* في مدينة (بريدة) على سبيل المثال، اشاهد في العام الواحد اضافة أكثر من مستوصف وعيادة للأسنان!
وفي نفس العام الذي تتضاعف فيه مستوصفات الأسنان، تتضاعف محلات الحلويات! لقد كان أسلافنا لايعرفون الحلاوة إلا يومين في العام، يوم عيد الفطر، ويوم صرام النخيل (الجداد)!:
والله ماذقنا بنجد حلاوة إلا نهار العيد وجد الغرايس! |
وتستطيع اليوم ان تحكم بين رجل في السبعين يملك جواهره سليمة، وبين طفل في السابعة فقد جواهر فمه، حيث نخرها التسوس وأحالها إلى بقايا اطلال سوداء تصدع الرأس!
وأشد مايبعث الأسى حين ترى فتاة في عمر الورود قد أكل السوس اسنانها هل ترى ان حبات هذا العقد اللؤلؤي الابيض الذي التف حول رقبتها هو عوض عن تلك اللآلىء اللؤلوية الثمينة التي هاجمها السوس؟! بل أي نوع تلك الابتسامة التي ستجود بها لزوجها ليلة عرسها!.
لقد أدمن أطفال الجيل وشبابه الحلوى بأنواعها الشعبية والعصرية المعمولة داخليا والمستوردة من الخارج، وكذا المياه الغازية بكل انواعها وألوانها وطعومها ومكاييلها!.
نحن لانمارس دور التوعية لأطفالنا ولا ننبههم لأضرار الحلوى على الاسنان، بل ننقد لهم الدراهم ليجروا سراعا إلى (البقالة) فلا يعرفون من عروضها سوى الحلوى وما دخل السكر عنصرا في اجزائه!.
وهم بعد ذلك لايعرفون شيئا اسمه المضمضة، ولا المسواك الشرعي، ولا الفرشاة والمعجون، ولا شيئا اسمه نظافة الفم بعد تناول الحلويات وخاصة قبل النوم وقاية للأسنان من خطر التسوس الذي يهدم طول الليل!.
هل قلنا لأحدهم مرة اشتر بدراهمك فرشاة ومعجونا كافح به السوس الذي يغزو أسنانك العاجية البيضاء ويحيلك إلى هرم قبل أن تهرم؟!
هل قلنا للطفل إن اسنانك ثمينة، وإنها لا تباع بملايين الريالات، لأنها أهم من المال لك، فهي من مقومات حياتك وبقائك!؟
هل أعطيناهم دروسا عملية في المدرسة والمنزل والحياة لكي يستدركوا ما قد يفوت عليهم، وما لا ينفع فيه الندم!
هل شرحنا لهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ! وأبنا لهم الحكمة من السواك والمواد المعقمة والقاتلة للجراثيم التي تحتويها مادة المسواك وأنه مطهرة للفم مرضاة للرب والاسلوب الصحيح والسليم لاستخدامه، وأوقات السنة في ذلك، وطريقة حفظه وكيفية التعامل معه؟!.
إن توجيههم وتذكيرهم بهذه المعلومات مسألة هامة قبل الخوف على الاسنان، فالإنسان قبل الاسنان، وإذا كان هو اولاً فهي ثانياً!.
هل نبهنا أمهات الجيل إلى أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل حولين كاملين من ثديي أمه وأهميتها لصحته عموما وصحة ومتانة أسنانه؟!
إن العناية بنظافة الأسنان واجب ثقيل في البداية لكنه مايلبث ان يتحول إلى عادة حسنة والى تربية بيئية تتوارثها الأجيال وشاهدت مرة قبل عدة سنوات عبر نشرة الأخبار، خبرا مصورا لإحدى المعارك في جنوب شرق آسيا، وأحد الجنود ينظف اسنانه بالفرشاة والمعجون وسط المعركة بعد وجبة الطعام، إنها العادة التي ملكت وقتها فلم يقدر على تجاوزها! وانظر إلى العامل الفقير القادم من آسيا للعمل، إن من أهم محتويات حقيبته (الفرشاة ومعجون الأسنان)!.
وبعد فإن محلات الحلويات تعطينا الحلوى وتأخذ منا الدراهم، وأطباء الأسنان يُجرون الترميم والحشو وقطع الأعصاب والقلع لأسناننا ويأخذون منا الدراهم! ونحن بينهما نعطي ونحسبنا نأخذ! والحق الصريح الذي لا مراء فيه هو ان مقاومة الإسراف في تناول الحلوى واقتطاع جزء من بندها وصرفه لشراء منظفات الاسنان هو حل للتقليل من عيادات الأسنان وعرضها للتقبيل او على الأقل اقناعها بخفض الاسعار الباهظة التي لا ترحم إنسانا لم يرحم السوس اسنانه من قبل!
عبدالكريم بن صالح الطويان