نجحت سياسات ايهود باراك رئيس وزراء إسرائيل في التعجيل بدفع عملية السلام دفعاً قوياً ومتسارعاً نحو نهاية النفق المسدود التي سوف تنتهي عندها اللعبة السياسية الاسرائيلية مع الدول العربية والتي موّهت عليها بمسمى عملية السلام ! وفي مرات لا تحصى قلنا في هذا الحيز ان عملية السلام مجرد لعبة سياسية إسرائيلية لكسب الوقت للسياسة الاسرائيلية حتى تنجز أهدافها على الصعيد الفلسطيني بفرض أمر واقع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، يجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل اقامة دولة فلسطينية على ارض الواقع,, لسبب بسيط هو ان إسرائيل لا تنوي ان تترك أرضا خالية أو تنسحب من أراضٍ محتلة لكي يقيم عليها الفلسطينيون دولتهم!
وهي عملت وما زالت تعمل لهذا الهدف بهمة ونشاط وسرعة منذ بدء عملية السلام انطلاقا من مؤتمر مدريد في أكتوبر عام 1991م, وهذا الهدف ينسف كل الثوابت الفلسطينية وأولها التمسك بالقدس الشريف عاصمةً لدولة فلسطين المحتلة.
وسورياً، فإن إسرائيل لم تتردد، بألسنة قادتها السياسيين والعسكريين، في الاعلان، بل في التأكيد على أنها لن تعود إلى حدود 4 يونيو 1967م لا في الجبهة السورية، ولا في الجبهة اللبنانية، ولا حتى مع الفلسطينيين بالنسبة للضفة الغربية وقطاع غزة,
ويوم الخميس الماضي قال نائب رئيس الأركان الاسرائيلي ان انسحابا إسرائيليا من الجولان بما يعيد مصادر المياه في بحيرة الأردن إلى السيطرة السورية، سيكون خطأ قاتلا بالنسبة لإسرائيل!
ومعنى هذا ان مطالبة سوريا باستعادة كامل الجولان هو مجرد شعار سياسي أو مجرد وهم في نظر الاسرائيليين, وينطبق القول بعدم نيّة الانسحاب الى حدود 4 يونيو 1967م على الوضع في جنوب لبنان!
وأمس فقط قال ديفيد ليفي وزيرخارجية إسرائيل في حوار ساخن عبر الاثير مع ياسر عبد ربه رئيس الجانب الفلسطيني في المفاوضات,, قال ديفيد ليفي: (لا يظن أحد أن إسرائيل ستنسحب إلى حدود الرابع من يونيو 1967م وتقبل بتقسيم القدس)!! وأضاف ليفي: (إن أي حكومة في اسرائيل تفعل ذلك او تفكر فيه ستسقط في اليوم نفسه)!!
وفي هذا الحوار ردّ ياسر عبد ربه قائلا: (ان إسرائيل هي السبب دائما في افتعال الازمات برفضها تنفيذ استحقاقات السلام بالانسحاب من الاراضي المحتلة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة), وكما أسلفنا في مرات سابقة فقد اتهم ياسر عبد ربه في رده أمس على ليفي، اتهم إسرائيل باللجوء إلى اضاعة الوقت وبإثارة قضايا هامشية.
ومن الواضح ان تصريحات ديفيد ليفي، وقبله نائب رئيس الاركان حول عدم الانسحاب إلى حدود 4 يونيو 1967م وعدم القبول بتقسيم القدس هي بمثابة حزمة ديناميت أشعلت لتنسف ما تبقى من آمال عربية ودولية في تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، سواء باستمرار العملية الحالية، أو بالبدء من الصفر في عملية سلام أخرى تستغرق إذا بدأت سنوات أطول من السنوات التي استغرقتها العملية الحالية التي دامت حتى الآن زهاء تسع سنوات!
وفي تقديرنا ان أي وقت آتٍ يضيعه العرب مع إسرائيل في لعبتها السياسية باسم عملية السلام سيكون الوقت، كما كان دائما في صالح سياسات اسرائيل التوسعية لتكريس استيلائها على الاراضي العربية المحتلة إلى الأبد.
سلاح عربي واحد لا سلاح غيره أو مثله ينقذ الموقف العربي، ويرغم إسرائيل على الاذعان لارادة الأمة العربية قبل غيرها في المجتمع الدولي لتنفذ قرارات الامم المتحدة 181 و194 و242 و338 و425,, هذا السلاح العربي هو التضامن أولاً، ثم تجميد عملية السلام الحالية مع إسرائيل، وإلغاء كل قرار أو سياسة أو مجرد نية للتطبيع معها واحياء مكاتب المقاطعة العربية التجارية والاقتصادية، والعودة إلى الأمم المتحدة لإعادة اتهام إسرائيل بالصهيونية والعنصرية واستصدار قرار بذلك من الجمعية العامة إذا تعذّر استصداره من مجلس الأمن، وتحميل اسرائيل بذلك مسؤولية فشل جهود السلام ومسؤولية اي تطورات للعنف الدائر في المنطقة برمّتها.
الجزيرة