عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد
اطلعت على ما نشر في صفحة (عزيزتي الجزيرة) من العدد 9986 والذي كان تحت عنوان (تعليم الزلفي: هدفنا صقل مواهب الطلاب) وذلك تعقيباً على المقالة التي كتبتها في العدد 9944 تحت عنوان (وماذا عن مهارة الارتجال الخطابي) وحقيقة لقد اسعدني ذلك التعقيب وفرحت به، وذلك لما يتضمنه من دلائل واضحة على الاهتمام البالغ بكل ما يتعلق بالعملية التعليمية والتربوية ومتابعة الآفكار والاطروحات التربوية البناءة التي تسعى لافادة الطالب وخدمة التعليم وتطوير آلياته، ومن هذا المنطلق يسعدني أن أعلّق على ذلك التعقيب وذلك من خلال النقاط التالية:
أولا : أقدم كامل شكري وتقديري للمسؤولين بادارة تعليم البنين بمحافظة الزلفي وعلى رأسهم مدير التعليم الاستاذ خالد بن عبدالعزيز الجريوي وذلك لما لمسناه من اهتمام بالغ بكل ما فيه خدمة للتربية والتعليم وتلمس حاجات المعلمين والاستماع لآرائهم واطروحاتهم وهذا ظاهر من خلال اللقاءات المفتوحة التي جمعت المعلمين بمدير التعليم بالمحافظة والتي كان آخرها اللقاء المنعقد يوم الثلاثاء الماضي 18/10/1420ه كما أشكر مدير العلاقات العامة والاعلام التربوي بالادارة أحمد بن صالح الخنيني على جهوده في متابعة كل ما ينشر عن التربية والتعليم وخاصة ما له علاقة بادارة تعليم المحافظة وكذا على اسلوبه المهذب واللبق ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ثانيا : لا أدري كيف فهم المسؤولون بادارة تعليم الزلفي انهم هم المعنيون دون غيرهم بكل ما اشتملت عليه المقالة من ملحوظات ومقترحات مع انه لم يرد ذكر للادارة البتة!! وكل ما في الامر هو الاستشهاد على اهمية مسابقات الالقاء ودورها في صقل مواهب الطلاب بما سطره طلاب المحافظة من ابداعات أشدت بها كثيرا، ثم اجتهدت بسرد بعض الرؤى والمقترحات المتعلقة بهذا اللون الرائع من الوان النشاط استقيتها من خلال مناقشة هادفة جمعت جملة من المعلمين من داخل المحافظة وخارجها، وكان الهدف من ذلك هو المساهمة بالنهوض بمثل هذه المشاركات في كافة محافظات المملكة بدون تحديد لمحافظة دون أخرى، ولعل المتتبع لثنايا المقال يدرك ذلك تمام الادراك وذلك ظاهر من خلال تعميم الكلام لكافة إدارات التعليم حيث قلت عن تكرار الموضوعات في مسابقات الالقاء ما نصه: (والمسؤولية هنا مناطة بالمسؤولين عن الانشطة الطلابية بادارات التعليم) وقلت عن مهارة الارتجال وقلة الاهتمام بها ما نصه (وللأسف الشديد اغفلت بعض ادارات التعليم هذا الجانب المهم وتجاهلته) كما قلت مطالبا باعادة النظر بأحوال الاذاعة المدرسية ما نصه (أتمنى ان يكون ذلك قريبا وذلك باعادة النظر في وضعها من قبل ادارات التعليم) ولو كانت الادارة بالمحافظة هي المقصودة لتم توجيه الكلام لها بعينها، ثم لو كانت هي المقصودة دون غيرها بتلك الملحوظات لتم ايصالها لمشرف النشاط الطلابي بالمحافظة مباشرة، دون نشر للغسيل في صحيفة سيارّة يقرؤها القاصي والداني، خاصة وان المشرف على هذا النشاط ممن عرف بتقبل النقد كما انه من الرجال الذين أجلهم ويسعدني نجاحهم، أضف إلى ذلك كله ان رائد النشاط بالمدرسة اخبرني بعد ظهر اليوم الذي نشرت فيه المقالة ان مشرف النشاط بالادارة اتصل به وتمنى لو اني رجعت للادارة واستفسرت منها قبل كتابة المقال فأخبرته لحظتها أني لا اقصد الادارة بعينها بتلك الملحوظات وطلبت منه ان يخبره بذلك بأسرع وقت ازالة للبس، وعموما أتمنى ان يكون هذا الفهم نابعا من الحرص الزائد على اتقان العمل وألا يكون من باب (كاد المريب ان يقول خذوني)!!
ثالثا : بما ان جهة الاختصاص بالادارة وضعت نفسها في قفص الاتهام (مع انها لم تكن هي المقصودة بعينها) وأجابت على كل الملحوظات التي تضمنها المقال أجدني مضطرا للبوح ببعض النقاط وأتمنى ان يتسع صدرها لتعليقي على اجاباتهم الآنفة الذكر.
أ / أجابت جهة الاختصاص عن ملحوظة تكرار النصوص الالقائية بأن الهدف الذي تسعى إليه ادارة التعليم من خلال تنظيم هذه المنافسات هو صقل مواهب الطلاب وتعويدهم على الجرأة وأفادوا بأنه وان توحدت النصوص والموضوعات فإن الاداء قد يختلف، ونحن ندرك تمام الادراك ان الهدف الاساسي من تنظيم هذه المسابقات هو صقل مواهب الطلاب، ولكن ينبغي ألا يكون هو الهدف الوحيد، بل لابد من استغلال هذه المناسبة بطرق موضوعات عدة يستفيد منها الحاضرون بدلا من التكرار الذي يجلب الملل ويقلل من الفائدة حتى وان كانت طريقة الاداء مختلفة، لأن الاختلاف غالبا يظل شكليا طفيفا لا جوهريا أصيلا!! ثم إذا كان بامكاننا ان نجمع بين الحسنيين (تعويد الطلاب على الحديث والالقاء وتنوع الموضوعات) وبدون مشقة او كلفة فلِمَ لا نسعى لذلك من خلال عقد اجتماع مصغر مع رواد النشاط بالمدارس ويتم التنسيق فيما بينها بقيادة مشرف النشاط بالادارة والمسألة لا تحتاج لكبير جهد فالموضوعات التي تستحق ان تطرق بالمئات بل والآلاف؟!
ب / أجابت جهة الاختصاص بالادارة عن المطالبة بالتنسيق والتوفيق بين هذه الانشطة والمواد الدراسية وعدم اخراج الطلاب من فصولهم للاستعداد والتجريب بأن هذا هو المعمول به في مدارس المحافظة، وهذا كلام جانبه الصواب مجانبة كاملة بشهادة المدرسين في جل مدارس المحافظة وكان الاولى ان يقال: (وهذا هو ما تدعو إليه التعاميم ونطالب المدارس به) لان واقع المدارس لا يؤيد ما قالوه ويجب ان نعلم ان هناك فرقا بين اعطاء التعليمات والتأكيد على التمشي بها وبين تنفيذها على الواقع المحسوس!!
ج/ لا يمكن لمنصف ان ينكر قلة الاهتمام بمهارة الارتجال الخطابي مقارنة بالالقاء المعد مسبقا في جل المحافظات والمدارس، حتى ان هذه المهارة المهمة اندرست في اغلب المدارس حيث تمر الاسابيع والشهور بل والسنون ولم نر طالبا يلقي ارتجالا في الاذاعة المدرسية، فحبذا لو تنبه المسؤولون لهذا الامر واعدوا الخطط المناسبة لعلاج ذلك القصور الواضح فيه، وكم اتمنى ان يأتي اليوم الذي نرى فيه الارتجال في اذاعاتنا المدرسية بشكل يومي او اسبوعي فمن المعروف ان الاذاعة المدرسية هي المنطلق الاول للمنافسات كما انها المحك الاهم لمعرفة مدى الاهتمام بهذا الفن الاصيل.
د / من الامور المسلّمة ان كل مدرسة مشاركة في منافسات الالقاء تحرص على الفوز بالمراكز الاولى والمتقدمة، وقد ينفعها هذا الحرص للاعتماد على الاسماء المشهورة والمعروفة في ميادين الالقاء، ولذا صرنا نرى الطالب الذي يبدع في هذا المجال من المرحلة الابتدائية يصبح عضوا دائما في منافسات الالقاء حتى يتخرج من المرحلة الثانوية بل ويستحوذ هذا الطالب وأمثاله من المبدعين على جل المشاركات والادوار الاساسية، بينما الاسماء الجديدة تأتي غالبا لتكملة العدد وأداء الادوار الثانوية التي لا تدل على براعة الطالب اذ ليس المهم مشاركة الطالب بل ونوعية المشاركة كذلك، وأتمنى الا يفهم البعض اننا نطالب بتهميش اولئك البارزين لا بل نطالب بعدم سيطرتهم واستحواذهم على جل المشاركات الاساسية على حساب زملائهم الآخرين، فمثلا الطالب المشارك في لوحة الالقاء الفردي ينبغي ألا يشارك في لوحة الالقاء الجماعي بل يفسح المجال لبقية زملائه، وحبذا لو تم اقامة اكثر من مسابقة في الالقاء بحيث تقتصر مشاركة كل طالب على مسابقة واحدة بمعنى ان الطالب المشارك في المسابقة الاولى لا يشارك في الثانية حتى نكسب مواهب اكثر ونتغلب على جزء من هذه المعضلة التي لا يقتصر وجودها على ميادين الالقاء بل في شتى ميادين الحياة.
ه / الاذاعة المدرسية وما أدراك ما الاذاعة المدرسية؟؟ إنها جنازة تنتظر الدفن!! فعلى الرغم من اهميتها البالغة ودورها البارز في صقل مواهب الطلبة ورعايتها، وعلى الرغم من انها المنبر الاول والدرجة الاهم في اعداد الخطيب المفوّه، والمرتجل البليغ إلا انها تئن وتشتكي من تجاهلها وقلة الاهتمام بها حتى صارت مملة وعبئا على المعلمين والطلاب!! نعم هذا هو واقع الاذاعة المدرسية في جل المدارس، ومن يدعي غير ذلك فهو يخالف حقيقة واضحة للعيان وضوح الشمس في رابعة النهار، لذا فلابد ان تقوم وزارة المعارف بتكوين لجان متخصصة لدراسة وضع الاذاعة المدرسية واعداد الخطط المناسبة لعلاج القصور الذي تعاني منه.
رابعا : يجب على كل من يبحث عن النجاح ويسعى للكمال ان يعلم تمام العلم ان ما يقوم به من جهود عرضة للنقص والخطأ لان ذلك سجية ملازمة للبشر والكمال لله وحده سبحانه، ولكن هناك فرقا بين من يبحث عن اوجه القصور لعلاجها او تخفيفها على الاقل وبين من يناضل لابعاد التهم عن نفسه وعدم الاعتراف بما وقع فيه من قصور وأحسب ان جهة الاختصاص بادارة تعليم الزلفي من الصنف الاول.
وختاماً : فالناقد بصير والتنظير سهل ونحن ندرك ان المسؤول لا يملك عصا سحرية يغيّر من خلالها واقع الناس ويصلح بها أشياء خاطئة استمرت ردحا من الزمن حتى تشربها الناس، لذا فنحن لا نطالبه ان يسبح ضد التيار ولكن نذكره بأن لكل مجتهد نصيباً وان مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة واحدة.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي