الذين يحتفظون بذاكرة تسجيلية لا بد ان يتذكروا بدايات سيئ الذكر بنيامين نتيناهو رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق، الذي بدأ حكمه في تحرير بعض بنود الاتفاقيات التي أبرمها مع الفلسطينيين، والتي عادة ما تتم بعد ضغط من الامريكيين، ولعل أهم سمة كان يمتاز بها ذلك النتنياهو هو نكث الوعود وامتهان الكذب على الكبار، فيعطي وعودا للرئيس كلينتون بأنه سينفذ اتفاقيات واي بلنتيشن وما أن يعود الى فلسطين المحتلة حتى يلحس وعوده .
ثم يوعد الرئيس المصري حسني مبارك وعودا، ويصرح في القاهرة أمام الصحفيين، وعندما يعود الى تل أبيب ينسى ما قاله للرئيس المصري ويتجاهل ما قاله للصحفيين في القاهرة.
خلفه يهودا باراك مدعي السلام الذي هللت الأوساط الغربية الرسمية والإعلامية بعد انتخابه واعتبرته منقذ عملية السلام، أوقح من سلفه، فاذا كان الاول ينكث الوعود ويكذب علناً وبلا خجل، فان الخلف يتعامل مع الكبار من رؤساء الدول والمفاوضين العرب من فلسطينيين وسوريين كجنرال متعجرف لا يقبل إلا ما يطرحه من آراء وعلى الآخرين ان يقبلوا بها ودون اي اعتبار لما أبرم من اتفاقيات وتجاوزا لكل النصوص والمواثيق الشرعية التي تصبح ملزمة بعد التوقيع عليها، يتملص منها، وبدون اي خجل يعلن، انه لا ينفذ إلا ما يريده, مع السوريين يرفض الانسحاب من هضبة الجولان السورية والعودة الى حدود الرابع من حزيران عام 1967، ويريد تطبيعا وسفارة في دمشق وحدوداً مفتوحة وتظل قواته تدنس الارض السورية.
مع لبنان يريد حدوداً آمنة وإنهاء للمقاومة الوطنية اللبنانية، مع تغير لحدود لبنان وسرقة قراه ومياهه.
وأخيرا وليس آخرا يفرض على الفلسطينيين واقعا يجعل من المدن الفلسطينية جزراً في بحور الاستيطان الاسرائيلي، ولتحقيق هذا الغرض الخبيث يضع من جنرالاته خرائط تقطع الوطن الفلسطيني وتمنع تواصل الارض الفلسطينية وفرض التباعد بين المدن الفلسطينية ويطلب من الفلسطينيين القبول بها، كهبة من جنرال متغطرس يصوره الإعلام الغربي بمنقذ السلام.
أفعال باراك هذه التي عطلت المفاوضات السورية الاسرائيلية، وتهدد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بالتوقف تذكر بأفعال سلفه نتنياهو لتأكد ان الاسرائيليين لا فرق بينهم سواء تدثروا بعباءة الليكود، او رداء العمل، فالكل صهاينة أطماعهم في ارض العرب لا تردعها اتفاقيات وتشذبها وعود.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com