Wednesday 9th February, 2000 G No. 9995جريدة الجزيرة الاربعاء 3 ,ذو القعدة 1420 العدد 9995



بيننا كلمة
تحديات الحاضر الفكري
د , ثريا العريّض

افكر في معنى النقد وموقفنا من الحقائق المؤلمة,.
بعضنا يرفض الاعتراف باخطائه,, وبعضنا ينهزم امامها, ولا جدال ان النقد الذاتي ضرورة للنمو فردياً وحضارياً, فحين لا ندقق في خطواتنا واجراءاتنا غير الناجعة لا يمكننا تفادي نفس نواحي القصور والمعوقات مستقبلا,, وبالتالي تتكرر التعثرات والخسائر بتكرار الاخطاء,, وقد نظل في متاهات ودروب مغلقة,, فبعضنا يعتقد ان رفض تصرفات الآخرين، يحلل تصفيتهم,, وبعضنا لا يفرق بين نقد الذات ورفض الذات وجلد الذات,, فبدلا من التأمل الايجابي الناضج الذي يتيح تحريض الذات للنمو والتطور، يكتفي بالاحكام السلبية ويتراجع الى اعلان العجز عن التعامل مع المواقف الضاغطة سواء في الماضي او المستقبل,, وبذلك يتم التخلي عن مسؤولية تطوير الحلول المناسبة، والغاء دورنا في معالجة التصحر الفكري, وقد حدث ذلك بعد كل تعثر ونكسة حضارية، يتبعها حالا تصاعد موجة رفض خصوصياتنا وعلى رأسها الثقافة والهوية, ومدى استعدادنا للاستسلام لهذا التوجه السلبي القاتل يتضح مستشرياً بأوضح صيغه بعد النكسات السياسية والعسكرية,, بالذات في مواجهاتنا مع عدو خارجي باهر التفوق.
وهنا موقع التعثّر,, الرغبة في تحصين او تحسين خصوصيتنا يجب ألا تختزل في النظرة الاحادية, وقد نعي خطر تحيزنا لقراءة ماضي الامة بسطور مذهبة، ولكننا حين نشيد بتفوق الآخر يجب ان نحارب نوعاً مغايراً من الاستلاب لا يقل خطرا,, علينا فيه ان نتعدى ضحالة الانبهار بالقشور المظهرية، كاستيراد كل صرعات سوق الاستهلاك، او تقليد مظهريات الابداع والفن في الغرب، الى تأمل الاسس التي جعلت المؤسسات الغربية او الشرقية اداة فعالة في خدمة احتياجات مجتمعها الخاص, اما الانبهار السطحي فيؤدي الى تقليد التصرفات الهامشية ويفقدنا الاحساس بالانتماء الى انفسنا كمجتمع ذي صيغة ذاتية خاصة.
ما يميّز المجتمعات المتقدمة حضاريا وثقافيا، بجانب اسلوب الحياة بادوات متطورة، هو كون فئة المفكرين القادرين على ريادة التغيير تشكل نسبة عالية بين مواطنيها ككل, قد نستنتج ان انخفاض نسبة المثقفين دليل على التخلف المجتمعي، ولكن ما يحتاجه مجتمعنا ليس فقط تنامي العدد القادر على القراءة والكتابة حرفيا، او حتى الدخول في سجالات وحوارات اكاديمية نخبوية، او تقديم اطروحات في حذافير متقوقعة, ما نحتاجه بصورة اكثر مصيرية هو اطلاق قدرة المثقف والمفكر على التأثير الواعي في اوضاع واقع الحياة فهو حتى الان محجم الفعل بسبب تخوفات المجتمع وتوجسات الانظمة من اطلاق طاقاته، ولابد من تفعيله ليتجاوز مرحلة النقد الهدام الى مرحلة مسؤولية البناء والفعل، ويقودنا بفعله للتوقف عن ممارسة الاستسلام للتصحر.
الخطر الحقيقي ان يعتاد مجتمعنا العربي الاسلامي حالة الجدب الفكري والعقم, والمطلوب تحديث واثراء روافد الثقافة وبرامج التعليم لإحياء القدرة الفكرية والعلمية والتقنية، وتعويده الابتكار والاضافة,.
فهل مثقفنا قادر على اداء دوره في تغيير بنية الفكر العام، ودعم صانع القرار كرائد للتغيير المجتمعي المأمون، باشراك المجتمع كله ايجابيا؟,.
تحد مصيري جسيم،,, ثم يصدم من يحمل عبء المبادرة حين يجد ان اليد المغلولة لا تحسن العمل، وان اليد الواحدة لا تصفق، وان اصخبهم صوتا ليس بالضرورة اكثرهم فهماً، وان الكثرة تهزم الشجاعة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved