لك الله أيها المريض ,,, المواطن,,! حمّاد بن حامد السالمي |
* صدر عن مستشفى الملك فهد بجدة مؤخراً، (بدعة) تنظيمية جديدة، تصنف المرضى من الناس على درجات، ذهبية وفضية,, وثالثة مسكوت عنها,,! وعممت إدارة المستشفى بما يلزم للتطبيق داخل المستشفى و(خارجه),,! ونشرت جريدة المدينة تفاصيل هذا التعميم في عددها ليوم السبت الموافق 23 من شهر شوال 1420ه على صفحتها الأخيرة تحت عنوان: (لتطوير الخدمات في مستشفى الملك فهد بجدة,, مميزات خاصة جداً لأصحاب البطاقات الذهبية والفضية) وقبل الدخول في فحوى التعميم، نود ان نُذكر فقط، بأن مستشفى الملك فهد بجدة، هو مستشفى حكومي يتبع إدارة وزارة الصحة، وليس مستشفى قطاع خاص,,! هذا للعلم,, لأن من حق المستشفيات الخاصة على ما أعتقد ان تصنف مرضاها ومراجعيها على درجات و(مقاسات)، حسب محتويات جيوبهم وانتفاخها او ضمورها,,! هذه مسألة خاصة، ومن لا يعجبه هذا التصنيف في المستشفيات الخاصة، فليذهب الى مستشفيات وزارة الصحة او ليشرب من البحر,,!.
* لكن لماذا نشرب من البحر، ونحن نتحدث عن مستشفى حكومي عام,,؟.
* قالوا : إذا عُرف السبب بطل العجب, إذن,, لنقرأ تعميم إدارة مستشفى الملك فهد أيضاً؟.
* يقول التعميم: (رغبة من إدارة المستشفى في تقديم خدمات مميزة لمسؤولي الدولة في مختلف الأوقات، وأثناء مراجعتهم للمستشفى دون الحاجة الى مراجعة الادارة او اي جهة اخرى في المستشفى,, لذا فقد تم إصدار نوعين من البطاقات تصرف لكبار المسؤولين في الدولة, وهي كالآتي:
أولاً : البطاقة الذهبية,, وتصرف لأصحاب المعالي وأصحاب الفضيلة,, ويحق لحامل هذه البطاقة التمتع بالمميزات التالية:
1 الدخول من اي بوابة في المستشفى بالسيارة، واستخدام اي موقف فيها.
2 الزيارة في اي وقت وأي مكان مع المرافقين له عن طريق المدخل الرئيسي.
3 مرافقة احد مسؤولي الأمن للضيف، وتقديم الخدمات له، وتسهيل الاجراءات اثناء زيارته.
4 تقديم الخدمات العلاجية الفورية لهم ولمرافقيهم سواء في العيادات الخارجية او الطوارئ عن طريق استخدام غرف )VIP( بدون انتظار, مع اجراء جميع الفحوصات الفورية.
5 تقديم الخدمات العلاجية في المنازل عند الحاجة ويمكن لمدير المستشفى المناوب والطوارئ التصرف الفوري دون الرجوع إلى إدارة المستشفى.
6 على مسؤولي الأمن وأقسام المراجعين، اشعار ادارة المستشفى والمدير المناوب عند دخول اي زائر من ذوي البطاقات الذهبية.
ثانياً : البطاقات الفضية,, هذه البطاقة تصرف لأصحاب السعادة كبار المسؤولين في المنطقة ومميزاتها:
1 الدخول من أي (بوابات) المستشفى بالسيارة، واستخدام المواقف الخاصة بالضيوف، وكذلك دخول المستشفى ومركز (المساعدية).
2 الزيارة في اي وقت وحتى الساعة 12 مساء مع المرافقين عدد (2).
3 تقديم الحدمات العلاجية الفورية في العيادات او الطوارئ، واستخدام الغرف الخاصة للكشف والتنويم.
4 اجراء جميع الفحوصات اللازمة، واعطاء (الاولوية) لهم.
5 على ادارة الامن والموظفين تقديم الخدمات اللازمة وسرعة إنهاء اجراءاتهم.
* وأخيراً ,, لم يبق أمامنا بعد وصول الخدمات الطبية في المستشفيات إلى القمة، سوى تقديم خدمات (مميزة خاصة جدا لاصحاب المعالي والفضيلة والسعادة من كبار المسؤولين),, وإذا لزم الامر حسب هذا التنظيم البدعة فإن الخدمة الطبية تذهب إلى اصحاب البطاقات الذهبية والفضية في بيوتهم، وهذا ترف خدمي صحي من مؤسسة صحية عامة لم نسمع به في كل الدنيا,,! فبعد ان قدمنا التطبيب الراقي والعلاج الكافي والخدمة الممتازة لكافة المواطنين، لم يعد هناك نقص ولا مرضى ينتظرون الدور للكشف والمعاينة او التنويم واجراء العمليات، جاء دور الخدمة المميزة لكبار المسؤولين، فتكون هذه الخدمة بدرجة ضيافة فندقية (خمس نجوم) بمرافقين وغرف خاصة وتمريض خاص! ثم نقل هذا التميز إلى الدور والبيوت,,! وكأن هؤلاء المسؤولين في حاجة الى هذه الخدمات التي تصنف المرض بين المرضى، وتكرس الفرز في المجتمع، فهذا كبير، وهذا صغير، وهذا مسؤول وهذا غير مسؤول,, وهذا وذاك,, والأخير مواطن لا نعرف لون بطاقته مع بطاقات (التمييز) هذه، ولا درجته مع الدرجات، ولا حتى مرضه، هل يؤهله إلى الذهبية أم إلى الفضية,,؟! أم إلى بطاقة رمادية اللون,,!.
* ولكن لماذا ألوم مستشفى الملك فهد بجدة الذي أراد ان يعمل في النور,,؟ بل اني اعتبر ما حدث ينم عن شجاعة تتحلى بها إدارة المستشفى، وإلا فإن هذه البطاقات معمول بها منذ زمن طويل في مستشفيات الدولة ولكن في الظل، فلماذا نستغرب اشهار مستشفى الملك فهد عن خدمة مميزة للكبار في منازلهم، وهذا يعني، انه على المسوؤلين في المستشفيات، اصطحاب كوادر طبية إلىدور بعض كبار المسؤولين، لمعاينتهم هم وعائلاتهم وخدمهم في وقت الدوام الرسمي، في الوقت الذي فيه يصطف الناس بالعشرات والمئات على ابواب العيادات، منتظرين دورهم في الكشف.
وهم لا يعرفون بأن إدارة المستشفى مشغولة بتقديم خدمة مميزة في المنازل، أو منشغلة بزيارة مهمة من مسؤول، او خادم مرسل منه، فاستلزم الامر الاستنفار، وتخصيص مرافقين ومرافقات، وضيافة شرفية، وفتح الابواب الخلفية، وتطهير الممرات، وتعطير المكاتب والغرف، وتجميع الاطباء من عياداتهم للكشف والمعاينة,,!.
* إن بدعة مستشفى الملك فهد بجدة، تتمثل في تخصيص البطاقات المميزة، وإشهار التعليمات المنظمة فقط، وإلا فهي لم تأت بجديد، فكثير من المستشفيات تعامل مرضاها وفق هذا التصنيف العجيب الغريب، الذي اعلنه (صراحة) مستشفى حكومي كبير في مدينة كبيرة هي جدة، ونحن إذا دققنا في قوائم انتظار المراجعين للعيادات في هذا المستشفى بالذات، وفي غيره من المستشفيات، وجدنا ان سعيد الحظ من (المواطنين المرضى)، من يأتيه الدور بعد شهر أو شهرين,,! وفي هذا منتهى السعادة لأولئك المساكين، الذين يتوجعون ويتألمون، ولا ينتظرون خدمات مميزة كما يبشر بذلك مستشفى الملك فهد، وإنما خدمات طبية وفق ما هو واجب ومطلوب من مستشفيات حكومية، تصرف عليها الدولة الكثير من اجل كل المواطنين وليس لفئة دون أخرى,,!.
* أما اصحاب المعالي والفضيلة والسعادات، الذين سماهم تعميم إدارة المستشفى، واختصهم بالتصنيف والتميز والضيافة والمرافقة، وغرف )VIP( فهم ليسوا في حاجة لهذا، وبكل تأكيد فلا يوجد منهم من يسره هذا, وهم ليسوا سخفاء ولا مغفلين، حتى يتم ابتزازهم بهذه الطريقة التي توغر الصدور عليهم، ومن حقهم ان يقولوا (لا) لهذا المستشفى، ولغيره من المستشفيات، التي تجيد التلميع والظهور بغير حقيقتها، وإلا جاز وفق هذا المنطق الاعوج، ان يكون في مدارسنا فصول دراسية لأبناء الذوات، وأخرى للسائقين والعمال وصغار الموظفين، وان يسري هذا على جهات اخرى في الامة، ومن المصلحة ان يتساوى الناس في المعاملة سواء داخل منشأة عامة أو خاصة، لأن هذا من جوهر الاسلام، وليس من ديننا الحنيف، التفرقة بين الناس,, (الناس سواسية كأسنان المشط).
ولا يوجد نص نظامي في اي قطاع في الدولة يجيز التمييز بين الناس في المعاملة، وهذه ليست معاملة خاصة من فرد أو افراد، ولو فعلوها من بيوتهم لما ضر ذلك أحداً إذا كانوا يملكون القدرة، ولو ملكوا لما فعلوا,,! وإنما هي ممارسة عملية لوظيفة رسمية تصرف بالكامل للحق العام، والمستشفيات لم توجد من اجل شريحة من الناس دون غيرهم، فالكل في هذا الوطن واحد، يتساوون في الحقوق وفي الواجبات، ولا أدري كيف يتصرف بعض المسؤولين بهذه الطريقة العجيبة وهم على رأس جهاز عام، ليس لهم فيه من الامر سوى تطبيق تعليمات الدولة، وتقديم خدمة افضل للمواطنين,, كافة,, للمواطنين دون تفريق او تمييز,,؟
كما انه من المحير اقدام مستشفى كبير كهذا على مثل ما فعل دون الرجوع الى جهة اعلى؟ والشجاعة في إشهار هذه (البدعة)؛ توحي وإن كنت أشك في ذلك بأنه حصل على تفويض من وزارة الصحة، وإذا كان الامر كذلك، فإنه ينبغي ان تسأل هذه الوزارة وان تحاسب على هذا التصرف، لأنه لا يصح ان يستهان بسمعة الدولة وبحقوق مواطنيها بهذه الطريقة سواء كانوا كباراً أو صغاراً.
* ووفق هذه (البدعة) التي جاءت بها إدارة مستشفى الملك فهد بجدة، فإنه على المواطن المراجع إذا ذهب الى مستشفى عام، فلم يجد الطبيب في عيادته، ولم يجد المناوب ولا (سيادة المدير) في مكتبه، ان يبحث عنه خارج المستشفى، لانه وبموجب هذا التنظيم (البدعي)، يقوم (بواجب) مميز,, وإلا فعلى هذا المواطن ان ينتظر ويصبر,, ثم يصبر ويصبر,,,!.
* إن توجيهات وتعليمات قيادتنا المظفرة؛ تقضي بتقديم افضل ما يمكن من خدمة ورعاية في كافة المجالات وفي كل الميادين لكل المواطنين ودون استثناء أو تمييز، وكان هذا دأب حكومتنا الرشيدة منذ عهد المؤسس حتى يوم الناس هذا,, وما زالت,, وأبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله ، يسيرون على نهجه في ترسيخ العدل والمساواة، وتوفير الخير والرخاء لكافة ابناء الشعب,
فهم على هذا المسلك الحميد الذي خطه رحمه الله في قوله: (كل فرد من شعبي جندي وشرطي، وأنا أسير وإياهم كفرد واحد لا أفضل نفسي عليهم، ولا أتبع في حكمهم غير ما هو صالح لهم).
* ونتمنى ان يأتي اليوم الذي نجد فيه مستشفيات وزارة الصحة تسعى بالخدمة الطبية إلى كافة المواطنين في منازلهم، وليس للبعض منهم,,,!
إن هذا اليوم هو أسعد الأيام وأجملها بكل تأكيد.
|
|
|