* نخطئ عندما نعتبر ان المادة هي اساس التطور والنمو,, ومهما يكن من أمر المادة وخطورتها في دور التنمية الا انها تبقى هياكل ناقصة اذا افتقدت للمجتمع الواعي المدرك لمعنى حقائق الحضارة,, وهناك فرق كبير وواضح بين استجلاب الحضارة واستقدامها وبين ايجادها والاستقلال الحضاري لاشك ان طريقه صعب مليء بالوعورة والاشواك وكثرة العقبات ليس من السهولة ارتياده الا بعد استكمال كامل العدة المادية والمعنوية وتوافر التصميم العام على احداث مكانة مستقلة في الميدان الحضاري.
ان المجتمع الواعي لمسئولياته هو في الواقع الاساس الذي تقوم على اكتافه الحضارة ويقدر تفهم هذا المجتمع وثقافته وتواجده في ساحة الزمن والرقي الحضاري بقدر ما تسير عوامل التنمية سيرا طبيعيا يبعث على الاطمئنان في ان الخطى التنموية تتجه نحو الهدف الصحيح قد تتمكن المادة من تقريب المسافة من الحضارة المستقدمة من حيث توافرها بين الايدي وتهيئتها في الاستخدام يعني في اطار الشكل ,, ولكن الحضارة من هذا النوع تبقى رهينة المادة تنتهي بانعدامها من هنا يجب الانتباه لمعنى الحضارة واسسها وان الجانب الثقافي الذي يلعب دور التكوين الحضاري لذلك ومن هذا المنطلق يجب ان يتخذ التخطيط التنموي منهجه وطريق مساره,, وهناك اكثر من دليل بان دولا شحيحة المادة لاتملكها استطاعت بفعل وعي الانسان فيها وثقافته ان تصنع لنفسها مستقبلا حضاريا كبيرا وتمكنت او في طريقها الى التمكن من الاستقلال الحضاري نتيجة انتشار الصناعة والحد من الاستيراد بحكم الاكتفاء الذاتي في كثير من الجوانب بل اننا نجد ان بعضها تعلم على المنافسة في الاسواق العالمية من حيث التصدير والمساهمة في تنمية الدول الاخرى بالخبرة والتجربة,, كل ذلك اعتمادا على الانسان الواعي قبل المادة وهذا لايعني التقليل من شأن المادة لكنها رغم ضروريتها لايمكن ان تصنع حضارة بدون انسان,, اذاً فقبل كل شيء يجب التفكير في ايجاد نهضة ثقافية عارمة تستخدم مختلف الوسائل للانتشار بين كافة طبقات المجتمع واقتلاعه من وباء الجهل وامراض الانانية وضيق الافق واللاوعي.
وعندما يتواجد الانسان المثقف وبالتالي المجتمع الواعي المدرك لمسئولياته المتطلع الى الافضل هنا يصبح للمادة معنى وللحضارة وجود.
ابراهيم محمد الجبر