بوح تفسير وتحليل إبراهيم الحميدان |
لاشك بأن صحافتنا قطعت شوطا بعيدا عن خوض غمار الأحداث في طريق التفسير والتحليل وهي لهذا تجاوزت صحافة الأمس بأمرين اثنين أولهما هذه الاقلام التي تستوعب الحدث وتطلق العنان لتحليله وهي أقلام محلية بحيث لم نعد ننتظر المقال الاسبوعي للكاتب المرموق الفلاني حتى يفسر لنا أحداث العالم من وجهة نظر محلية انما كتابنا انفسهم أصبح في مقدورهم القيام بذلك الدور التاريخي بصرف النظر عن مصادر ذلك الانعطاف التحليلي, ذلك ان الاحداث تتدافع سريعة والاستقراء لا يعوز من يجيد اكثر من لغة عالمية خاصة ان وكالات الانباء تضخ الحدث وتحليله, ثانيهما ان الكاتب ليس ملزما بأن يجعل مصادره واحدة, فالافق السياسي لم يعد مقفلا عقب ان فرضت سياسة الانفتاح عن طريق وسائل الاتصال الحديث التي اقتحمت ما كان يعرف بالاسوار الحديدية سواء في المعسكر الشرقي او في داخل الاروقة الراديكالية التي تكتم أصوات الآخرين ليعلم صوتها هي ومع ان الانظمة العربية مازالت تتخبط غير عابئة بفطنة ووعي المثقف العربي الذي امتلك الحس وقابلية الاستقراء فهي تدور في حلقة مفرغة لا تريد الاعتراف بأنها أصبحت تابعة لمصادر القرار الغربي وهنا تبرز المشكلة المعقدة فعلاً وكم هو حسن وجميل الاعتراف بأن الحياة الحديثة فرضت ذلك التطابق المصلحي حتى مع الأعداء, لذا فإن واضعي السياسة الامريكية او المهيمنين عليها لم يتخلوا عن المصارحة فيما يبيتون من قرارات قد تكون قاسية علينا وربما جائرة وإلا فمتى كان الغاصب ينال ثمن استعماره وطغيانه، بل غطرسته؟ وهامش الحرية الذي حظت به الصحافة العربية مازال يلجم الصراحة والتحليل المنطقي أو العلمي حتى وان كانت اسرائيل عدوتنا الاولى تطالبنا عن طريق السياسة الامريكية أن نساهم في دفع نصيبنا من استعمار اسرائيل لهضبة الجولان وهو منطق الأقوياء الذي لا يعرف المجاملة, لذا فإن العالم ينتظر ردة فعل مثل هذه المطالبة التي بلغت المليارات من الدولارات حتى يسكت الشارع الاسرائيلي بغوغائيته وكراهيته للعرب لأن اليهود لا يهمهم في النهاية سوى منطق المكسب بصرف النظر عمن يدفع طالما ذلك سوف يزيد من قوة جيش الدفاع الإسرائيلي وهو في الواقع جيش الإرهاب والبطش والتنكيل وعلى جيوشنا أن تتعلم بعد فوات الأوان ان الحرب هي الحرب, والرحمة ليست من صفات الجندي، والدليل ما يحدث في المستشفيات على يد الجندي، الروسي وقبلها الصرب في كوسوفا وهكذا هي حضارة هذا العصر السفيه.
|
|
|