هل آن الأوان لتأسيسه؟ مجلس أعلى للخدمات الصحية د, عبدالإله الساعاتي |
تحظى صحة الإنسان في هذا الوطن المعطاء باهتمام كبير من قبل الدولة أيدها الله منذ فجر تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى وحتى يومنا هذا.
وكان التطور الكمي والنوعي للخدمات الصحية في المملكة نتاجاً طبيعياً لهذا الاهتمام.
فعندما تأسس هذا الكيان الكبير قبل نحو قرن من عمر الزمن لم يكن في البلاد سوى مستشفيين في مكة المكرمة وهم مستشفى جياد الذي مازال يقدم خدماته لسكان مكة المكرمة وقاصدي بيت الله الحرام حتى الآن,, ومستشفى القبان الذي ما لبث أن انقرض.
ثم توالى انشاء المستشفيات والمراكز الصحية في المملكة,, حيث بلغ عددها خلال عهد الملك عبدالعزيز (11) مستشفى,, وفي عهد خادم الحرمين الشريفين تحققت نهضة صحية واسعة حتى بلغ عدد المستشفيات الحكومية في المملكة اليوم (303) مستشفى بسعة سريرية اجمالية قدرها (44213) سريراً منها (182) مستشفى بسعة سريرية تبلغ (27428) سريراً تابعة لوزارة الصحة.
كما أصبح في المملكة اليوم إلى جانب المستشفيات (2348) مركزاً صحياً منها (1750) مركزاً صحياً تابعاً لوزارة الصحة.
ولقد توج اهتمام حكومتنا الرشيدة بصحة الانسان بما جاء في النظام الأساسي للحكم الصادر في 12/8/1412ه حيث نص في مادته رقم (31) على التالي:
(تعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن), كما نصت المادة رقم (27) من النظام على التالي: (تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة).
** وفي كل مناسبة يؤكد قادة البلاد على الاهتمام بصحة الانسان في كل مكان على امتداد هذا الكيان الكبير.
ويقول خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-: (إن الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان في مقدمة أولوياتنا).
** ولكن القطاع الصحي في المملكة يواجه العديد من التحديات والتحولات والمتغيرات,, شأننا في ذلك شأن سائر دول العالم,, منها ما يتعلق بتكاليف انتاج الخدمة الصحية وتقنياتها الحديثة والمتغيرة,, التي تزداد ارتفاعاً يوماً بعد آخر,, في مسار تصاعدي بالغ السرعة.
ومنها ما يتعلق بتغير انماط الأمراض ففي الماضي القريب كانت الأمراض المعدية هي السائدة,, أما اليوم فإن الأمراض المزمنة عالية الكلفة في العلاج هي الأمراض السائدة مثل أمراض القلب والسكر والضغط والسرطان والكبد وغيرها.
ومن هذه التحديات ازدياد الطلب على خدمات المستشفيات نتيجة للارتفاع السريع والكبير للنمو السكاني,, حيث يبلغ معدل النمو السكاني في المملكة سنوياً 3,7% وهو من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم.
إضافة إلى تغير نمط الحياة في المجتمع السعودي,, الذي اصبح يعيش حياة أكثر رفاهية تتميز بالخمول وقلة الحركة.
هذا إلى جانب طابع الحياة المدنية الحديثة وما يصاحبها من تلوث بيئي وضجيج مدني وضغط نفسي,, ينعكس على الحالة الصحية العامة.
** وتقدم الخدمات الصحية الحكومية في المملكة العربية السعودية من خلال قطاعين هما:
1 قطاع وزارة الصحة.
2 قطاع الجهات الحكومية الأخرى,, وتشمل: الجامعات (مستشفى الملك خالد الجامعي، مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالرياض، مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر)، مستشفيات القوات المسلحة، مستشفيات الحرس الوطني، مستشفى قوى الأمن، مستشفى الملك فيصل التخصصي، مستشفيات الهيئة الملكية بالجبيل وينبع، مستشفيات أرامكو، مستشفى الطب الرياضي.
** ومن ذلك يتضح أن الخدمات الصحية تقدم من خلال جهات متعددة,, كثيراً ما يغيب التنسيق فيما بينها,, بينما جهة تمويل هذه الخدمات والصرف عليها واحدة,, وهي الدولة -أيدها الله-.
ومن الطبيعي أن يترتب على غياب التنسيق نوع من الهدر في أوجه الانفاق الصحي العام,, كما يضيع فرص التعاون والتكامل المؤدي إلى التطوير والتفعيل.
** وبناء على كل ما سبق تتضح الحاجة الماسة إلى وجود تنظيم هيكلي أعلى يتولى الاشراف العام,, ويوفر المرجعية العليا لجميع الجهات المقدمة للخدمة الصحية في المملكة.
ويشمل دوره وضع السياسات الصحية العامة وتوفير آليات التنسيق بين كافة الجهات الصحية,, بما يحقق هدف تطوير الخدمات الصحية في المملكة,, وترشيد الانفاق,, وتكامل العمل الصحي.
** ان الرؤية التحليلية تجسد المبررات الموضوعية الموضحة أعلاه التي تستدعي إنشاء مجلس أعلى للخدمات الصحية في المملكة,, يضطلع بوضع السياسات العليا للخدمات الصحية في المملكة بما يكفل الحفاظ على المكتسبات الصحية التي حققناها,, ويقود حركة تطويرها وتفعيل التنسيق وتحقيق التكامل بين الجهات المقدمة للخدمة الصحية,, لما فيه صالح الوطن والمواطن,, في ظل قيادتنا الرشيدة بإذن الله تعالى.
|
|
|