جميل جداً أن يؤكد رئيس وزراء لبنان سليم الحص على أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على بلاده لن ينال من عزائم اللبنانيين لمكافحة الاحتلال.
ولكن الأجمل من ذلك أن يتجاوز رد الفعل العربي لهذه الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على استقلال وسيادة لبنان، وتدمير منشآته المدنية الحيوية وقتل المدنيين الأبرياء، حدود الشجب والتنديد السلبيين إلى موقف عربي عملي تضامني مع لبنان الذي بدأ الآن يواجه وحده غارات سلاح الجو الاسرائيلي، وقصف المدفعية الميدانية الثقيلة والبعيدة المدى للمدن والقرى، والبنى التحتية التي تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشعب اللبناني الشقيق.
فلبنان وحده رئيساً وحكومة وجيشاً وقوى أمن وشعباً لا يملك ما تحت ايدي قادة اسرائيل من سلاح وعتاد حربي وآليات تقنية لمواصلة هذا العدوان الخطير على لبنان الشقيق.
واذا التفتنا إلى العالم الخارجي نجد أن مواقف الدول التي تملك القدرة على صنع القرار الدولي، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، ليست مواقفها بأكثر من مجرد الشجب والتنديد، والدعوة المبهمة إلى ضبط النفس، وهي دعوة موجهة إلى المعتدي والمعتدى عليه على قدم المساواة!!
وكان يمكن للشجب والتنديد أن يكون لهما الأثر الايجابي لو كانت الدولة المعنية بهما غير اسرائيل التي عرفت منذ قيامها عام 1948م في أرض فلسطين والى يومنا هذا باحتقارها للأمم المتحدة، واستهانتها بقرارات هذه المنظمة سواء صدرت من جمعيتها العامة، أو من مجلس الأمن المسؤول بنص الميثاق عن الأمن والسلام الدوليين والمسؤول أيضاً عن تطبيق القانون الدولي الإنساني الذي يحمي المدنيين والمرافق المدنية من الاعتداء عليها في زمن الحرب.
ومن هنا ندرك أن الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان منذ احتلالها لجنوبه منذ ما يقرب من ربع قرن، هي اعتداءات صارخة على الشرعية الدولية بعد أن وضح عجز القائمين على صيانة مبادئ وأحكام هذه الشرعية عن ردع اسرائيل، وبعدما اطمأنت اسرائيل إلى سلبية مواقف الدول صانعة القرارات ازاء سلوكياتها البربرية الخارجة عن القانون الدولي,, كما اطمأنت الى حماية بعض تلك الدول الكبيرة لها من أي عقوبة يمكن أن تفرض عليها بنص ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وازاء كل هذا العجز وكل هذه السلبيات التي جعلت لبنان الشقيق يقف وحيداً بمواجهة العربدة الاسرائيلية التي لم يعد خافياً ما تسعى إلى تحقيقه في لبنان وهو تركيعه وتسليمه لها وتوثيقه اتفاق سلام منفرداً معها, إزاء كل هذا لا نملك إلا أن نقول للبنان: لك الله.
الجزيرة