من الواضح الآن ان مفاوضات المسار الفلسطيني مع اسرائيل لحقت بأختها مفاوضات المسار السوري/ اللبناني مع اسرائيل، واصبحت حقيقة وواقعا في حكم المجمدة!
وأول أمس نشر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أسباب جمود أو احتمال تجميد المفاوضات مع اسرائيل بقوله طبقا لما بثته وكالة د,ب,أ: الفلسطينيون لن يستمروا في مفاوضات غير مجدية مع اسرائيل .
وطالب عرفات اسرائيل بتنفيذ الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين، ورفض أمام وفد من أعضاء الائتلاف الحكومي والمعارضة في الكنيست الاسرائيلي ما أطلق عليها اسم سياسة الاملاءات وفرض الأمر الواقع التي بات يتبعها رئيس الوزراء ايهود باراك مما يدل على انه لا يتعامل مع الفلسطينيين كشركاء في عملية السلام!!
ومن قبل أدت نفس السياسة التي يتبعها باراك الى جمود المفاوضات مع سوريا ولبنان، لأنه باراك يريد أيضا فرض الأمر الواقع في الجولان وفي جنوب لبنان بما ينتقص من سيادة سوريا ولبنان على كامل الأراضي المحتلة.
ولابد ان نخلص الى نتيجة منطقية لا يختلف عليها عاقلان لأسباب الجمود الذي ران على مفاوضات مسارات عملية السلام، وهي النتيجة ان اسرائيل لا تريد حقا اقامة سلام عادل وشامل مع الدول العربية أساسه مقررات الشرعية الدولية وانما تريد ان تفرض استسلاما عربيا لارادتها التوسعية، بما يحقق لها هدف الهيمنة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية على المنطقة العربية برمتها.
وقلنا من قبل في أكثر من مناسبة إن الانحياز الأمريكي الذي وصفه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله ضمن ثلاثة شروط وردت في مبادرته للسلام العادل والشامل ذات الثماني نقاط والتي أصبحت مبادرة عربية موحدة للسلام، وصف الانحياز الأمريكي لاسرائيل بأنه خطأ استراتيجي .
وأول أمس اتهم نلسون مانديلا الرئيس السابق لجنوب أفريقيا الدول الكبرى بالمساهمة في تعطيل مفاوضات السلام في الشرق الأوسط وقال: ان فرنسا والولايات المتحدة وروسيا تساهم عبر التنافس بينها في وصول مفاوضات السلام الى طريق مسدود أ,ف,ب, !
وقال: اذا قامت الولايات المتحدة بتقديم مبادرة تقوم فرنسا بنسفها، ثم تقوم روسيا - بدورها - بتعطيل المبادرتين الأمريكية والفرنسية !
ومعنى هذا أننا كعرب نضيع كثيرا من الجهد والوقت والمال في عملية وصفها الرئيس الفلسطيني قبل ثلاثة أيام بأنها عبثية !
يبقى السؤال الذي يفرض نفسه وهو: إلى متى نستمر كعرب مع اسرائيل في العملية العبثية هذه باسم السلام ؟!
وايا كانت الاجابة فإن سؤالا ثانيا يفرض نفسه أيضا وهو: ما الذي يمنع بذل جهود عربية لتوفير الضمانات العربية المطلوبة كشروط أساسية لعقد قمة عربية شاملة، تعالج الوضع العربي المتردي طالما ان جميع الحكام العرب قد عبروا عن تأييدهم لعقدها؟
والآن وقد أوصلت السياسة الاسرائيلية مفاوضات السلام في جميع مساراتها الى طريق مسدودة، فهل يحرك هذا الوضع أهل الشأن العربي لكي يفعلوا شيئا لانقاذ ما بقي من كرامة العرب ووحدة صفهم وموقعهم من قضاياهم الجوهرية والمصيرية؟
الجزيرة