زقزقة:
نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل |
الشاعر العربي أبو تمام
* * *
هذا بيت شعر شهير، يُذكر في مواقع عدة من حياة البشر وتروي كتب التراث بعضاً من القصص التي يستشهد فيها بمثل هذا البيت من الشعر.
إحدى هذه القصص تروى أن امرأة ارادت ان تكيد لأخرى فبعثت الاولى لزوج الثانية تغريه بالزواج من أخرى قائلة له:
تنقل فلذات الهوى في التنقل
ورد كل صاف لا تقف عند منهل
لكن امرأة الرجل قرأت تلك الرسالة فأشارت على زوجها ان يبعث بالجواب في رسالة يضمنها بيتي شعر أبي تمام الشهيرين.
فلسفة الأول عالم شائك ففي حياة كل انسان تجربة اولى شكلت في وجدانه صوراً عديدة ارتسمت في واقعه الذي يعيشه.
البعض تأسره التجربة الأولى فيعيش امتداداً لها وان صارت جزءاً من الماضي، بينما لا يلتصق البعض الآخر بها متجاوزاً الحدث الى القادم.
لكن تظل التجربة الأولى أياً كانت صياغتها تقبع في الجانب الاثير في حياة الناس، انت لا تستطيع ان تنسى المنزل الأول الذي كنت فيه طفلاً ولا تقاوم حنينك الى اول الاصدقاء ولا يمكن ان تنفصل كلية عن الاول في حياتك سواء كان منزلا او عملا او إنسانا، والشاعر العربي لم يقصد الحنين الى المنزل كجماد ولكن يسكن الانسان الى صديق او حبيب او عمل أعطاه من العمر الكثير.
ومهما نأى المرء بعيداً عن سكناه يظل في الوجدان شيء من الحنين الى الأمس,, الى القديم,, الى ما التصقت به زمنا فصار جزءاً من تاريخك وامتزجت به والتحمت بكيانه، حينها يصبح التغيير والاستبدال صعباً ان لم يكن مستحيلاً .
أنت تغامر بأحلى المشاعر وتضع قلبك على كفك ولا تعلم هل سيحيا القلب هكذا أو يموت، ان التصاقنا بالرموز الحياتية من حولنا يؤرقنا بهاجس جميل يفسر معنى فلسفة الشعراء حول صياغة الحب الأول.