بشار بن برد,, يكاد يكون اشهر الشعراء الهجائين,, لان شعره الهجائي يتدنى الى ما هو سوقي جارح يلتصق بالاذهان,, وهو ما يخشاه كثير من اهل زمانه,, كان يتسلط بشعره الهجائي وهو صغير فكان الناس الذين يسمهم بهجائه يشكونه الى والده,, فكان يضربه,, وتقول أم بشار لوالده: لماذا تضرب هذا الصغير الاعمى؟ فيرد عليها بأنه سليط اللسان على الناس, لكن بشار امام جدة امه في الرد على والده يقول لوالده: دعني,, والله لأغنينك بشعري هذا, فيقول له والده: لكنك تؤذي الناس ويشكونك إليّ, فماذا تريدني ان اقول لهم؟ فيرد عليه الاعمى الذكي ويقول: قل لهم (ليس على الاعمى حرج) فكان برد والده يرد عليهم بما قال ولده,, فيقول الناس: فقه برد اغيض من شعر بشار, وسر قسوة هجاء بشار ان بشاراً لا يهمه ما يقول, ويتلذذ بما يقوله خاصة اذا كان قد بالغ في النكاية,, ومع ذلك كان بشار يخشى بعض الشعراء الهجائين خاصة أبا الشمقمق,, رغم انه لا يصل الى درجة بشار في الشعر, لكن الرجل القوي دائما لا يريد ان يعدد مثالبه اي واحد من الناس حتى ولو كان لا يصل الى درجته فيحاول ارضاءه كفا لشره وخوفا من ان يتناقل الناس ما قيل فيه, ورغم انه عاصر جريراً الشاعر الكبير والمشهور لكنه لم يصل الى درجته في الشعر ويقول بشار: هجوت جريرا ولو رد عليّ لكنت اشعر الناس وهكذا نرى كيف ان بشارا كان يريد الصعود على اكتاف من هم ابرز منه واقوى وامكن شاعرية, لكن جريراً يدرك ذلك فأعرض عنه ترفعا، كما كان بشار يحسب لأبي الشمقمق حسبانا حيث كان يعطيه بعض المال خوفا من هجائه وكان يعطيه كل عام مائتي درهم فكان ابو الشمقمق يذكره بها كلما حان وقتها ويسميها الجزية,, وكان أبو الشمقمق لا يتورع من تهديد بشار بالهجاء اذا لم يعطه هذه (الجزية) وكان قد قال فيه بيتين من اقذر الشعر لا يسمح المكان هنا بروايتهما لقذارتهما,, لدرجة ان بشاراً قال له: لا يسمعن هذا منك الصبيان,, ولعل هؤلاء الصبيان يتحرشون ببشار لكونه اعمى ويؤذونه ويرددون خلفه بعض الاهازيج الهجائية التي يقولها اعداؤه,, مثلما حصل له عندما تقول عليه ابو الشمقمق وقال سمعت صبيانا يرددون:
هللينه ,,, هللينه طعن قثاة لتينه ان بشار بن برد تيس اعمى في سفينه |
فأخرج اليه بشار مائتي درهم,, وقال: خذ هذه,, ولا تكن راوية للصبيان,, وهكذا,, نرى ان الشاعر مهما بلغ من القوة في الهجاء,, فإنه يكون غالبا لديه مغمز يضعفه امام من هو اقل منه مكانة شعرية ولكل آفة ,,, آفة.