في أثناء إنصاتي إلى نقاش مشروع تطوير المقرَّرات الدراسية الذي سبق الكتابة عنه في هذه الزاوية يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، ذهبت أفكِّر كثيراً في أمر التدريس ، طرائقه، ووسائله، ومنفِّذيه,,,، ولئِن كانت هناك إشارات عابرة حول وسائله، وتحديثها وجعلها مناسبة من خلال الأنشطة الصفيَّة، وغيرها، إلا أنَّ طرائق التدريس لم تحظ بالإشارة بل بما تستحقُّه من الوقوف التفصيلي نحو وضع آليات تطويرها وتحديثها, ولئن كانت هذه الطرائق من مهام الباحثين والباحثات في الجامعات الذين يُفترض أن يُنظِّروا فيها من خلال التجارب والتطبيق ، ومن ثم يحدِّثوها، ومن ثم يُعلِّموها ، ومن ثم يُتابعوها ، ومن ثم يُطوِّروها ,,, إلا أن هناك فجوة بين الجامعات وبين المواقع التنفيذية للعملية التدريسية على وجه الخصوص، ولا يكفي أمر تدريب الطلاب، والطالبات في مقررات الدراسة المختلفة في المدارس إِذ ليس هناك ضوابط تحكم أمر هذا التدريب، وليس هناك دراسات تقوم من أجل مواكبة أمر طرائق التدريس وتحديثها وتطويرها,,, والذي يؤكِّد قولي هو نتائج ومُحصِّلات ومُخرَجَات التدريس,,,، ولست في هذا الشأن أُعمِّمُ، ولكنني أطمح إلى وضع خطَّة أيضاً لأمر تطوير طرائق التدريس وما يرتبط بها, أما الأمر الآخر الذي يرتبط مباشرة بل هو القاعدة لهذه الطرائق، وكذلك لما يتعلَّق بها من وسائل، وأساليب تقويم، فهو المعلمة والمعلم,,.
ماذا تمَّ بشأن المعلم؟ في مطلق الكلمة التي تشمل الرجل والمرأة منه؟
لقد أوحت إليَّ هذه الطاولات التي يتحلَّقُ حولها المربون والمربيات بسؤال كان يرتفع صوته يشق في كل حس وجارحة ليس فقط سمعي وإنما كل الحواس التي لابد أن تعمل في لحظة أداء عملية التدريس في يقظة ووعيٍ بأهمِّية هذه العملية.
هناك من المعلمات من هُنَّ مؤهَّلات أكاديمياً غير مؤهَّلات ببقية متطلبات التدريس من الشخصية الواعية، اليقِظَة، المتواضعة، المرنة، ذات الخلق الحسن، والصدر الرَّحب، والقدرة على احتواء المواقف، والقدرة على تقدير القرار المناسب، وحل المشكلات في هدوء، واحتواء الفروق، والإلمام بالمادة العلمية، وسعة المعرفة، والتنازل عند الخطأ، والصبر، والرغبة في التطوير، والقدرة على مناقشة ما يعترضها من أمور تعيقها عن أداء التدريس في صُوَره الصحيحة والقادرة على إيصال الخبرات كما هو الهدف منها,,,، ومقابلة الاعتراض من الموجِّهات بالإقناع نتيجة وعيٍ بما تؤدِّيه داخل الفصل، ونقد ما يرد في المحتوى من قصور، والخروج عن مضائق المحتوى حسب حاجة المتغَيِّر الاجتماعي في مرونة مِمَّن يشرفون أو يُشرفنَ عليها,,,، و,,, و,,,
أمور كثيرة بعضها تتعلَّق بصفات المعلمة، وسماتها,,, وبعضها تتعلق بخبراتها، وبعضها تتعلق بقدراتها المهنية,,.
والسؤال ماذا تمَّ في أمر: اختيار المعلمة,,, من خلال معايير المناسبَة والتمكُّن المناسبة التي تخصُّ صفاتها وسماتها، والتمكُّن الذي يخصُّ قدراتها وخبراتها المهنية؟,,.
هل هناك من يفكِّر في وضع برنامج لمشروع تطوير المعلمة؟ غير إلحاقها بدورات عشوائية قد تُقامُ هنا أو هناك وتخضع لها فئة ولا تخضع لها فئات؟,,, هل نُظِر إلى أمر المعلمات اللاَّتي تمرُّ عليهنَّ سنوات وسنوات ولم تُضف معلومة حديثة إلى خبراتهن، ولم يواكبن ما استجد في أمر تخصُّصِهِنَّ أو ما يتعلق به من طرائق تدريس، ووسائل، وأنشطة، وسواه من الخبرات التي يتم فحصها بشكل دوري في المجتمعات التي سبقتنا فيها الأمم؟,,.
هل هناك مشروع لربط أقسام المناهج وطرق التدريس في الجامعات بالمدارس على كافة مستوياتها كي تشرف هذه الأقسام على سير العملية التعليمية وتقيِّم أبحاثها المستمرة والمتواصلة لتطويرها من خلال المواقف اليومية التي تخضع لحلقات النقاش بين المعلمات وأستاذات الجامعة وأساتذتها كي تكون المعلمة على معرفة واحتكاك بالمختصات والمختصين بشكل مستمرٍّ يُؤَهِّلها من التطوير والتحديث ويمكِّنُ قدراتها من الصقل المستمر؟ ويوسع معارفها ويبلور أداءها؟
وماذا تمَّ في أمر تطوير خبراتها العلمية في التحصيل العالي بحيث لا يكون الهدف منه الحصول على الدرجات العلمية، وإنما إخضاعها إلى استمرارية الحصول على دورات مُختصَّة تُطلب من الجامعات أو تُقامُ في الرِّئاسة بشكل مستمرٍّ تمكِّن كافَّة المعلمات من الحصول عليها, وليكن هناك معهد الدورات يتبع للرئاسة لإقامة دورات مستمرَّةٍ للمعلمات لمواكبة تطويرهنَّ وتحفيز هِمَمِهنَّ وتحديث خبراتِهنَّ.
إن العملية التعليمية من قبل ومن بعد تقوم على عنصر المعلم وهو قطب الرحى، وواسطة العقد، ودولاب الساقية، ونقطة الدائرة، ومركز الانطلاق لكل مايرتبط بالتعليم فإن كان قادراً مؤهلاً كفؤاً فإن مُحصلات التعليم سوف تأتي بثمارها,, وإلا تظل هناك التعثُّرات ويظل يَخرُجُ من المدارس من هم أنصاف متعلمين ومتعلمات.
فهلاَّ نُظر إلى وضع (مشروع تطوير المعلمة) موضع التنفيذ؟.
- للحديث بقية -