في أجواء مفعمة بروحانيات البيئة التي تشبعت عبر ألف وأربعمائة سنة ونيف بروح الايمان وبرسالة الاسلام، وانداح من ارضها نور الدعوة لله ووهج الثقافة العربية فكراً وإبداعاً، عبر التاريخ العربي في أرضنا الطيبة,, في هذه الأجواء طيَّبها الشعور بالأمن والسلام، والحب والمودة والترحيب بالضيوف، انطلقت فعاليات المهرجان الوطني الخامس عشر للتراث والثقافة على يدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحرس الوطني نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله .
ولم يعد هذا المهرجان الثقافي السعودي الفكرة والخطة والهدف، سعودياً فحسب، بل تحول بعطائه من جهة، وببرامجه المتنوعة من جهة ثانية وبجذبه واستقطابه لاهتمامات أساطين الفكر والثقافة في شتى ضروبها واتجاهاتها ومن مختلف أرجاء الوطن العربي والعالم الاسلامي، تحول مبنىً ومعنىً وعمقاً ورسالةً، إلى مهرجان عربي اسلامي وانساني في بُعده العالمي لأنه تحول أيضاً الى رافد ثقافي يغذي الحضارة الانسانية العالمية المعاصرة بالقيم الراقية التي تتبلور للناظرين والدارسين من خلال الملاحظات التي يتبارى بها المشاركون في برامج فعالياته.
إن المهرجان الوطني الخامس عشر للتراث والثقافة، يمثل كسوابقه رسالة من المملكة للإنسانية في كل بني البشر، تدعو للأمن والسلام والتآخي ونبذ الإحَن والتشرذم والخصومات والنزاعات التي تستنزف الكثير من الفكر والجهود والموارد والامكانات والوقت دون جدوى تفيد تقدم البشر في طريق الرقي والسمو والازدهار.
إنها رسالة دعوة للخير الذي ينبع من ضمائر المبدعين نثراً وشعراً، ودراسة وفناً وعلماً ليحل السماحة في القلوب والنفوس محل البغضاء والنفور حتى يعود بنو الانسان أسرة واحدة في عالم ضيّقته تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات الى حدود قرية صغيرة، صغيرة، لا يكاد يخفى فيها أي جزء عن الانظار.
إنها قرية القرن الواحد والعشرين الذي تتبلور فيه كل معاني العولمة بجميع أبعادها السياسية والاعلامية والاقتصادية والتجارية والأمنية والدفاعية والفكرية الثقافية.
ولعلّنا نلخص رسالة هذا المهرجان العالمي في أنه تنبيه للمعنيين بالثقافات من منابعها العربية والاسلامية والانسانية الأخرى الى ان الوقت في هذا الوقت المتسايح الحركة لم يعد يكفي لغير الجهود من اجل إصلاح واقع العلاقات الانسانية بين كل بني البشر، لكي تنصلح بعد ذلك احوال العلاقات الاخرى على قاعدة الحب والخير والأمن والسلام والتعاون المثمر لرخاء ورفاهية بني الانسان.
الجزيرة