والطفل حين كان جنينا في بطن أمه لا يعتبر انسانا إلا بعد الشهور الثلاثة من الحمل,, هذا هو أول انسان وأصغر انسان,, ولكنه أجدر من كل انسان آخر بعناية الدولة والأمة: الأم تحتاج لتغذيته وتنميته الى حياة خاصة, وطعام خاص وحركة خاصة حتى يولد,, وهكذا,, فإن هذا الانسان الصغير جدير بعناية الدولة وعناية الأمهات حتى يكتمل نضجه، واذا أصبح شابا يافعا كانت عناية الدولة به أهم وأعظم من حيث المسار العلمي والتعليمي داخل المدارس والجامعات والمعاهد,, وهذه المرحلة تحتاج بحثا مستقلا طويلا, فإن شباب الجامعات وقبله المدارس الثانوية والاعدادية والابتدائية يحتاج عناية خاصة من ناحية المبادىء والعقائد الدينية والاجتماعية السلوكية,
والشباب يمثل عنصر الانسان المفروض بأنه سيكون رجل المستقبل المسؤول عن مصير دولته وأمته,
لهذا فإن القدوة في نظر التربويين الذي يُبنى عليه الانسان السعودي الجديد,, والقدوة مجتمعة هي:
البيت والحكومة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية, والقدوة هي أولا القدوة الدينية الاسلامية وتأتي من التربية الصالحة داخل المنزل وخارجه في منابر العلم,, والفضيلة,, ان ما نريده للانسان السعودي الجديد لايختلف ابداً عن ما كان عليه الإنسان السعودي القديم عندما عرف نفسه وعرف كيف يقوم بواجباته نحو نفسه ومجتمعه في يسر وأمانة ونزاهة واخلاص,
كل هذا التوجه في سبيل بناء الانسان السعودي الغرض منه الاحساس بالمسؤولية الحقة، فالمسؤولية عند القناعة بتحملها هي عمل مشروط أداؤه,, والعمل عبادة,, ولذلك كانت جميع الرسالات السماوية التي استهدفت بناء الانسان ليكون أهلا لخلافة الله في أرضه, كانت كل هذه الرسالات تؤكد واجب الفرد نحو نفسه ونحو ربه, وجاء الاسلام متمما لتلكم الرسالات فأوضح مسؤولية المرء في حياته نحو هذا الوجود كله ونحو نفسه وأهله ومجتمعه ونحو ربه, وكان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، ورأيناها من بعده في سلوك الصحابة والتابعين الذين أقاموا الأمة الاسلامية وجعلوها كما أرادها الله خير أمة أخرجت للناس,,! تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتقن كل شيء شرعه الله، وتدعو إلى الاعتصام بحبل الله المتين,, وهذا معناه, أن بناء الانسان بالمفهوم الحضاري وهو أيضا المقصود بالمفهوم الاستراتيجي كان أمرا قديما وقائما بالفعل,, وهذا بدأ العمل به من جانب حكومتنا الرشيدة مع بداية التحسن الاقتصادي وقد أفلحت تلك الجهود لحد اصبحت المنابر والقنوات العلمية تستغني من حيث الكوادر العلمية لسد حاجات التعليم العلمي والشرعي,, عدا المهني والصناعي وهو أمر آخذ بالدراسة والبحث,, والتنفيذ,
كل هذه الجهود قد كانت فاعلة في بناء الانسان السعودي,, ولكننا مازلنا مع أول بداية الدخول في معركة الاستثمار الصناعي,, وهو الأساس لضمان بناء الانسان السعودي صناعيا, غير البناء العلمي والشرعي,, الذي نعتقد ان مرافقنا العلمية قد استوفت حاجاتها من هذين النوعين من فروع التعليم,
ولكن النظرة السطحية لدى الكثير من شباب المستقبل لديهم العزوف عن الانخراط في المؤسسات الصناعية سواء منها ما هو حكومي,, أو داخل المؤسسات الصناعية في القطاع الخاص,, ونعتقد انه مع تلك النظرة من شبابنا لم تتضح لهم الصورة عن أهمية بناء انسان العالم من النواحي الصناعية والحرفية والمهنية لمن سبقونا للتركيز على هذا المضمار,, وأصبح ان هذه الدول تقاس بقيمته الانتاجية الصناعية والحرفية والمهنية,,
أي ان نظرة شعوب هذه الدول لهذا الانسان أصبحت اكثر تقديرا وهيمنة عن البرفيسور وحاملي الدكتوراه في مجالات العلوم النظرية,
لعلنا من خلال هذا قد نضمن المشاركة والتحليل والبحث عن ناحية بناء الانسان السعودي وبالتالي تحصل الجهات المسؤولة مسؤولية مباشرة على ورقة عمل تضيء الطريق لمن يهمهم الأمر وتلك مسؤولية مدرجة على اعناق رجال أفذاذ يرنون أول ما يرنون الى مصالح الفرد والجماعة والأمة داخل المملكة العربية السعودية ونباركها نوايا وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين,,وحكومته المخلصة الناصحة,, والى لقاء متجدد إن شاء الله,