شدو في سوسولوجيا ديمومة المؤقت! د, فارس الغزي |
)ما!( رجل ضليع بثقافته العربية وذو معرفة وثيقة بعناصر قوتها وضعفها, إحاطته تلك أمدته بسلاح )تنظير( من شأنه تطويع مستحيل المستحيل في حال رأى فيه )ما( وسيلة أي وسيلة! من شأنها مساعدته في الحصول على أهدافه، فهو شخص لا يتردد أبدا في بذل كل ما في وسعه لمقارعة الحجة )بنقيضها!( ولي عنق الحق والحقيقة بما هو ليس بحق ولا حقيقة، مسخرا أي عنصر من عناصر ثقافته لخدمته، حتى ولو كان عنصرا ضئيلاً ضآلة الأقوال والأمثال السائدة,
ذات مرة، وجد )ما( نفسه في معمعة الحصول على حق ليس بحقه، فنظَّر ثم قدر ان السلاح المناسب لمثل ظرفه يكمن في الميدالية الذهبية التي طالما منحتها ثقافته )للسكوت!( وبالفعل وكما توقع حدسه، فقد كان في سكوت )ما( وصراخ )خصمه( إدانة لخصمه وانتصار ذهبي )لما!(,
تقادمت الايام ليجد )ما( نفسه بموقف مشابه للموقف السابق، غير انه موقف يتطلب الانتصار به الصراخ عليه فالصراخ من ذهب هنا وذلك عكس ما تطلبه الموقف السابق!, ولذلك أخذ )ما( يصرخ ويكر ويفر )ميكافيليا!( ب)إن كان السكوت من ذهب، فما أغنى الخرسان!( حتى تمكن في النهاية من انتزاع حق نازعه عليه صاحب الحق!,
ويستمر التنظير الثقافي حسب حيثيات تجلي الغايات والمواقف: فما ان احتدم الصراع بين )ما( و)احدهم( من طلاب الحق وفي اللحظة التي كان )ما( يهم بنزع سلاح حاضره، اكتشف حقيقة نفاده، الأمر الذي من خلاله أخذ بالمناورة والتراجع إلى )الخلف!(,, فقط ليباغت خصمه بهجمة ثقافية مضرية ضارية ضاربة في أطناب الماضي,, وهكذا وبعد أن غمط )ما( حقاً أراده له وهو لغيره!، يقرر استقطاع )استراحة محارب( يستعيد من خلالها ذكريات ماضيه الذي طالما احتسى في أروقته الثقافية نخباً كنخب: )سائلي العلياء عنا والزمانا(، وتذوق )قديد!(: )اللي ما له أول، ما له تالي!( , بعد مجيء )الفكرة( وزوال انتشاء )ما( على صدى أنغام )ربابة!( ماضيه، يقرر شد الرحال الى حاضره مودعا ماضيه بطريقة كلها ازدراء واستخفاف به! ولم لا؟!,, أليست الثقافة التي مكنته من استجداء فلسفة: )اللي ما له أول، ما له تالي!( قادرة لمرونتها! على تحويل مضامين الماضي الى مضامين مستقبلية وبأسرع وقت ممكن: ماذا عن حيثيات: حكي في الماضي، نقص في العقل؟! ,, ومن هو الفتى الآن؟!,, حتما )ليس الفتى من يقول كان ابي(,
انتهت المواقف، ولذا دعونا باختصار، نحلل سر الانتصار هنا,, لنقول انه من المعلوم ان الامثال )كمثال فقط!( ليست سوى نتاج لتجارب انسانية سابقة, ومع الجزم بعدم علمية تلك الامثال، فلها مع ذلك معايير تطبيق تفرض على مستخدمها اخذها في الحسبان, حيث ان تطبيق تلك الامثال بمعزل عن قرائنها التاريخية، وحيثياتها، ومدى خصوصيتها أو عموميتها، ونسبيتها الزمانية والمكانية,, له من العواقب الوخيمة ما له, حسنا,, ما هي تلك العواقب؟!,, بالأحرى، ما عواقب احتكار وسائل تطويع العناصر الثقافية )كالأمثال، مثلا( ومن ثم استخدامها استخداماً لا يأخذ في الحسبان شروط استخدامها,, استخداماً لأغراض ضيقة،,, استخداماً لا يأبه بسلبية تبعات استغلال استخدامها؟!,, أليست العواقب هنا: تداخل وتعارض القيم،,, وتأصيل السلوكيات السلبية،,, وتشابك معالم ما هو عادة بما هو عبادة،,, وتبرير ديمومة اللاواقع،,, وتعميم القيم الفردية الضيقة وتخصيص القيم العمومية،,, وشيوع وترسخ أنماط التفكير الخاطئة أصلا، والتي لم يعم الأنظار عن خطرها سوى )اتفاق!( الاغلبية عليها وراثيا,,؟! والقائمة تطول وتطول,,,
وهكذا!,,, فكلما تعاظمت ضبابية، وتناقض، ورمادية عناصر الثقافة خصوصا العناصر ذات العلاقة بالجوانب المعنوية كلما ازدادت، كذلك، ضبابية، وتناقض، ورمادية مجالاتها التطبيقية، الامر الذي من خلاله تصبح تلك الثقافة عرضة للانتقائية والتحوير والتجيير، مما يقود إلى استمراء ديمومة واقعها وتبرير عدم التغيير بانتفاء الحاجة اليه، وهنا، تتبلور في غياهب الضمير الجمعي )المشتت أصلا!( آليات ميكانيزمية من شأنها الايحاء لهذا الضمير بمزيد من )القناعات المقنعة!( بضرورة الانضواء تحت مظلة واقع قائم بذاته في )المحافظة عليه والاستعداد للدفاع عنه!( دليل، وأيما دليل، على الانتماء اليه هدفا ومصيرا,, مما يعني، بالطبع، مزيدا من السيادة والتأصل والتجسد لثقافة لا يتوانى الكل الواعي وغير الواعي,, المستفيد والمتضرر عن المبادرة في الشك ومن ثم مكافحة اي محاولة يلوح في أفقها اي أمل )بانقشاع( غيوم اللاواقع,,!
|
|
|