المرأة الأم ودورها في جناح الأبناء مندل عبدالله القباع |
إن المرأة الأم حياتها مليئة بالمفاجآت وقد تكون ايضا مكتظة بالمشكلات والتوترات وتقابلها العديد من العراقيل والصعوبات، فقد تشعر بالاحباط نتيجة زواج غير موفق أو الاقتران بزوج غير مبال يحمل الكثير من العادات السيئة والخصال اللاتوافقية مما يشعرها بعدم الرضا عن هذه الحياة التي تظللها المنغصات، تلك التي تفتر معها مشاعر الحب، وتزيد من حجم التذمر والغضب والحنق والمعاناة والضغط العصبي، وهذا يحيل الى انخفاض الروح المعنوية في الحياة الزوجية وذلك لعدم الامان او الاستقرار، وهبوط الحالة المزاجية وعدم الرضا.
فإذا لم تحل المشكلة ولم تتجدد الحياة الزوجية ولم تمتلىء بالحب والمودة والرحمة والتوافق انعكس ذلك على الابناء بالضرورة مما يشعرهم بالحرمان من العطف والحنان والسكينة والحب,, ومن ثم فان اللاتماسك بين الزوجة وزوجها كفيل بأن يكتسب الابناء عادات سيئة يسودها الاضطراب ويظلها تنشئة خاطئة، وانعدامية القيم، وتقطع اواصر العلاقات السليمة نتيجة الانحراف في المزاج والسلوك واللاسواء في المناخ البيئي.
اما والحالة هذه فتضعف معها عملية الاشراف على الابناء وتنعكس الروح المعنوية الهابطة للأم على ابنائها فتضعف بالتالي روحهم المعنوية، وقد يكون القرار الايجابي بالخروج من المنزل أو السلبي بالاغتراب عن البيئة الاسرية.
ومن خلال خبرة الكاتب في هذا الميدان (الاحداث) تلاحظ لنا ان 75% من حالات الايداع المؤسسي هم سليلو اسر مفككة فالجنوح في هذه الحالة يمثل حالات لم تهيأ لها الفرصة الاسرية للنمو السليم, فالاساس الوجداني من اهم الاسس التي لا مفر منها لنجاح العملية التربوية بمعنى ان يسير نمو الحياة الانفعالية للطفل سيرا طبيعيا لا تشوبه او تعوقه نقائص في علاقاته العاطفية داخل الاسرة, فإذا لم يكن هذا النمو الوجداني نموا سليما دخل الطفل الى الحياة غير مزود برغبة نحو ارضاء المجتمع, وهكذا يصبح لااجتماعيا في اعماق نفس وامتلاكه المفهوم السلبي للذات, ازاء ذلك يسلك الابناء سلوكا يتسم في ظاهره بأنه سلوك اجتماعي دون ان يكون في الحقيقة قد انسجم وتكيف مع المجتمع,, وهؤلاء الاطفال الذين ينشؤون في هذا المناخ ينطوون في سلوكهم على انحراف كامن حين يجد الفرصة سانحة في اي زمان أو مكان عبر عن نفسه وصار سلوكا ممارسا ملموسا في تصرفات حياتية.
ولقد اكد هذا الاتجاه العديد من الدراسات في الداخل والخارج ففي دراسة (حسن الساعاتي) وجد ان 4,67% من الاحداث الجانحين قد انحدروا من اسر غير متوافقة ومفككة وفي دراسة قام بها كاتب هذا المقال موضوعها الترابط الاسري وأثره في تكوين شخصية الشباب تلاحظ ان نسبة 50% من عينة الدراسة غير راضية عن وضع الاسرة و50% افادت بأن ثمة شجارا دائما بين الاب والام وان 32% لا يهتم بهم احد في المنزل وهو ايضا نمط غير سوي من سلوك الآباء، كما ان وظائف الاسرة في التربية والتنشئة الاجتماعية وغرس القيم والاتجاهات لها تأثيراتها ذات الفعالية في السلوك السوي والسلوك المنحرف على حد سواء على اساس ان السلوك المنحرف هو جزء من نتائج العلاقات الاجتماعية وتأثر الطفل بها.
وتوصي الدراسة في هذا الصدد بأن الاسرة السعودية على الرغم من تميزها بالاستقرار والتماسك والتوازن بفعل ثقافة المجتمع الا ان بعض الاسر قد اصابها التغير الملحوظ نتيجة طبيعية لتلك التغيرات المجتمعية السريعة والمتلاحقة.
وتزداد همة الدولة في العمل على ترقية الاسرة وتنميتها عن طريق فتح آفاق التعليم والاهتمام بالمرأة وتعليمها وتوعيتها وتقديم سبل الرعاية الاجتماعية والصحية، وتمكين الاسرة في عمومها من العيش في رغد وسد كافة احتياجاتها دون معاناة او شطط او التقليل من شأنها او الجور عليها لاي سبب من الاسباب.
والحق نقول ان الاسرة السعودية مازالت تنأى عن مهاوي الباثولوجيا الاجتماعية، والتوترات النفسية ومازلنا نلحظ مسئولية المرأة الام في تربية ابنائها، وتميز بيتها بالدفء والحنان والعطف في ظل السلطة الضابطة للاب، وانها تأخذ بايدي ابنائها وتجد في وقايتهم من الاضطرابات السلوكية ايا كان نوعها، ومهما كانت ضغوط الحياة الاقتصادية او الاجتماعية بفعل الهجرة من الريف الى الحضر، أو بفعل الحراك الاجتماعي افقيا ورأسيا.
اما ما يحيط بالأسرة السعودية من بعض الهنات فهي للحقيقة لم تنل من بناء الاسرة الفيزيقي والاجتماعي فيمكن اسقاطها عن طريق التوسع في فصول تعليم الكبار من الرجال والنساء على السواء، والاهتمام بالتوعية وبرامج الارشاد والتوجيه الاجتماعي والنفسي في المدارس والمؤسسات الاجتماعية وبذل مزيد من الاهتمام بالبرامج التعليمية والتأهيلية وبوسائل الاعلام المختلفة فضلا عن الاهتمام بدور المسجد في التوعية والحاق مراكز ارشادية وتعليمية وثقافية بالمساجد العامة، والاهتمام بتخطيط المناطق العشوائية وتزويدها باحتياجاتها من المرافق والخدمات العامة.
|
|
|