الطلاق:حقيقته,, ومتى يقع؟ صالح بن سعد اللحيدان |
العجلة حرارة نفسية مندفعة من داخل سوداء العاطفة، فإذا صعدت الحرارة محطمة أسوار النفس ملتهبة نحو طريق لا يقر له قرار فذاك هو: الغضب، فهو حالة نفسية تقود ولا تقاد، حالة نفسية مُرّة لا تستساغ ولا حتى شيء من العجماوات هو يستسيغها فإذا صاحب العجلة مع الغضب سوء التصرف قولا أو عملا فهناك يكون الأمر في حال دون حال، والسبات ممات.
فكم ندم من ندم.
وكم مرض من مرض.
وكم جُنَّ من جُنَّ.
بسبب الثلاث.
وليست العجلة والغضب وسوء التصرف في التحليل الأخير إلا صورة لضعف الايمان وضعضعة الثقة وعدم احترام الانسان نفسه على الأقل.
هاهي بين يدي: رسائل، برقيات، فاكس، مع الحضور الشخصي الدائم، كلها تدور حول: مشكلة العجلة والغضب وسوء التصرف نتج عن هذا: طلاق أو قطيعة رحم، او حسد، أو حقد، أو وشاية ظالمة من قريب، أو حتى القتل بين شخص وشخص أو بين أشخاص وأشخاص.
وحينما تحضر العجلة الملتهبة ينتظر الغضب دوره ليكون سوء التصرف فيصلا فإذا الغالب هو: المغلوب خاصة إذا كان وراء هذا كله حاسد أو حاقد قريبٌ لك فإذا هو الشر يظهر بمظهر الناصح المحب وتنظر سوء التصرف فإذا من سعى ونمّ واغتاب على سبيل النصيحة هو: المغلوب وماذا عساه قد استفاد مما سببه من سوء سوف يتركه أدرك آثاره عليه، ماذا استفاد الواشي الناصح بعد كسبه الوجلة فالانتصار، لا جرم الندم وتجرع مرارة مغبة مجرد الرأي المبذول.
سهام لا تُخطىء، وكأن قد، دموع تليها دموع والغالب مغلوب فها هي دموع:
تدفعها الدموع عند انقطاع الحيل فإذا المغلوب هو الغالب في: دنياه أو أخراه، وليذهب الناصح المتزلف ظلما وزورا الى انتصاره حالا بعد حال، لكنه انتصار الضعف وجثوم المرض وقلق النوم وكثرة الأحلام، والاندفاع لتمجيد الذات فإذا هو: البوار، وسهام تصعد تدفعها الدموع في دياجي الظلم لترتفع الى من لا ينام، هناك ينتهي كل شيء وما سورتا: الحجرات والحج عنا ببعيد.
لعلّ هذا يكون مدخلا وبين يدي رسالة مطولة جرتني الى هذا المدخل المهم لعل قلبا يفيق أو عقلا يصحو فيكون هناك اجتماع لا ينفك أبدا يحيط بهذا الشر المستطير: العجلة، والغضب، وسوء التصرف، فلا يكون طلاق إلا بموجبه الشرعي الذي لا يحتمل التأويل.
والطلاق ما لم يكن له موجب صحيح سليم من المعارض فهو مرض سببه ضعف الشخصية، وضعف الايمان، وعدم تقدير النتائج حسا ومعنى، فما هو الطلاق؟ وكيف يكون؟.
الطلاق ليس أصلا بحد ذاته فهو ينشأ لخلل ما يكون بعد العقد سواء قبل الدخول أو بعده.
وأصله حسب المقتضى اللغوي أُخذ من كلمة: تخلية فتقول: طلقت الماء اذا خليته يندفع ليسقي الزرع، وطلقت هنا مهملة من حرف الألف (أ) هكذا: طلَّقتُ بتشديد اللام، وقد يرد تخفيفها ولستُ أظنها لغة قوية وفي المصطلح الشرعي: حل عقد النكاح أو حل بعضه.
والمقصود بحل عقد النكاح كاملا أو حله كله: الطلاق بالثلاث البينونة الكبرى .
أو حل بعضه الطلاق الرجعي البينونة الصغرى .
هذا هو المراد به حسب علمي لغة وشرعا، لكن هل يجوز: الطلاق ما دام انه ليس أصلا؟.
نعم يجوز، لكن لهذا الجواز: ضوابط رأيت من لوازم البحث طرقها حتى تتضح حال الطلاق وما يجوز منه وما لا يجوز؟ فمما يجوز منه ما يأتي:
1 يجوز حصول الطلاق من: زوج مكلف مميز متى ما حصل لازمه كتكبر المرأة وتدخل أسرتها بكل شؤونها مع سوء خلقها الذي لا يطاق.
فإذا لم ينفع معها نصح ولا هجر ولم يكن هو سبب سوء تصرفها فإن الطلاق جائز هنا، والصبر والتحمل مع المداراة والدعاء، فهذا فيه خير.
2 يجوز الطلاق بسبب انحرافها مع عدم القدرة على تقويمها، والتحمل هنا مع الدعاء خير من الطلاق.
3 يجوز الطلاق اذا لم يحصل منها الغرض المطلوب بعد بذل الأسباب ونقد النفس لأن بعض الأزواج قد يكون سببا لعدم حصول الغشيان.
4 يجوز الطلاق إذا كانت ذات انحراف شرعي مؤثر بمعنى ان انحرافها ينجرُّ الى الأولاد مع بذل كل سبب للاصلاح, والصبر هنا مع الدعوة والدعاء وازالة سبب الانحراف، هو الوارد.
- وهنا أرى ضرورة الابتعاد عن الحساسية الزائدة والتعقل ورؤية الحياة الزوجية بمنظار عاقل حكيم لا افراط ولا تفريط.
ولكن هناك حالات قد تستدعي ضرورة الحل دون وجوب منها:
ترك الصلاة.
ترك الصيام.
وما يشابه هذين دون تركهما بالكلية فهذا أمر قد يُفضل فيه أمر الطلاق ما لم يوجد الكفر البواح فلازمه لازم.
وما يقال هنا عن الزوجة يقال عن الزوج مع معرفة الأسباب وحالات الحاصل,, وكيف كان؟
ولا يجب الطلاق من زوج مكلف مميز إلا في حال الايلاء اذا لم يعد وأبى الفيئة .
وفي حال الكفر فلا طلاق مادام لم يصبح العقد أصلا.
وكذا حال إبدال الزوجة بزوجة أخرى كأن يخطب امرأة فيراها ويرضاها ثم يتبين له أنها ليست هي.
وهناك: حالات أقل من هذا قد تبطل صحة العقد وهي كثيرة لم أر ضرورة طرحها.
ولا يجوز الطلاق في حالات منها:
1 عدم الحاجة,, مع الإضرار بالزوجة كالتفريق بينها وبين أولادها.
2 لا يجوز الطلاق البدعي كمن يطلق زوجته وهي: حائض.
أو يطلقها في طُهر جامعها فيه أو يطلقها ثلاثا .
وهذه أمور تدور بين: هل يقع الطلاق أو لا يقع؟ لعلّي أتناولها في وقت لاحق ان شاء الله تعالى.
3 من أكره على الطلاق فطلق خوفا ولا يستطيع المدافعة: لمرض نفسي أو عجز تام عن التعبير بمعنى أنه لا يحسنه بسبب: خوف أو ضعف.
4 من طلق جهلاً في حال قرب عهد له بالاسلام.
5 من طلق زوجته خبباً والخبب هو إفساد الزوجة على زوجها بحيث تنفر منه ولا تريده ليتزوجها آخر.
6 من طلق وهو في حال: غضب شديد لا يدري ما يقول ولا يعقله.
7 من طلق زوجته بسبب تنفير أهلها لها لبغضهم له أو لسبب ما من الأسباب:
الموجبة لكراهته وبغضه دون وجه شرعي صحيح إنما لعصبية أو استخفافا به وعدم ناصر له.
وهنا أمور أحب التذكير بها منها:
1 يحرم الهزل بألفاظ الطلاق.
2 يجب التنبه للفرق بين الطلاق واليمين والظهار.
3 يحرم على المرأة أن تنام وزوجها عليها غضبان.
4 يحرم التلاعب بالطلاق، أو أن يتساهل به.
5 لا يجوز للزوج ان يكون سببا لتكرهه زوجته.
6 يحرم على أهل الزوجة أخذها من بيت زوجها دون وجه شرعي صحيح واضح.
7 يحرم على أهل الزوجة أخذ أولادها من بيته أو امساكهم عندهم بحيلة أو قوة أو بتهديد أو تخويف.
8 يحرم على الزوج الإضرار بالزوجة لذات سوء، أو إمساك أولادها عنها، وقد ورد النهي صريحا بتحريم فعل الزوجة أو أهلها منع الأولاد عن أبيهم وكذا الحال بالنسبة للزوج.
|
|
|