* ليست المشكلة في عملية الانتقالات الاحترافية التي شهدتها الساحة الكروية في المملكة، فما حدث او سيحدث بعد تعديل لائحة الاحتراف في اصدارها الثالث هو أمر مطلوب لتنشيط فكرة الاحتراف وبالتالي اعطاء لعبة كرة القدم السعودية دفقاً أكبر يوصلها الى مستويات أعلى منشودة تعود بالنفع على كرة الأندية وبالتالي على الكرة الخضراء التي يمثلها منتخبنا الاخضر، المشكلة من جهة أخرى قد تثور في الاطار الذي من خلاله تتم الانتقالات الاحترافية وهو اطار اطرافه دائماً وأبداً هم اللاعب والأندية والنص القانوني للائحة الاحتراف والصلاحيات المعطاة للجنة الاحتراف واوضاع اللاعبين للاشراف على تطبيق نصوص اللائحة.
* التعديل الأساسي والهام لتنشيط عملية الاحتراف حسب الاصدار الثالث للائحة هو السماح بالتعاقد مع اللاعبين المنتهية عقودهم مع انديتهم دون ضرورة الحصول على موافقتها بحيث وضعت مدة زمنية قدرها 60 يوماً تبدأ من تاريخ موافقة لجنة الاحتراف على تسجيل اللاعب في ناديه الجديد يجب خلالها على الناديين الاتفاق على الانتقال، واذا لم يتم الاتفاق بين الناديين على ذلك خلال الفترة المحددة فإن الأمر يحال للجنة الاحتراف لتحديد قيمة الانتقال وفقاً للمعايير المتبعة في الاتحاد الدولي وذلك خلال 30 يوماً من انتهاء مهلة ال60 يوماً السابقة، وبالتالي فان هذا النص ومن اول وهلة يعطي انطباعاً بان هذه النقلة في تجربة الاحتراف ستمر دون مشاكل او عقبات، غير ان الوضع في كثير من التعاقدات التي شهدتها الساحة كان غير ذلك حيث تحولت هذه التعاقدات الى اثارة إعلامية اثارت اسئلة حول غياب نصوص وضوابط كان يجب إيرادها في اللائحة للتعامل مع مثل هذه الحالات.
* من المآخذ الأساسية التي تؤخذ على لائحة الاحتراف بعد تعديلها الأخير هو عدم وجود معايير واضحة ومحددة ومعلنة لتقييم العائد المادي الذي يحصل عليه النادي المنتقل منه اللاعب، وبالتالي فان عدم وجود مثل هذه المعايير سيؤدي بالضرورة الى انتهاء فترة ال60 يوماً دون اتفاق الناديين على مبلغ الانتقال لان هذه الأندية لا تعرف المعايير التي تحدد العائد المادي للاعب، وبالتالي تمضي هذه الفترة دون اتفاق، ويحال الأمر بعدها للجنة الاحتراف مثلما حدث في جميع حالات الانتقالات الاحترافية السابقة ما عدا صفقات فؤاد المقهوي ومحمد الدعيع وفؤاد أنور وفهد المهلل التي اتفقت الأندية فيها على سعر محدد لانتقال كل لاعب، وبالتالي فإن عدم اتفاق الاندية على قيمة الانتقال وهو أمر سيزداد مع مرور التجربة وكثرة انتقالاتها ، سيؤدي بالضرورة الى كثرة اللجوء للجنة الاحتراف لتحديد اسعار عقود اللاعبين نظراً لان المعايير ليست معروفة للأندية التي تطبق التجربة، وبالتالي سيثور خلال الفترة التي يحال فيها الأمر للجنة جدل إعلامي لاداعي له بشأن كل حالة انتقال تحال لها نظراً لان معايير تحديد سعر صفقة احترافية معينة غير واضحة لا للأندية ولا للإعلام الرياضي، وهذا الأخير هو طرف يجب تأكيد اهميته في ترسيخ تجربة الاحتراف ومساعدتها على النمو.
* المعيار الوحيد لتحديد سعر الصفقات الاحترافية حسبما نشر في الصحافة الرياضية هو راتب اللاعب الشهري مع ناديه السابق والفترة التي بقيت له في الملاعب حتى يصل الى سن ال34 ثم ضرب الأول في عدد اشهر الثاني للخروج بسعر اجمالي لانتقال اللاعب، وهذا المعيار في تقديري يجب ان يكون احد المعايير لتقديم مبلغ الانتقال ، ذلك لان هناك حدا أعلى ملزما حاليا لراتب اللاعب المحترف ولايمكن تجاوزه، ولان هذا المعيار من جهة أخرى يغفل التفرقة بين لاعب خرج من ناديه الذي التحق به منذ الصغر اي بدءا بفريق الناشئين وذلك اللاعب الذي انتقل من ناديه بعد ان قضى معه فترة قصيرة مثل سنتين او ثلاث سنين ولم يشارك ناديه منذ الصغر، ويغفل كذلك مستوى اللاعب الفني وامكاناته وقدراته، ويغفل ايضاً مدى مشاركته في خدمة المنتخبات الوطنية سواء في الناشئين او الشباب او المنتخب الأول، ويغفل كذلك عدد المباريات الدولية التي شارك بها اللاعب، ولايمكن هنا لأي متابع رياضي سواء في الإعلام الرياضي او في الأندية او في الاتحاد السعودي لكرة القدم ان يقبل ان يتضرر احد الأندية الذي بذل جهداً كبيراً في صناعة لاعبيه منذ مرحلة الناشئين وادى هذا الجهد التدريبي والمادي والمعنوي الى ايصال اللاعب للمنتخبات الوطنية المختلفة من معادلة ضرب الراتب الشهري في عدد الأشهر المتبقية حتى سن ال34 ، لان ذلك يعني ببساطة ان اللاعب سيخرج من ناديه بقيمة انتقال منخفضة لاتوازي ما بذله النادي من جهد في سبيل ارتقائه بمستوى لاعبه، ولان ذلك سيؤدي الى ان تضع الاندية جميع لاعبيها في فئة الراتب الشهري الأعلى تحسباً لانتقالهم، او ان تهمل الأندية الاهتمام بدرجات الشباب والناشئين.
* هناك ايضاً جوانب متعددة للانتقالات الاحترافية يجب وضع نصوص وضوابط وحلول لتغطيتها مثل هل يمكن تخفيض فترة التفاوض الحالية بين الأندية وذلك من اجل تنشيط التجربة الاحترافية وابعادها عن الاثارة الإعلامية؟؟ وهل يمكن وضع فترة زمنية محددة يجب فيها على النادي المنتقل اليه اللاعب دفع المبالغ المترتبة على الانتقال لنادي اللاعب الأصلي؟ وماهي الآلية التي ستطبق اذا لم يدفع النادي المنتقل اليه اللاعب قيمة الانتقال او جزءا منها؟ وماهي الحلول التي ستوجد اذا لم يحصل النادي على مستحقاته المالية المترتبة على أندية أخرى تعاقدت مع بعض لاعبيه؟ وهل يمكن مثلاً ايجاد حد أعلى ملزم لايجوز تجاوزه لعدد اللاعبين المنتقلين لكل ناد في كل موسم؟.
* اطراف تجربة الاحتراف الآخرون هم اللاعب والأندية التي تطبق التجربة، ولعلي هنا اترك الحديث عن اللاعب لأنه لايلام في ظل الدفعات المالية التي تتجاوز كثيراً نسبة ال15% المستحقة له، وهذا الأمر بالمناسبة لاتمنعه لائحة الاحتراف، اما بالنسبة للأندية فإن منها من لايتعامل مع تجربة الاحتراف بما يناسبها من قفزة في التعامل معها وإنهاء تعاقداتها بصورة واضحة ومقبولة، حيث يظل أسلوب هذه الأندية كما هو، أي محاولة لخرق النصوص ومخالفة الانظمة او تجاوزها او القفز عليها بطريقة او بأخرى، ورغم ان مثل هذه الأندية يخسر في كل مرة عندما تصدر لجنة الاحتراف قراراتها إلا ان المطلوب هو سد كل الثغرات الحالية الأمر الذي لن يعطي اي ناد يطبق التجربة الفرصة للقفز فوق اللائحة وإثارة الجو الإعلامي بإثارة رخيصة وغير مقبولة كما تقوم به بعض الصحف المتخصصة التي لاتعرف فناً إعلامياً غير الاثارة الرخيصة.
* اختم مقالي بعبارة للدكتور صالح بن ناصر رئيس لجنة الاحتراف وردت في مقدمة الكتيب الذي تضمن نصوص لائحة الاحتراف في إصدارها الثالث وهذه اللائحة المعدلة أمام المهتمين بها ونحن في لجنة الاحتراف واوضاع اللاعبين نأمل ان تحقق اهدافها، ونأمل في تلقي ملاحظات المهتمين بموضوعها لتعيننا في تلمس كل السبل المؤدية للوصول الى الهدف الذي يسعى اليه اتحادنا وهو الرقي بمستوى الأداء لتأخذ كرة القدم السعودية مكانتها على المستوى العربي والقاري والدولي .