Thursday 10th February, 2000 G No. 9996جريدة الجزيرة الخميس 4 ,ذو القعدة 1420 العدد 9996



مشهد
المسرح ليس في النسق الثقافي المحلي ولا في جدول الثقافة مؤسسة اجتماعية
محمد العثيم

المسرحيون عادة يحترمون الحوار حتى وهم خارج الخشبة,, والحوار باغراضة الجمالية النفعية يعطي الحياة معناها ولكن هناك فرقا شاسعا بين الحوار والجدل لأن الحوار بناء متسق لأغراض تبادل المعرفة وتوجيه الفعل لكن الجدل دوائر مغلقة على الطرف الذي ينبني الحق ان يأخذ الطرف الثاني بالأحسن.
والحوار الثقافي ليس لفظا بدوائر مغلقة هو على المسرح فعل جسد تتناطح فيه القيم أو تتقاطع في سبيل تحقيق رؤية سليمة خارج البث الدعائي لطرف على حساب طرف كما جادلني مجادل قبل ايام لائما أهل المسرح على عدم اسهامهم بكذا وكذا,, وهو في جانب محق اذا أخذنا المسرح الشرقي التعليمي وما تلاه من تطورات لمدارس اليسار في العالم الشرقي بل ويسار اوربا في الأربعينات والخمسينات من المائة عام المنصرمة.
الثقافة والمسرح بشكل خاص حوار ولكن المشكلة عند المسرحيين والدراميين تبدأ متى ما اتفق الفعل قبل نهياته وغرضه وأفضى بسريرته لظاهره ووصل المتحاورون لما نسميه التمايز من شعور بقلة الجدوى بمعنى خمود الثيمة في قاع إبداعها نتيجة انكفاء البطل والضد الى داخلهما أو تقدير أحدهما للآخر وهو أمر جمود الفعل الى أن يقوم المتصارعون بفك التمايز والخروج من أزمة تجمد الفعل,اقول للصديق المجادل وغيره,, من منطلق الحوار في بنية صراع التحول ورفضه بدوافعه الباطنية والخارجية ورغباته الداخلية والخارجية اذا كان الشعراء عندك هم مقلدي نزار والروايات في نظرك واحدة أو اثنتين من الوجدانيات والذاتيات سير اصحابها التي تحركها مركزية الذات، فإن المسرح الشكسبيري بروعته بلا شك سيكون في نظرك ونقدك في أروع اشكاله مثل الإسكتشات التمثيلية,, وباقي التسالي الحلوة في الليالي الحلوة بعد الشبع من طعام الإفطار وعندما يتوقف الذهن عن العمل تماما بسبب الدسم المشبع والغذاء الزفر.
هي كلمة لكل المخلصين في الثقافة وبالأخص أولئك الذين لا يفرقون بين المسرح ومجرد التمثيل,, والسيرة والرواية,, ويسمعون الأسماء الإبداعية ويرددونها ملبسينها أناس لا يصلون لها أقول ليس عيبا أن نجهل عالم الشعر وعالم النقد وعالم الفيزياء وعالم الكيمياء ونكون مثقفين في مجال واحد نمارسه وهو الكتابة الصحفية,, لأن جهلنا بالفيزياء لا يعني أنه ليست هناك فيزياء وجهلنا بالثقافة المسرح نخبة واستهلاك لا يعني أنه ليس هناك مسرح حاضر أو غائب أو حتى مغيب وأن المسرحيين كسالى منكفين على أنفسهم بدون عمل ولا حتى يفكرون بمسرحهم الخيالي ليل نهار كما يفكر الشعراء بقصورهم وطواحينهم الهوائية,,, ولكن إذا انك من المستمتعين بالأنساق الثقافية الجماهيرية فإن أكبر منجزاتها الكرة,.
وهي ثقافة جماهير تمثل دورا غوغائيا مهما كانت رزانة افرادها او تشكيلاتها الاجتماعية,.
وتشكيلها الغوغائي جزء من اللعبة في وقت اللعب وأثره ينتهي بمجرد المناسبة التالية,, بل لعل هناك ما هو اكثر جلبا للغوغاء وينسب نفسه للثقافة ولكنه ليس من ثقافة النخب ولا الوسط ومنه التنسب الثقافي بين المسرح والتهريج الخالي من المضمون والذي هو أصلا لاستهلاك اللهو وهذا دور اجتماعي لايمكن تجاهله.
ما أقوله هو أنه في ماهية المجال المسرحي جماليات موقوفة لجماليات الطقس الفني وبدهيات بسيطة للعمل على الأرض الإنسان كما هو ,, وقشور وسراب وهو أي المسرح مجال إنساني متسع يقبل أنساقا لا حصر لها من المعطيات الفنية والحسية,, فأجب نفسك عن هذ الاسئلة,, مالمسرح ومالدراما؟,, مالخشبة وما دورها وما قاعة المسرح وما دورها,, ما الجمهور وكيف يؤسس الفعل؟,,, ثم ما هي أعمال مشابهات المسرح في العرض الجماهيري,,؟ ما جزيئيات العمل المسرحي ذات الصفة الطقسية السلطنة الوجدانية أو التشنج أو الغياب في الفعل ما معنى العرض وما الفرجة ولماذا يعرض أحد فكره وجسده لمن يتفرج في العتمة,, ما ماهية الحضور وما دوره الكبير والصغير,, واسئلة أخرى في هرم الثقافة المسرح الذي بنته أكثر من اربعة آلاف سنة,.
كل هذا سيقول إن المسرح ليس التليفزيون فالحالة الإنتاجية مختلفة,,, وطبيعة الاستثمار والعائد مختلف,, واللقاء الحميمي الإنساني مختف وطبيعة الأثر مختلفة,, والدعم مختلف بين أساس في المؤسسة النظامية ومهمل في كواليس الحياة لا يعبأ به أحد.
كيف أرد على مثقف مجادل يلوم المسرح على عدم وجوده مثل الشعر والقصة في حياتنا الثقافية والفرق بين شاعر يرسل قصيدة,, وقاص ومن يحتاج ظهور أعمالهم الى عشرات من الفنانين والفنيين والمال,, مثل الموسيقى والمسرح.
وأقول من هنا لم تتح للمسرح السعودي البيئة الثقافية التي تجعله قيمة في المجتمع خارج المؤسسة التعليمية ومشاركا في شؤونه وهموم الناس الكبيرة والبسيطة لأنه لم يبنِ أي تراكم ثقافي,, وأكثر من ذلك ما زلنا نجد صحفيا يسأل وما فائدة المسرح في موضع محدد وكأن هذا الموضوع المشار إليه الأهم على دوائر النقاش.
وكان أحد الأصدقاء يقول لي لو خدم المسرح الرياضة لكان الأول في اهتمامات الناس على كل الفنون لأنه سوف يعيش على فتات النسق العام في الرياضة.
مسرح سعودي كان سيولد قبل سنوات تزيد عن العشرين لكنه لم يولد,, وعدم ولادته لا يعني أنه ليس مخاضا في رحم الأيام ولا يعني أنه قاصر وعاجز أو مريض أو ميت في المجهول كما يقول البعض,, كما أن قضايا هذا المسرح ومشاركاته ومسرحانيته الإبدالية ومهما اتخذت من اشكال ستكون من قيم الإنسان,, تدفع مرة وأخرى في اندياح الموجات المتوالية المؤثرة في كل شؤون الحياة بل هي تفرض نفسها خارج شكله وشخوصه من مفهوم فكرته,, هذا عكس الأثر الجارف قصير المدى الذي يحدثه الإعلام الجماهيري خصوصا اذا وضعنا الهدف الإنساني أولا ومسائل الارتقاء بالذائقة في مقدمة الاهتمام لأنه في نضر أكثر ممارسي الأدب يكون علاج الروح الإنساني خير من علاج أعراض مرض قشور التقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان,, وترك الداء في روح الإنسان,لن أحكي التاريخ بل سوف اذكر بداية المسرح السعودي يوم ولد في أحضان التلفزيون وانطلق للناس في تجربة أو اثنتين وانتهت امكانية مولد المسرح الصعب على الأرض يمكن ان يكون حلما يبدل عبر الشاشة الى مسرحية الشاشة وكنت قبل سنين كتبت لذلك ممنهجا انتاجيته وربما كتب آخرون ,.
حينها كنت أحمل بين يدي مشروعا لمسرح سعودي يمكن تفعيله عبر أجهزة الإعلام المرئي مثل التلفزيون والفيديو مؤقتا الى أن يجد مكانه على أرض وسأترك الحديث عنه لعدد قادم.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved