في الاجتماع تقارب وفي الاجتماع تفاهم وفي الاجتماع اتفاق, وفي المشاورة والتشاور تقارب واتفاق, هذا هو الأساس الذي تقوم وترتكز عليه الاجتماعات المستمرة للإخوة وهذا هو منهج اجتماعات ولقاءات المسئولين بمجلس التعاون الخليجي.
ففي الاسبوع الماضي واتباعاً لهذا النهج الخيّر تشرفت الرياض قلب الخليج الدافىء وعاصمة الثقافة العربية لعام 2000 أو عاصمة الثقافة النقية كما يحلو للصديق الدكتور احمد السناني أن يطلق عليها من خلال زاويته الرائعة رجع الصدى باحتضان اجتماعات مكثفة كان روادها أصحاب السمو والمعالي وزراء الرياضة والشباب بدول مجلس التعاون الخليجي وكان هدفها الأول والأخير البحث في سبيل تطوير الرياضة الخليجية ومناقشة كل ماهو خير وصالح شباب الدول الأعضاء.
وكنا قبل عدة أيام وأثناء فعاليات خليجي 17 لبطولة الأندية الخليجية أبطال الدوري سمعنا عدة اصوات تنادي باعتبار اللاعب الخليجية لاعباً مواطناً في تلك المناسبات.
وفي الحقيقة لم تكن تلك الاقتراحات جديدة فلقد تكررت في مناسبات سابقة غير أن ما يميز توقيت تلك الاصوات في البطولة الأخيرة ويدعمها أنه على الرغم من تواجد اللاعب الكويتي جاسم الهويدي في صفوف فريق الهلال السعودي كلاعب محترف إلا أنه لم يستطع المشاركة في تلك المنافسة الخليجية, وكعادتهم تجاوب المسئولون عن الرياضة والشباب الخليجي لهذه الأصوات وللاقتراحات التي سبقتها, ففي اجتماع رؤساء اللجان الأولمبية بدول المجلس تمت الموافقة المبدئية على اعتبار اللاعب الخليجي كوطني وليس أجنبياً في منافسات أندية دول المجلس,, وهذا القرار وهو الذي من الممكن لنا تسميته بهويدي الخليجي نظراً لأن الأخير كان في الصورة مؤخراً نقول لقد كان القرار إيجابياً ولذلك نرفع اسمى آيات الشكر إلى المسئولين على اتخاذهم هذا التوجه حتى لو كان القرار مازال مبدئياً, ولكن دعونا نتحدث عن بعض النقاط المهمة والمتعلقة بهذا القرار بما أننا من جنس بشري طماع بطبعه ودائماً يريد المزيد ويبحث عن الكمال والكمال لوجه الله.
أولاً، بما أن هذا القرار والتوجه الخيّر تم تداوله وسيتم بشكل أكبر على مستوى إعلامي كبير من خلال جميع قطاعاته وقنواته تمنينا أن يخرج القرار بلغة أقوى وأبلغ, فلقد تم تداول القرار على أنه اعتبار اللاعب الخليجي كمواطن وليس أجنبياً فلو خرج على أنه السماح للاعب الخليجي المحترف بالمشاركة بالمنافسة الخليجية لكان أجمل وذلك ليؤدي القرار رسالته التربوية من جهة ولمواجهة الآثار النفسية المترتبة عندما يشارك اللاعب الخليجي المحترف فريقه الاصلي في المنافسات المقبلة من جهة أخرى.
ثانياً، لأن القرار خرج بتلك الصورة التي نتحدث عنها فلقد تم فهمه على أنه الحد الأعلى من السماح وهو ما يعني أن اللاعب الخليجي لن يعتبر بعد اليوم لاعباً أجنبياً في جميع المنافسات الرياضية بما فيها المنافسات المحلية, فعلى سبيل المثال ورد في أحد الملاحق الرياضية اليومية لإحدى الصحف السعودية خبراً بأن نادي الهلال يتجه الآن للتعاقد مع اللاعب الكويتي بشار عبدالله وذلك بعد قرار السماح باعتبار اللاعب الخليجي كوطني !!!
ثالثاً، نعم إذا كانت تلك الصحيفة اليومية ومحررها الرياضي قد فهموا هذا القرار بصورة شبه خاطئة فهل لنا أن نتفاءل ونطلب المزيد؟ فما هو المانع من أن جعل هويدي الخليجي يكتمل النمو كفكرة ليصبح بوسمان الأوروبي ؟
وقانون بوسمان هذا كان نتيجة لحالة أحد اللاعبين المحترفين الأوربيين التي تفاعلت وأصبحت أحد أهم عوامل حرية تنقل اللاعبين الأوربيين فيما بين دول الاتحاد الاوربي.
جين مارك بوسمان (Jean - Marc Bosman)كان لاعباً محترفاً في أحد الأندية البلجيكية (RFC Liege), وعندما قام ناديه بتخفيض راتبه طلب بوسمان أن يتم وضعه على قائمة الانتقال, ولكن فريقه وضع مبلغاً شبه خيالي مقابل الانتقال, وعندما أراد بوسمان الانتقال إلى ناد فرنسي (US Dunkerque) رفض النادي البلجيكي إنهاء عملية الانتقال وذلك لأن الاخير لديه شك في قدرة النادي الفرنسي على دفع المبلغ المتفق عليه, و امام هذا العائق اضطر بوسمان في بداية التسعينات الميلادية إلى أن يرفع الأمر إلى محكمة العدل الأوربية مطالباً بنصف مليون دولار كتعويض من ناديه والاتحاد البلجيكي والاتحاد الدولي لكرة القدم.
غير أن عملية المداولة انتهت كالصاعقة على النادي البلجيكي والاتحادات الرياضية الأوروبية فلقد أقرت المحكمة تطبيق المادة (48)من معاهدة الاتحاد الأوروبي والتي تشدد على حق المواطن الأوروبي للعمل والإقامة في أي بلد من بلدان الاتحاد الأوربي مع التمتع الكامل بنفس حقوق المواطن الأصلي , وعلى أثر هذا الحكم أصبح عدد اللاعبين الأوربيين في الأندية الأوربية غير محدود, كما أن هذا الحكم غير (أو ألغى) المبالغ المدفوعة مقابل عملية الانتقال.
فلقد قرر الاتحاد الدولي اعتبارا من 1 إبريل 1997م السماح لأي لاعب أوربي للانتقال إلى أي ناد في أي بلد من بلدان الاتحاد الأوربي عندما ينتهي العقد دون شرط دفع قيمة الانتقال, تلك هي قصة طيب الذكر بوسمان الأوربي فهل نتفاءل ونطمع بأن يكون لدينا هذا النظام؟
نعم فالأرضية لدينا جاهزة الآن لتطبيق هذا النظام, فبعد الاتفاقيات المشتركة المتواصلة بين بلدان مجلس التعاون الخليجي أصبح بإمكان الخليجي التنقل والتملك في أي بلد من بلدان المجلس, ويوم أمس الأول اجتمعت الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج وذلك لمناقشة موضوع أحاله إليها أصحاب الجلالة والسمو أعضاء المجلس الأعلى وهو توظيف الأيدي العاملة الوطنية وتسهيل تنقلها فيما بين دول المجلس وهو الأمر الذي يشير إلى تقدم الخطوات السريعة نحو مجالات التعاون الخليجية الكاملة إن شاء الله.
نتمنى أن يقوم أصحاب السمو والمعالي وزراء الرياضة والشباب في اجتماعهم القادم بالتأكيد على هذا التوجيه الخيّر والسماح (أو اعتبار) اللاعب الخليجي كلاعب وطني في جميع المنافسات الرياضية، وقد يكون البدء بالسماح بلاعبين أو ثلاثة على أنهم وطنيون خطوة جيدة نحو السماح الكامل لما في ذلك من أثر ملموس لتطور الرياضة الخليجية بشكل عام وكرة القدم الخليجية على وجه الخصوص.
لا للتشفير أما الحصر ففيه قولان
في اجتماعهم المبارك الأخير قرر وزراء الشباب والرياضة عدم بيع الأنشطة الخليجية حصرياً, ونعتقد أن الجميع سرّه هذا القرار الذي يحرص على تطور الرياضة الخليجية وعدم جعلها في أيدي أؤلئك الذين يعتقدون بأن أسرع طريق لتغطية الخسائر هو تحويل كرة القدم من رياضة للجميع إلى رياضة للمشتركين , غير أننا نعتقد ومن وجهة نظر تخصصية نابعة من دهاليز القانون الرياضي والتسويق الرياضي أنه وللمصلحة العامة فإنه لا للتشفير ولكن يجب أن يظل الحصر مفتوحاً, فإذا ماقامت إحدى الشركات بدفع مبلغ جيد يغطي التكاليف ويساهم بالتطوير وخاصة أننا في عصر الاحتراف والتكاليف الباهظة فمن الممكن أن يتم بيع حقوق النقل والرعاية وما إلى ذلك على أن يخضع ذلك إلى توفر شرط قيام جميع الدول الأعضاء بنقل تلك الأحداث على قناة أرضية, فنحن نريد أن تتحول المنافسات الخليجية إلى عالمية الصيت والمتابعة, ولكي يتم تنظيم ذلك يجب أن يتم الإسراع في إصدار لائحة خليجية خاصة لتنظيم النقل التلفزيوني للأحداث الرياضية.