Saturday 5th February, 2000 G No. 9991جريدة الجزيرة السبت 29 ,شوال 1420 العدد 9991



تَعثُّر ,, مُرور ,, الكَلِمات
أنور عبدالمجيد الجبرتي

* يقفز ، صوتُه، من أعماق، سمَّاعة التلفون، ليقول، لك، بدون، تعريف، أو تقديم:
لقد تعثَّر مرور مكالمتك.
* صوت غريب، لرجلٍ غريب، كأن، في أحَدِ، منخريه، قطعة، قطن، أو بحنجرته التهاباً، أو في تجويف، فمِه، تخزينةَ تَبغ، يقول: ويكرر: لقد تعثر مرور مكالمتك.
* لا يأخذ الرجل، لا يُعطي، لا يسمع، أو، يناقش، ويبدو متأكدا من نفسه، واثقاً ممَّا يقول، وفي عَجلةٍ من أمرِه، فهناك الكثيرون، غيري، ممَّن يجب عليه، إبلاغُهم، بأن مكالماتِهم,, قد تعثَّر مرورُها.
* أخُوه ,, الإنجليزي، القابع إلى جواره، يقول:
مكالمتُك أو لعلَّها نداؤك لم ينفُذ,, لم يخترِق، لم يتخلَّل الأثير، لم يتسرَّب، في الأسلاك ,, أو، ينسب في الأنابيب .
* لماذا ، في العربية المعاصرة، يتعثر الكلام ، وفي الإنجليزية ، وكما يقول الرَّجل الخواجة : الكلامُ، لا ينفذ ولا يتصل، ولا يتسرَّب، أو ينسَاب.
* كأن، الكلام ، في الزمن ,, الاتصالي,, العربي,, الركيك: طفلٌ يتعثَّر، وعجوزٌ ,, يهتزُّ,, ويتوكَّأ،
ورُكامٌ، من الأخشاب,, والحجارة,, يعترض,, الطَّريق.
* وكأن الكلام ,, في الزَّمن ,, الانجليزي,, المُهيمن:
سهم ,, ينفذُ،
وهواءٌ,, ينساب،
وماءٌ,, يتسرَّب،
وهمسٌ,, أثيري,, يتخلَّل,, الجوانحَ,, والأعماق.
* قاطِعا,, طَريق,, الاتصال ، يتزاحمان، ويتكأكآن، ويلهثان,, في سمَّاعة,, التلفون,, كأنهما,, يُريدان:
أن يقُولا لنا,, شيئاً,, لم نسمَعه,.
ويعلِّماننا,, ما جهِلنا،
ويُذكِّراننا,, ما نسينا،
ويُحذراننا,, ما أمِنَّا منه,,، واطمأننَّا,, إليه.
* ولكنَّهما,, رجُلان,, يجهلان,, أو يتجاهلان:
* أليسَ,, يَعلَمُ,, الجميع,, أن مشاكل البَشر، حقيقةً، ومنذ القديم، تكمُن في تعثُّر,, مُرور,, الكلمات؟
* وهل يحتاج الأمر، إلى من يقطع الطَّريق,, على المكالمة حتى,, يتعثَّر,, مرور الكلام ؟
* وهل يحتاج الأمر، إلى هذه الخدمة الفلسفية ,, المجانية,, الإجبارية الفريدة من نوعها ل الاتصالات حتى نقتنع بمشكلة,, وصُول الكلمات؟
* أكثر الناس,, لا يقولون,, إذا تكلَّموا،
وأكثرهم,, لا يُنصتُون,, إذا استمعوا،
,, وحتى,, إذا,, قالوا,.
وحتى,, وإن,, أنصتوا,.
ضاعت الكلمات ,, في صحراء,, الأغراض، وغرقت في بحار الظَّن والأحقاد، وبددتها رياح الأهواء والمطامع.
* لو,, أن الكلام بين الناس,, موصول، ولو أن الكلمات بينهم,, تتصل,, بالقلوب، قبل الأسمَاع.
لكان الناس، في خير كبير، ونعمة عظيمة,, لكن:
رُبّ,, لسان,, ينطلق,, والكلام مسجون، وربَّ,, أذن,, تسمَعُ,, والقلب في صمم.
* كم نقولُ,, لبَعضنا، كلاماً,, لا نقصِدُه,, أو نعنيه!
* وكم نسمع من بعضنا، كلاماً,, لا نُنصت,, إليه,, أو نستوعبه!
* وكم نسعى بين,, بعضنا,, بكلامٍ، نُفبركُه بأغراضنا، ونُنسجه بأحقادنا، ونلفُّه، بصدقنا المتكاسل، وأمانتِنا,, المُتراخية!
* كلماتُنا,, كلماتٌ,, ولكنها ليست,, كالكلمات.
* وكلامنا,, كلامٌ,, ولكن,, كأنه ليس,, من جِنس الكلام.
* وأصوات,, الحقيقة,, كأنها,, ترتدي طاقية الإخفاء، أو تمرُّ,, من فوهةٍ,, كاتمةٍ للأصوات.
* شكراً، لمن يذكرنا، دائما، ولو,, مع بعض الإزعاج، بمشكلة الإنسان، عندما,, يتعثر,, مرور,, الكلمات.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

الجنادرية 15

أيام في أرض دولة فلسطين المحررة

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved