Wednesday 9th February, 2000 G No. 9995جريدة الجزيرة الاربعاء 3 ,ذو القعدة 1420 العدد 9995



هل تعود الحرب الأهلية في لبنان بسبب الصراع الطائفي؟
مقتل العميل الإسرائيلي يؤجج النزاعات الطائفية ونجاح عملية السلام كفيل بتفكيك ألغامها

* بيروت محد سلام د,ب,أ
عادت نزاعات الطوائف لتطفو على سطح السياسة اللبنانية للمرة الاولى منذ اتفاق انهاء الحرب الاهلية الذي انجز قبل 11 عاما في مدينة الطائف وحمل اسمها فهل تتجدد الحرب؟.
الملاحظات المقلقة كما الاسئلة الحائرة تتناقلها الاوساط المتتبعة للسلم الاهلي الهش في البلد المؤلف من 18 طائفة يلحظها هيكل توزيع السلطات السياسية وما لا يقل عن ثماني من المجموعات العرقية اصبحت جزءا من النسيج الاجتماعي المتكون من ارث حربين عالميتين، اضافة الى شريحة اللاجئين الفلسطينيين التي تعيش فيه منذ 52 عاما ولا تملك اجابة عن غدها, دبلوماسي عربي رفيع تلعب دولته دورا بارزا في السياسة الاقليمية استعمل تعبير غير بريئة لوصف الحملة الكلامية المنسقة التي شنت على المرجع الاعلى للطائفة المارونية البطريرك نصر الله صفير لانتدابه نائبه المطران مارون صادر بحضور العزاء على الرجل الثاني في ميليشيا جيش لبنان الجنوبي عقل هاشم، الذي اعلن حزب الله مسئوليته عن اغتياله الاسبوع الماضي.
ورأى الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه في الحملة التي استهدفت صفير واستتبعت برد عنيف من قبل زعماء سياسيين مسيحيين، خروجا على الصيغة غير المعلنة لاتفاق الطائف الذي اعاد توزيع السلطات السياسية بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين مما نزع فتيل القتال بين الطوائف وان حوله الى نزاع ضمن الطوائف .
تحت صيغة النزاع ضمن الطوائف وفق رأي الدبلوماسي، جرت كل الصراعات الدموية والسياسية في لبنان منذ عام 1989 واولها الحرب المسيحية المسيحية بين قائد الجيش الاسبق ميشال عون المنفي الى باريس وقائد ميليشيا القوات اللبنانية المحظورة سمير جعجع المسجون في وزارة الدفاع.
صراع عون جعجع ، الذي عرف ب حرب الالغاء اسفر عن عملية انهاء الحرب الاهلية عبر طرد عون من عرينه في القصر الجمهوري في ضاحية بعبدا شرقي بيروت في 13 تشرين الاول/ اكتوبر من العام 1990م.
ويشير الدبلوماسي الى انه ايضا تحت سقف صيغة النزاع ضمن الطوائف وليس بين الطوائف جرت الحرب الدموية بين حزب الله وحركة امل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري والتي ما زالت مستمرة بمستوى مشاحنات صغيرة بين انصار الطرفين في القرى والاحياء السكنية.
ويضع الدبلوماسي الصراع المستمر منذ نحو خمس سنوات بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والمرجع الروحي للطائفة الشيخ بهجت غيث، تحت صيغة النزاع المسموح به ضمن الطائفة كونه لا يؤدي الى صراع على المستوى الوطني وعلى العكس من ذلك فان الحملة التي استهدفت البطريرك صفير هي مؤشر خطير على عودة الصراع في لبنان الى مناخ الصراع بين الطوائف الذي ادى الى اندلاع الحرب الاهلية في 13 نيسان/ ابريل/ من عام 1975.
منتقدو صفير، وغالبيتهم من طوائف اسلامية او من احزاب موالية لسوريا، اخذوا عليه انتداب ممثل شخصي للمشاركة في جنازة عميل للعدو الاسرائيلي ورأوا في ذلك موقفا سلبياً للكنيسة المارونية تحديدا من المقاومة ضد اسرائيل التي يتولى غالبيتها حزب الله وحركة امل.
المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى رأى في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي ان ما حدث في بلدة دبل المحتلة (حيث دفن هاشم) انزل اساءة كبيرة بكرامة لبنان وسيادته وبقدسيته المقاومة وثوابت الوفاق الوطني اللبناني وان الامر يحتاج الى معالجة عميقة وجذرية لم تحصل حتى الآن .
اما محمد حسين فضل الله فاعتبر ان ما يبعث على الدهشة انه في وقت يصرخ فيه العدو ليعترف بان مقتل كبير عملائه شكل ضربة أليمة جدا، نجد ان موقعا دينيا ورسميا يبعث من يمثله ليتكلم عن هذا العميل بما لم يتكلم عن اي شهيد من شهداء المقاومة .
الكنيسة المارونية بقي ردها مقتضبا الى ان عائلة هاشم نعت غبطة البطريرك فانتدب من يمثله في واجب ديني.
ولكن ردود رجال السياسة والاعلام المسيحيين كانت لا تقل قسوة عن الحملة التي استهدفت صفير في موضوع هاشم تحديدا معتبرة ان الطائف المارونية هي التي تتعرض للهجوم وتولت الدفاع عنها.
النائب رشيد الخازن ممثل قضاء كسروان المعقل الماروني شمالي بيروت انتفض وهو يصيح بحدة في تصريح للصحافيين بطريرك الموارنة يستطيع ان يقول ما يريد ولا احد يستطيع ان يسأله اي كلمة .
حزب الكتلة الوطنية بزعامة السياسي الماروني المخضرم المقيم في المنفى الاختياري في فرنسا منذ نحو 25 عاما ريمون اده اصدر بيانا رأى فيه ان الاغتيال امر سياسي ووطني وهذا من حق المقاومة اما ممارسة الشعائر الدينية فهي من صلب الاديان .
وحذر حزب الكتلة الوطنية المعروف ببعده عن التشنجات السياسية من انه ليس لاحد الحق في ان يتعاطى في اديان الآخرين .
مدير التحرير التنفيذي لصحيفة النهار المستقلة ادمون صعب، رأى في مقال مطول انه انطلاقا من ان الراعي يجب الا يتخلى عن قطيعه وان ضل بعضه الطريق، وان عدالة الارض لا تقطع طريق الرجاء والرحمة، لبى (صفير) نعي عقل هاشم الذي اعدمته المقاومة جزاء ما ارتكب من فظائع في حق شعبه وثمنا لعمالته للمحتل تاركا لخالقه ان يحاكمه المحاكمة الاخيرة ويدينه الا اذا كان ديانو الارض باتوا يمونون على السماء .
وشدد صعب على ان صفير لم يبدل موقفه من المقاومة وحق لبنان المقدس بها، لا اسلاميتها ولا انتساباتها السورية والايرانية وما اليها في اشارة الى علاقات حزب الله بسوريا وايران.
وشدد الدبلوماسي العربي على ان من يتذكر جيدا ان شرارة الحرب اللبنانية انطلقت من خلاف بين مسلحين فلسطينيين مسلمين ومسيحيين امام مدخل كنيسة في ضاحية عين الرمانة جنوبي بيروت العام 1975 يدرك الابعاد الخطيرة لتجاوز النزاعات الضيقة حدود الطائفة الواحدة بحيث تستهف طائفة او طوائف اخرى في لبنان.
ولفت الى انه في خضم سيل المواقف المناوئة والمؤيدة للكنيسة المارونية برز مؤشر لا يقل خطورة عن الحدث بذاته: دار الفتوى للطائفة السنية دافعت عن الكنيسة المارونية اذ اعتبر خطباء صلاة الجمعة ان الحملة على البطريرك صفير هي تجن وافتراء .
ورأى الدبلوماسي ان الموقف السني يؤشر الى تحالف مع الكنيسة المارونية, والطوائف لا تلجأ الى التحالفات الا عندما تستشعر خطرا علما ان الطائفة السنية كانت قد استشعرت خطرا ما عليها عندما وجهت اليها اتهامات اقله بالعطف على المجموعات الاصولية التي ضربها الجيش اللبناني في منطقة الضنية الشمالية الشهر الماضي.
وخلص الدبلوماسي الى ان استشعار الخطر عن الطوائف كان دائما المدخل الى الحروب الاهلية التي عصفت بلبنان منذ 140 عاما وما انتعاش حالة النزاع الطائفي الان ولو سياسيا فقط، سوى دليل على ان قشرة السلم الاهلي مازالت رقيقة رغم مرور عشر سنوات على انتهاء الحرب .
ويبقى السؤال: هل تتصاعد النزاعات الطائفية لتصبح حلقة عنف جديدة؟ الجواب في رأي الدبلوماسي رهن بتطورات عملية السلام في الشرق الاوسط التي في حال نجاحها يمكن ان تساهم في تفكيك الالغام الطائفية كما هي رهن بالدور الملقى على عاتق الجيش اللبناني الذي كم الدخان المتصاعد من فوهة بركان الحركات الاصولية في الشمال.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved