يقول عز من قائل:( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) سورة النور:31.
في هذه الأية الكريمة يأمر الله تعالى المؤمنين بالتوبة وربط فلاحهم بها، والأمر بالتوبة والاستغفار قد جاء في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، وتآزرت الأحاديث النبوية الشريفة في الأمر بها, فما هي التوبة وما حكمها؟
التوبة هي الرجوع من معصية الله الى طاعته لأنه سبحانه هو المعبود حقا، وحقيقة العبودية هي التذلل والخضوع للمعبود محبة وتعظيما.
فإذا حصل من العبد شرود عن طاعة ربه فتوبته أن يرجع إليه ويقف ببابه موقف الفقير الذليل الخائف المنكسر بين يديه.
والتوبة واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها ولا التسويف فيها، لأن أوامر الله ورسوله كلها على الفور والمبادرة، لأن العبد لا يدري ماذا يحصل له بالتأخير، فلعله أن يفاجئه الموت فلا يستطيع التوبة ولأن الاصرار على المعصية يورث قسوة القلب وبعده عن الله عزوجل وضعف ايمانه فإن الايمان يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان, والتوبة المأمور بها هي التوبة النصوح التي تشتمل على شرائط التوبة الخمسة وهي:
1 أن تكون خالصة لله عزوجل وألا يريد بها شيئا من الدنيا ولا تزلفا عند مخلوق.
2 ان يكون نادما حزنا على ما سلف من ذنبه ويتمنى أنه لم يحصل منه.
3 ان يقلع عن المعصية فورا, فيترك فعل المحرم ويفعل ما اجتنب من واجب.
4 ان يعزم على ألا يعود في المستقبل الى المعصية، فتلك ثمرة التوبة ودليل صدق صاحبها.
5 ألا تكون بعد انتهاء وقت قبولها، ووقتها قبل حضور الأجل، وقبل طلوع الشمس من مغربها.
ومتى صحت التوبة باجتماع شروطها وقبلت محا الله بها ذلك الذنب وان عظم، قال تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) سورة الزمر 53.
فهل للمسلمين مراجعة أنفسهم واعلان التوبة مما سلف قبل أن يفجأه الأجل, فالله يغفر مهما جل الذنب وعظم فرحمته سبقت غضبه.
* وكيل قسم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية