لم تكن طالبة الجامعة وهي تناقش بصراحة مطلقة إلا باحثة عن الحقيقة,.
تلك التي ضيعها القوم,, بين النظرية والتطبيق,.
قالت: نحن ندرس على أيديكن في الجامعة مجموعة من التنظيرات المثالية، بل المغرقة في المثالية، وإن نحن حاولنا أن نطبقها على الواقع لوجدنا أننا لا نصل إليها البتة,, فما بين النظريات والتطبيق ما بين شرق البحر وغربه,.
المحاضرة كانت عن المشكلات في التدريس، تلك التي تنشأ داخل الفصل الدراسي، كيف تنشأ المشكلة؟! ما هي الجوانب والعوامل والمرتبطات التي ترتبط بها وتكونها وتكون مصدراً لها؟,, هل المشكلة في التدريس تنشأ عن النظام التعليمي؟ أم عن الإدارة المدرسية، أم عن المناهج وما تتكون منه من كافة الخبرات بدءاً بتهديفها، فتخطيطها فبنائها، فمحتواها، فطرق تدريسها، فوسائلها، فتقويمها؟ أم بمنفذيها من معلمين ومعلمات وما يمثلونه من سمات وصفات وتأهيل مهني بمعنى أشمل كل مكونات العلم المكتسبة والفطرية؟
أم بمتلقيها من دارسين ودارسات، وما يوسمون به من القدرات، والمهارات، ومستوى الذكاء، ومؤثرات التربية والبيئة والفروق بينهم؟!,,, أم,,, أم,,.
ولأن المشكلة في التدريس يمكن أن يكون مبعثها أياً مما سبق مما يعيق الخبرات دون التحقيق في الموقف داخل الفصل الدراسي,, فإن الحديث كان عن قطب الرحى، المعلم/ المعلمة,, الأمر الذي جعل الطالبات ينبرين بما لديهن من خبرات وبعضهن معلمات وبعضهن موجهات:
مطلوب من المعلمة تغطية محتوى المنهج دون أية اعتبارات لا للزمن، ولا للفروق الفردية.
مطلوب من المعلمة تنفيذ ما تراه الموجهة لا ما تدرسه في الجامعة.
مطلوب من المعلمة ارجاع كافة المواقف التي تواجهها للإدارة ولا يحق لها القرار أو التصرف.
مطلوب من المعلمة عدم السماح للطالبة بالحديث الانفرادي معها,,، ورفض أي تعبير عن التقدير حتى لو كان هذا التعبير بوردة في الصباح,,.
مطلوب من المعلمة عدم التصرف فيما يتعلق باختبار الطالبات بإعادة أو إرجاء لأي سبب قد يكون خاصاً بمراحل نمو الطالبات أو حتى بظروفهن الأسرية التي قد تصل أحيانا إلى حد القهر,,.
مطلوب,,, ومطلوب,, بينما هنا في أروقة الجامعة، ونحن على مدرجات الدرس، نسمع أنه مطلوب من المعلمة:
تنفيذ (المنهج) بحيث ينظر إلى الكيفية لا الكمية من الخبرات التي تتحقق المعلمة بشكل دقيق من ايصالها للطالبات واستيعابهن لها، وتمكنهن من اضافتها لخبراتهن واخضاع الزمن الدراسي لذلك.
وللمعلمة الأحقية في التدريس بالطرق التي تراها مناسبة للمحتوى المعرفي، وباستخدام ما تراه مناسباً من التعزيز حسب الفروق الفردية داخل الفصل.
ولها أن تتخذ القرار المناسب داخل الفصل أو خارجه فيما يتناسب مع الموقف بحيث تكون في الأساس مؤهلة وقادرة على احتواء المواقف بأسلوب تربوي دون الرجوع لسواها إلا في حالة احتياج القرار إلى دعم إداري.
ولها أن تبني علاقة أمومية مع الطالبات بحيث تربي وهي تعلم وتكون قدوة لهن في السلوك والمشاركة، والتفاعل، وتبادل الآراء، وحل الطوارىء، التي تعترضهن, وحيث إن غالبية ما يقابل الطالبات في المراحل دون الجامعة من أمور تحتاج إلى مشاركة حل هي طوارىء النمو، أو مشكلات بيئة خاصة، أو داخل المدرسة فإن المعلمة لابد أن تكون ملجأ لطالباتها دون تفريق أو تحيز.
للمعلمة أن تقدر الظروف الإنسانية التي تمر بالطالبة عند أداء الاختبار سواء بالتأجيل او الإعادة ولاسيما في ظروف ترتبط بفترات النمو وعوارض المتغيرات الخاصة, دون اللجوء لسواها إلا في حدود الضوابط بالإشعار وليس بالقرار.
فكيف نوفق بين ما نتلقاه هنا في الشكل المثالي الذي لو أدته كل معلمة لتحقق الجو التربوي السليم وبين ما نجده في المدارس من قيود، وحدود، وموانع,, حتى الوردة في الصباح يُمنع علينا أخذها من الطالبة؟,,.
قلت: على الرغم من أنه مأزق بين ما في عنق الزجاجة (المدارس) وبين ما هو في الفضاء الفسيح خارجها (الجامعة والواقع التربوي العام),, فإنني أتوسم في معلمات المستقبل أن يطبقن ما يجدن فيه خروجاً عن عنق الزجاجة,,.
فلتتقبلي وردة الصباح من طالباتك,.
ولتكن في الصباح الذي يليه باقة ورد منكِ لهن.
كي ينتشر عبير الزهور لتنمو فيه الزهور من حولك ومن ثم يتفيأ ثمرها المجتمع.
د, خيرية إبراهيم السقاف