه!,, وكأنها في غفلة من أمرها تتهيأ لتواجه المستقبل بهؤلاء!.
ألم يأن لتلك المؤسسات الصحفية في إطار سعيها الحثيث نحو المستقبل ان تعمل على اعادة تأهيل طاقمها من الصحفيين المتفرغين والمتعاونين على الاقل وقد فاتها تعيين المتخصصين,, تقويما لتبعات الماضي، وانطلاقا من دورها للمساهمة في تنمية الانسان السعودي من جهة حيث يعد توجهها لتأهيل كل المنتسبين إليها تأهيلا لثروة وطنية تظل ثروة وطنية اينما عملت؟!,, وانطلاقا من حرصها كمؤسسات ربحية تسعى إلى الربح المادي ايضا,, حيث يتعين عليها ان تستشرف المستقبل وان تتحرك إليه بخطوات علمية حثيثة تجنبها مخاطر التحديات,, فتستمر بثقة لتعمق دورها لصالح المجتمع، وتحافظ على نجاح اهدافها الربحية من جهة اخرى؟!
من المثير ألا ترى في معظم مؤسساتنا الصحفية خططاً تدريبية (طويلة) على رأس العمل (ولا قصيرة!) أو برامج اعداد وتدريب مدروس بالتنسيق مع جهات تدريب متخصصة يحقق لها حاجاتها من التدريب المتخصص لتضمن المواءمة بين التدريب والاحتياجات الفعلية.
ومن المؤسف ألا تهيأ بيئتنا لقناعة كافية في تلك الصحف بجدوى التدريب وهو استثمار استراتيجي وطني مثمر على المدى الطويل!,, ومؤلم ان يكون آخر ما نفكر فيه هو تنمية القوى البشرية وهي الاساس في العملية التنموية المستمرة,, ومن المؤلم ان يتسع الفارق بين القارئ والصحفي، والمجتمع والصحيفة!,, فغير معقول ان يتطور الجميع ويظل الاعلامي بعيدا عن مواكبة هذا التطور ونظل نراهن على ان نكون محل ثقة احد في سوق المستقبل!,.
كم من الصحفيين في صحفنا المحلية بحاجة ماسة إلى برامج متخصصة تعينهم على القيام بمهام عملهم بروح مهنية واعية ومتمكنة، وكم بلغ بنا التأخر في هذا الجانب الذي يعد مفهوما متجذرا في بيئات العمل اينما يممت في شتى البلدان المتقدمة!,.
التدريب النوعي المطلوب الذي يردم فجوة التغيرات في العمل,, يساعد الصحفي على ان يكون اكثر التزاما بأهداف المجتمع حين يجعله مؤهلا وقادرا وواعيا,, ولربما ادركنا في ضوء الاوضاع المؤسفة التي يعيشها الصحفيون المحليون ضعف دائرة التأثير الاعلامي لمطبوعاتهم نتيجة اعتمادها على طاقات غير مدربة,, معظمها (إن لم تكن كلها) غير متخصصة اصلا,, ناهيك عن مسألة المؤهلات العلمية المحدودة!,, وضعف القدرة على التأهيل الذاتي!.
بالتدريب الجاد المتخصص المستمر يمكن لمؤسساتنا الصحفية ان تواجه المستقبل بأمل كبير حين تتسع قاعدة المؤهلين فيها، وان تحظى بازدياد فرص تطورها، ونموها، فضلا عن بقائها، وزيادة ارباحها,, وقد لا نحتاج طول الوقت إلى عقود خارجية او غيرها لاكساب كافة المحررين مهارات ومعارف تساعدنا على التفاعل مع المتغيرات المتسارعة من حولنا!,, فمن الممكن ان يقوم بالتدريب ذوو التخصص والخبرة من منسوبي الجريدة ايضا,, المهم ان نتحرك لتأهيل هؤلاء الشباب في مجالات التطبيق العملي لتتسع امامهم الافاق لتحسين كفاءاتهم، وتعظيم انتمائهم لصحيفتهم,, فيؤدوا أدوارهم بتمكن، ويتحقق للجريدة شطر أساسي من التهيؤ المطلوب لمواجهة اعباء المنافسة الشديدة القائمة، والمنافسة القادمة الأشد!.
|
|
|