اتخذ قضية (الإسلام والشرق) محوراً لأنشطته الأمير متعب بن عبدالله يفتتح فعاليات النشاط الثقافي المصاحبة لمهرجان الجنادرية سموه للمثقفين: مجتمعاتكم تتطلع لما أعددتم للقرن الجديد الذي تلاشت فيه المسافات وانعدمت الحواجز د,السبيت: اختار المهرجان أن ينظر بأمل لمستقبل إنساني أفضل حيث تتعايش أقدم حضارات العالم |
* الجنادرية سعد العجيبان
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز نائب رئيس الجهاز العسكري في الحرس الوطني وقائد كلية الملك خالد العسكرية ونائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة مساء امس الاول النشاط الثقافي المصاحب لفعاليات المهرجان جنادرية 15 وذلك بقاعة الملك فيصل بفندق انتركونتننتال بمدينة الرياض.
وقد اقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدأ بتلاوة آي من الذكر الحكيم ثم القى الامير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز كلمة الحرس الوطني رحب فيها سموه بضيوف المهرجان والمشاركين بالانشطة الثقافية والادبية وقال فيها:
اهلا حللتم، وسهلا قدمتم، فمرحبا بكم في بلدكم المملكة العربية السعودية، فانتم المصابيح التي تضىء معالم الطريق وتفتح الآفاق رحبة للابداع والخيرات, وتزداد بهجنتنا تألقا بتشريفكم هذه الدورة والرياض تحتفل باختيار العرب لها كعاصمة للثقافة العربية لعام 2000م كما واننا في المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته السنوية المعتادة نلقاكم على دروب الشوق والمحبة بعقول متفتحة وضمائر نقية لنجتمع ونتدارس ونتباحث في موضوع تاريخي مهم الا وهو الاسلام والشرق وهو موضوع كما تعرفون ترجع جذوره التاريخية الى ما يزيد عن الف وثلاثمائة سنة حيث حمل اهل هذا الدين الى بلدان الشرق رايات التوحيد والقيم والعدل والمساواة والوئام، فتلقى التجاوب والترحاب في كل تلك البلدان، ويدخل الناس فيه زرافات ووجدانا يتآلفون في بوتقة واحدة، كانت مثار تقدير واعجاب علماء التاريخ والاجتماع، كل ذلك في فترة من الزمن قصيرة.
وتمضي الايام ويتمكن اهل هذه الرسالة من التعاون والتفاعل مع حضارات الشرق المتنوعة ويقيمون حضارة اسلامية: تعلي للاسان قدره، وتفسح له المجال واسعا للاطلاع والبحث والحوار والابداع، وترسخ مبادىء العدل والتحية والمساواة, حضارة يجمع العلماء بانها كانت حلقة الوصل الواعي ما بين حضارات الانسان في العصور الحديثة، ولولا ظهورها على المسرح الانساني لتأخرت النهضة العالمية عدة قرون.
ايها الاخوة: اننا نلتقي ونحن قد دخلنا من بوابة الالفية الثاللثة، يحيط بنا هذا التقدم العلمي الهائل في التقنية والاتصالات والمعلوماتية، حيث تلاشت فيها المسافات، وانعدمت الحواجز واصبح العالم وكأنه بلدة واحدة فاليكم ايها النخبة الكريمة من رواد الثقافة والفكر والابداع، تتطلع المجتمعات في بلدان الشرق وهي تتساءل: ماذا اعددنا لهذا القرن الجديد؟ واين تقف ثقافتنا وهويتنا من هذه العولمة التي اتخذت تهيمن برأسها على العالم؟.
انها تأمل وتتمنى عليكم ان يكون لها دور فاعل كما كان في عصور سابقة، متوائما مع: تاريخ حضارتها، وتعداد سكانها، ووفرة ثرواتها، وابداعات انسانها لنستطيع ان نواكب مجرى نهر الانسانية نرفده بمعالم الخير والمحبة والتعاون والسلام.
ضيوفنا الكرام:
ونحن سعداء بكم، نرجو لكم طيب الاقامة في بلدكم الثاني داعيا المولى عز وجل ان يكلل اعمالكم ويحف مساعيكم بالتوفيق والنجاح وان تحققوا ما تصبون اليه من نتائج ايجابية تعيد لحضارتنا مجدها السابق.
واسمحوا لي في هذه المناسبة الكريمة ان اتوجه لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ايده الله بالولاء والشكر والعرفان على كل ما يبذله في خدمة قضايانا العربية والاسلامية بخاصة، والقضايا العالمية بوجه عام، والى سيدي صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني على تبنيه فكرة اقامة هذا المهرجان واقرار محاوره ونشاطاته الثقافية، وتسهيله وتذليله لكافة العقبات التي تواجه سير العمل، داعيا الله سبحانه وتعالى ان يجعلهما ذخرا وعونا لكل ما فيه الخير والتقدم.
( كلمة المهرجان):
بعد ذلك القى وكيل الحرس الوطني للشؤون الفنية ورئيس اللجنة التنفيذية للمهرجان الدكتور عبدالرحمن بن سبيت السبيت كلمة المهرجان بدأها بالترحيب بالضيوف والمشاركين قائلا:
من قلوب تمحضُكم المحبة والوداد، نرحب بكم اصدق الترحيب، فأهلا بكم ومرحبا، في ظلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة، واهلا بكم ومرحبا على منابر الابداع والفكر المستنير، والبحث العميق تتشوق اليه عقولنا لتنهل من معين ابداعكم، ومن صافي رؤاكم وشكرا لكم على حضوركم، شكرا يليق بفضلكم فقد تجشمتم عناء السفر وتحملتم مكابدة البحث واعتصرتم رحيقا طيبا سوف تسعد به الثقافة العربية في مدينة الرياض عروس الثقافة العربية وعاصمتها لعام 2000م اشركم بكل الصدق والامتنان باسمي شخصيا ونيابة عن المهرجان الوطني للتراث والثقافة.
ايها الحفل الكريم تنتصب منابر الثقافة العربية هذا العام في المهرجان الوطني للتراث والثقافة وهي تتطلع الى هذا الزحف القادم من الغرب، وكما كان الحال طوال قرنين مضيا كان هذا الزحف دائما يأتي من هناك وكانت ثقافتنا دائما تنظر اليه بحذر وانتباه، لا لان انسان الغرب عدو لها دامئا ولا لان العلم والتقنية والتقدم العام يشكل معضلة لثقافتنا بل لان الغرب سخر قدراته في الثورة الصناعية والعلمية ليبسط هيمنته على الوطن العربي والاسلامي وطوال مآسي القرن العشرين التي حلت عسكريا بالعرب والمسلمين كانت هناك ايضا معارك ثقافية فكرية وكانت فيها الشخصية الغربية هي المرجعية الرئيس في كثير من الحوارات التي دارت في بلادنا العربية والاسلامية تحت مسميات كثيرة مثل: الوافد والموروث والاصالة والحداثة وغيرها من العناوين التي لا تخفي عليكم وهانحن اليوم ايضا ونحن على ابواب القرن الحادي والعشرين، نسمع افكارا ومفاهيم جديدة ينثرها الغرب في العالم مثل: النظام العالمي الجديد وما بعد الحداثة وحرية السوق والمال وغيرها وتؤجج هذه المفاهيم روح متعالية تحاول ان تصبغ العالم بفلسفتها وقيمها وتفرض عليه بوسائلها الضخمة الخضوع لمصالحها والقبول بهيمنتها.
يقال لنا اليوم ان العالم قرية صغيرة ومع ذلك لا يتم التحقيق بين الناهب والمنهوب ولم يبرر احد لماذا تحارب التعددية في الانماط الحضارية وتكرس آحادية الثقافة، فالمرسل هو الغرب او الشمال، والمتلقي هو الشرق او الجنوب, والغريب في هذا الموقف الجديد ان بعض مثقفينا يستشعر نحوه هزيمة نفسية ويتقبل ما يجري وكأنه قدر حم على ثقافتنا فليس لنا بر يقينا ولا بحر, ويغفل هذا النفر ايضا عن اعراض مرضية تصيب الحضارة الغربية ذاتها فتجعلها احيانا تعمل ضد الفطرة الانسانية، وضد الاسرة كما نعرفها وضد المجتمع ومؤسساته، وضد البيئة بل وضد مصالح الوطن العربي الاسلامية وكيانه السياسي, والحق اننا في قضايا الاحياء والنهضة والتجديد لابد لثقافتنا ولمثقفينا ان يستذكروا مصالح امتنا وشعوبنا ويدافعوا عنها، فلا حياد في معركة المفاهيم الجديدة والعولمة منها بوجه خاص, ولابد من اتخاذ مواقف واضحة اصيلة ترسم حدود التقبل والاستجابة او الرفض والتصدي تجاه كل هذه المشكلات.
ايها الحفل الكريم: في هذا العام اختار المهرجان الوطني للتراث والثقافة ان ينظر شرفا وهو ينظر بأمل واستشراف لمستقبل انساني افضل، ففي هذا الشرق تتعايش حضارات عديدة تضم اقدم حضارات العالم واعرقها، وتضم في الوقت ذاته محاولات ناجحة لابداع عالم جديد، يكون منتدى للحضارات التي تقيم علاقاتها على التفاعل البناء والتعاون فيما يفيد والتنافس الشريف،بلا مغالاة وبلا فرض صراعات حياة او موت.
ضيوفنا الاعزاء مرحبا بكم جميعا في اجواء الرياض عاصمة الثقافة العربية ومرحبا بكم على منابر المهرجان الوطني للتراث والثقافة مع اهلكم ومع اصدقائكم ومحبيكم ولا يسعني وانا اختم كلمتي هذه سوى ان ادين بجزيل الشكر والثناء العطر لمولاي خادم الحرمين الشريفين ولسمو سيدي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد - حفظهما الله - على رعايتهما المستمرة للمهرجان والاخذ به الى مصاف العالمية ليزاحم بذلك اكبر المنتديات واقوى المهرجانات مستمدا في ذلك سياسة واضحة ومنهجا ثابتا, نرجو لكم اوقاتا طيبة نافعة وندعو الله سبحانه وتعالى ان يسدد اعمالكم وان يهدينا جميعا ان نقول للناس حسنا ويوفقنا الىالطيب من القول.
كلمة ضيوف المهرجان
ثم القى مدير مركز الدراسات الآسيوية بجامعة القاهرة محمد السيد سليم كلمة ضيوف المهرجان: فبعد ان اثنى على كرم الضيافة وحسن التنظيم لفعاليات المهرجان قال: قبل ان اتحدث عن المؤتمر ذاته اود ان انتهز هذه الفرصة لاهنىء خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين باختيار مدينة الرياض كعاصمة للثافة العربية عام 2000م والحق ان هذا الاختيار هو تتويج لمجموعة الانشطة الثقافية المتتالية والمكثفة التي شهدتها مدينة الرياض خلال ربع القرن الاخير والتي يعد مهرجان الجنادرية احد اهم اشكال التعبير عنها.
كذلك فان التقليد طيب ان تنتقل شعلة الريادة في النشاط الثقافي العربي كل عام من دولة عربية الى اخرى، ففي مثل هذا الانتقال اثراء للثقافة العربية حيث تسهم كل عاصمة عربية بتراثها الحضاري والثقافي في محيط الثقافة، كما انه يؤدي الى بلورة ثقافة عربية متنوعة لكنها متجانسة في آن واحد من خلال التفاعل بين المثقفين العرب في اطار حضاري وثقافي معين,, وانني لعلى يقين ان مدينة الرياض ستبدع في انتاج تغييرات منوعة عن الثقافة العربية.
اما بالنسبة لمهرجان الجنادرية، فانه يحسب لهذا المهرجان اولا استمراريته على مدى خمسة عشر عاما دون انقطاع لان الاستمرارية تعكس ايمانا من القائمين عليه نبل رسالته واكتسابه ثقة المثقفين من مختلف انحاء الوطن العربي والعالم الاسلامي، مما يدعوهم الى المشاركة فيه والمساهمة في اعماله.
كذلك فان مهرجان الجنادرية لم يستمر على المنوال ذاته فعندما بدأ المهرجان كان للتراث الشعبي السعودي، ولكنه تطور ونما وتوسع عاما بعد عام لكي يصبح مؤسسة ثقافية راسخة ودائمة فقد تنوعت انشطة المهرجان لكي تشمل الانشطة المسرحية والامسيات الشعرية، والندوات العلمية ومسابقات القرآن الكريم، فضلا عن الزيارات الميدانية لمختلف المؤسسات الثقافية السعودية وان هذا التنوع والتكامل في الانشطة جعل من المهرجان نقطة جذب للمثقفين من مختلف انحاء الوطن العربي والعالم باسره فيما اصبح المهرجان نافذة يطل منها المثقفون على الاسهامات السعودية المتنامية في الثقافتين العربية والاسلامية.
كما اصبح المهرجان بوتقة يتفاعل في اطارها المثقفون سواء من داخل المملكة او خارجها، بل واحيانا يتفاعل المثقفون من دولة واحدة في اطار انشطة مهرجان الجنادرية, فالمهرجان يوفر لهؤلاء جميعا وجبة للتفاعل المباشر فاذا ادركنا ان المشاركين في انشطة المهرجان هذا العام اتوا من مختلف انحاء العالم العربي، والمشرق بالمعنى الواسع لادركنا الفرص الممتازة التي يتيحها المهرجان لكل مدعو ليس فقط للتعارف على ارض مدينة الرياض، ولكن ايضا للتفاهم على انشطة ثقافية واكاديمية مستقبلية, فان هذا المهرجان يترك اثرا بمجمل التفاعل الثقافي بين المشاركين ليس فقط خلال فترة انعقاده ولكن ايضا خلال السنوات القادمة وبالنسبة لي شخصيا فقد اتاح هذا المهرجان الفرصة ليس لي فقط للاطلاع على التطور الهائل في الاسهامات الثقافية السعودية خلال ربع القرن الاخير، ولكن ايضا للاتفاق مع بعض المشاركين العرب الآسيويين على انشطة مشتركة في المستقبل القريب باذن الله.
وقد احسن منظمو المهرجان صنعا باختيار قضية الاسلام والشرق كمحور لانشطة الندوات الفكرية فخلال السنوات العشر الاخيرة فرضت عقول الحرب الباردة في الغرب علينا اجندتها الثقافية المتمثلة في وصف العلاقتين الاسلام والغرب والصراع بين الحضارات، ونهاية التاريخ وقد اشغلنا بهذه القضايا متخذين موقفا دفاعيا عن الحضارة الاسلامية ولكن مهرجان الجنادرية باختياره قضية الاسلام والشرق لتكون محور المناقشات في انشاء اجندة جديدة خاصة بالعالم الاسلامي، اجندة ذات طابع ايجابي ابتكاري تؤكد على التواصل الحضاري بين الاسلام والشرق بمعناه الواسع.
فالاسلام عرف الشرق قبل ان يعرفه الغرب، ولعل ما جاء بالاثر: اطلبوا العلم ولو في الصين دلالة قاطعة على ان المسلمين قد استوعبوا حضارة الشرق وحرصوا على التواصل معها حتى في العصور التي كانت فيها المسافات الجغرافية حائلا حقيقيا بين الحضارات, فيما تأتي مساهمة مهرجان الجنادرية هذا العام هادفة:
* بناء اطار للحوار بين الاسلام والشرق لمحاولة استكشاف نقاط الاتفاق والاستفادة منها في التعامل مع المتغيرات العالمية الجديدة التي تؤثر على الشرق باكمله.
* ادخال البعد الثقافي في هذا الحوار، والثقافة هي رابطة العقد الذي يمكن من خلالها بناء مشاركة اسلامية مشرقية قادرة على البقاء ولهذا فإنه تضمن بعدا ثقافيا، وفيما تلا مشروع القمة الاوربية الآسيوية التي تضمنت بدورها اعداد مؤسسات ثقافية، فان مهرجان الجنادرية لهذا العام يسهم اسهاما جوهريا في اطلاق شرارة التفاعل بين المسلمين والشرق ليس بهدف مواجهة اي قوة اخرى ولكن لاستكشاف ما هو مشترك، وكيف نتعامل مع التيارات التي تهددنا جميعا.
وحينما استعرضت موضوعات الندوات التي ستناقش هذا المحور وجدتها تصب في النهاية في اتجاه تحقيق هذه الاهداف، ولعلنا في نهاية المناقشات نستطيع ان نتوصل الى اطر وآليات محددة لضمان استمرارية هذا الحوار, لعل من اهمها انشاء مؤسسة دائمة للحوار بين الاسلام مع الشرق وليستفيد في هذا الصدد من خبرات المؤسسات الثقافية في الحوار الاوروبي بالمتوسطي.
ان روعة اختيار هذا الموضوع الاسلام والشرق تأتي من انه جاء في توقيته المناسب ليس فقط لانه يهمنا كمسلمين ولكن ايضا لانه يهم كل الحضارات الشرقية في الوقت الراهن وهذا ما لمسته خلال زياراتي المتعددة ولاسيما خلال العامين الأخيرين.
وفي الختام لا يسعني الا ان اشكر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين على رعايتهما الكريمة لهذا المهرجان، واوجه التحية للمنظمين على اثرائهم العلمي والتنظيم الرائع، واكرر الشكر باسم المشاركين.
هذا وقد حضر الحفل عدد من اصحاب السمو الملكي الامراء وكبار المسؤولين ونخبة من المثقفين في الدول الخليجية والعربية والاسلامية والدول الغربية.
|
|
|