الأخطاء الطبية تتسبب في وفاة 98,000 إنسان كل عام أ, د, إبراهيم بن صالح المعتاز |
كشفت المؤسسات العامة خلال 1999م بأن الاخطاء الطبية تعتبر واحدة من اكبر اسباب الوفاة في الولايات المتحدة الامريكية,
فقد جاء في صحيفة نيويورك تايمز ان 5% من المرضى الذين يدخلون المستشفيات او ما يعادل حوالي 1,8 مليون سنويا في الولايات المتحدة الامريكية يصابون بالعدوى في داخل المستشفيات، وتسمى هذه الظاهرة Iatrogenic بمعنى مصاب من قبل طبيب، او بشكل عام مصاب من جراء العناية الطبية, وتعتبر هذه الظاهرة مسؤولة بشكل مباشر عن موت 20,000 بين مرضى المستشفيات في الولايات المتحدة الامريكية كل سنة، وكذلك تساهم في وفاة 70,000 آخرين طبقا لتقارير المراكز الحكومية للسيطرة على المرض سي, دي, سي, C D C ، وتبلغ كلفة الاصابة من جراء العناية الطبية حوالي 4,5 بليون دولار.
وقد زادت نسبة مساهمة ظاهرة الاصابة من جراء العناية الطبية حوالي 36% في العشرين سنة الماضية وذلك لان الناس غالبا ما يدخلون المستشفيات الآن مرضى بشكل كبير اكثر مما كانوا قبل 20 سنة ماضية، ولان الاستعمال المفرط للمضادات الحيوية قد ولد جراثيم قاتلة مقاومة لهذه المضادات.
ويرجع جزء كبير من المشكلة الى العاملين في العناية الصحية الذين لا يغسلون ايديهم بشكل صحيح، وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز قول الدكتور روبرت ونستون مدير الامراض المعدية لمقاطعة كوك في مكتب خدمات الصحة في شيكاغو ان الايدي تعتبر الشيء الاكثر خطورة في المستشفى، وقد اشارت دراسة تمت في المركز الطبي في جامعة دويوك ان 17% فقط من الاطباء الذين يعالجون المرضى في وحدة العناية المركزة لا يغسلون ايديهم بشكل ملائم.
ويمكن استعمال قفازات خاصة بدلا من غسل اليدين، ولسوء الحظ فان العديد من الاطباء العاملين في العناية الصحية ينظرون الى استعمال القفازات انه لحماية انفسهم بشكل خاص، اذ انهم يضعونها على ايديهم في الصباح ويلبسونها طوال اليوم، عوضا عن غسل الايدي, وقد بينت دراسة لاستعمال القفاز في احد مراكز العناية طويلة الاجل انه يتم لبس القفازات نحو 82% من الوقت عند الاحتياج لها، في حين ان 16% من الوقت فقط يتم تغييرها عند الحاجة بشكل ملائم.
ولدى المستشفيات بضعة حوافز لمراقبة نسبة الاصابات بين المرضى، يقول الدكتور وليام جارفيس رئيس فرع التحقيق والحماية برنامج الاصابات في المستشفيات في المراكز الحكومية للسيطرة على المرضى سي, دي, سي, C D C في ولاية اطلنطا اذا انت لم تراقب الاصابات مراقبة جيدة فانك لن تلاحظها، وهذا يعني انها لاتوجد وانك تبدو بشكل جيد .
لقد تم اخذ عدة خيارات لعلاج هذا الامر، منها وجوب حث العاملين في العناية الصحية بأن يغسلوا ايديهم بغسيل اليد الكحولي غير المائي المضاد للبكتيريا والذي يعتبر غسيلا لليد فعالا تقليديا ولكنه اسرع في الاستعمال والطف من الصابون والماء.
الخيار الآخر هو ان يدرب المرضى على ان يسألوا كل العاملين في العناية الصحية الذين يأتون الى غرفهم، هل غسلتم ايديكم؟ .
ان ظاهرة الاخطاء الطبية اكثر سوءا من ذلك، فقد اصدر المعهد الوطني للطب قسم الاكاديمية الوطنية للعلوم في نوفمبر تقريرا بعنوان الخطأ انساني ، جاء فيه ان الاخطاء الطبية تتسبب في وفاة ما بين 44,000 الى 98,000 انسان بمتوسط يبلغ 71,000 في المستشفيات في الولايات المتحدة الامريكية كل سنة.
هناك حوالي 33,6 مليون انسان يدخل الى المستشفيات كل سنة في الولايات المتحدة الامريكية، وحوالي 2,9% الى 3,7% بمعدل 3,3% يعانون مما يعرف بالحدث المضاد بينما هم في المستشفى، ويعرّف الحدث المضاد على انه اصابة بسبب طبي وليست ناتجة عن المرض او من حالة المريض، من ضمن هذه الاحداث المضادة ما بين 8,8% الى 13,6% بمعدل 11,2% يعتبر قاتلا، ومن كل الاحداث المضادة حوالي 53% و58% بمعدل 55,5% ينسب الى الاخطاء الطبية، وبذلك يمكن ان نحسب في المتوسط ان واحدا من كل 500 انسان يدخل الى المستشفى في الولايات المتحدة الامريكية يقتل بالخطأ، وبالمقارنة فان احتمال ان يقتل شخص واحد في حادثة خطوط الطيران هي واحد لكل 8 ملايين رحلة، وهكذا فان الاخطاء الطبية تعتبر مشكلة صحية عامة رئيسية، وحتى باعتبار التقدير المنخفض، 44,000 متوفى بسبب الاخطاء الطبية كل سنة فان ذلك يتجاوز عدد القتلى في الولايات المتحدة الامريكية بحوادث السيارات، والذي بلغ 43,458 في 1998م.
ولاولئك الذين اعتادوا على التعبير بمعدل واحد في المليون، فان 1 في 500 من القتلى بسبب الاخطاء الطبية تعادل 2000 في المليون.
وقد جاء في التقرير المعنون الخطأ انساني ان 1 الى 500 ربما يقلل من حجم الموت بمشكلة الاخطاء الطبية لان تقدير 1 الى 500 مستند على المعلومات الموجودة في سجلات المرضى ويحتمل ان العديد من الاخطاء الطبية لم تدرج في السجلات الطبية، كما جاء في التقرير المعنون الخطأ انساني ان اكثر قضايا الاخطاء والامان تذهب دون ملاحظة ودون تسجيل، وذلك خارج وضمن منظمات العناية الصحية ويحيط الصمت هذه القضية.
ويورد التقرير المعنون الخطأ انساني دليلا على ان تقدير 1 الى 500 لربما كان تقديرا منخفضا، ويصف التقرير دراستين اوجدتا ان معدل الموت بسبب الاخطاء الطبية يتجاوز 1 في 500 كثيرا، وجدت واحدة من هاتين الدراستين التي اجريت على 815 مريضا في مستشفى جامعي ان 36%، كان لديه مرض Iatrogenic، والذي يعرف على انه اي مرض ينتج من اجراء تشخيصي او من اي علاج، او من حادثة ضارة لم تكن نتيجة طبيعية من مرض المريض، وقد وجد ان من هؤلاء 815 مريضا 9% كان لديهم مرض Iatrogenic الذي هدد حياتهم او انتج عجزا معتبرا وان مرض Iatrogenic يعتقد انه قد ساهم في موت حوالي 2% مريض آخر، وهكذا فان هذه الدراسة قد وجدت ان نسبة 10 الى 500 او 1 الى 50 من المرضى قد قتل بسبب خطأ طبي.
وقد بحثت الدراسة الثانية في 1047 مريضا ادخلوا الى وحدتين للعناية الفائقة ووحدة جراحة واحدة في مستشفى تعليمي كبير، وقد وجد ان 480 مريضا 46% كان لديهم الاحداث المضادة، حيث قد عرفت الاحداث المضادة بانها الحالات التي اتخذت فيها قرارات غير ملائمة في ذلك الوقت الذي كان يمكن ان يُختار قرار ملائم بديل، وان اصابة 185 مريضا 18% كانت جدية تسببت في حصول العجز او الموت.
وهناك نوع مهم من الاخطاء الطبية هو اخطاء الوصفة الطبية والتي تتمثل في اعطاء المريض الوصفة الخاطئة او الجرعة الخاطئة او مجموعات غير ملائمة من الادوية، ويورد التقرير المعنون الخطأ انساني تقديرا لاخطاء الوصفات الطبية التطبيب في داخل وخارج المستشفيات بأنها تسببت في قتل 7,391 انسان في الولايات المتحدة الامريكية في عام 1993/ (2 صفحة 27)، لكن التقرير يشير إلى أن التقديرات الحالية من أخطاء التطبيب منخفضة بلا شك لأن العديد من الأخطاء غير موثقة وغير مسجلة.
وتزداد المشكلة سوءا إذ ان الاطباء يصفون عقاقير أكثر، وقد ازدات نسبة الموتى في المستشفيات بين 1983 و1993م بسبب أخطاء التطبيب 2,4 ضعف بينما زادت نسبة الموتى من أخطاء التطبيب بين المعالجين الخارجيين (مرضى العيادات الخارجية) بشكل مدهش 8 أضعاف.
ان الاطباء غالباً لا يأخذون في الاعتبار التداخلات المحتملة بين العقاقير (الأدوية) التي يصفونها للمريض، يذكر التقرير أن الاطباء لا يبحثون بشكل روتيني امكانية تداخلات الأدوية، حتى عندما تكون المعلومات التاريخية للدواء متوفرة بسهولة ويستمر التقرير في وصف دراسة أجريت على 424 مريضاً مختارين بشكل عشوائي في غرفة طوارىء في مستشفى، ان نصف هؤلاء المرضى تقريبا (199 أو 47%) استلم وصفة طبية جديدة كنتيجة لزيارة المستشفى ومن هؤلاء 10% (19 مريضاً أو 4,7%) من مجموعة الدراسة) استلم وصفة طبية تسبب امكانية حدوث تداخلات مضادة، ويضيف التقرير أن تاريخ المعالجة قد سجل للمرضى وأنه كان متوفراً للأطباء في كل الحالات.
ويعتبر الاطفال وكبار السن خصوصاً عرضة لأخطاء التطبيب، وخاصة أخطاء الجرعة الخاطئة بشكل رئيسي ،في دراسة استمرت لمدة أربع سنوات لوحدة عناية مركزة للأطفال فإن مرضى Iatrogenic بسبب حدوث خطأ في العلاج يكون فيما بين 3,1% من 2147 طفل، بمعدل مريض واحد بين كل 33 حالة دخول للعناية المركزة.
في دراسة أجريت عام 1987م وجد أن الاطباء قد وصفوا أدوية غير ملائمة لحوالي 25% لكبار السن.
ولا يعتبر الاطباء الجزء الوحيد من هذه المشكلة، اذ وجدت دراسة عن الصيادلة في ولاية ماسيشيوست ان 2,4 مليون وصفة (4% من كل وصفة) منحت بشكل غير صحيح، 88 بالمائة من اخطاء الصيادلة تضمنت اعطاء المرضى العقار الخاطىء او القوة خاطئة.
اخيرا فان البيانات المتوفرة حول اخطاء التطبيب من المحتمل ان تقلل من تقدير الحجم الحقيقي للمشكلة، حيث ان التقديرات الحالية لاخطاء التطبيب منخفضة بلا شك لان العديد من الاخطاء غير موثقة وغير مسجلة.
ان معدل الوفيات الحقيقي من الاخطاء الطبية لربما يتجاوز 1 الى 500 لاسباب اخرى, تقدير 1 الى 500 يشكل معدل وفيات المستشفى، ولو ان العديد من الدراسات المتوفرة قد ركزت على الوضع, المستشفى، الا ان الاخطاء الطبية تعتبر مشكلة في اي مكان، ليس فقط المستشفيات، وقليل من الابحاث ان وجدت قد ركزت على الاخطاء او الاحداث المضادة التي تحدث خارج المستشفى، على سبيل المثال في عيادات العناية المتنقلة ومراكز الجراحة والممارسات المكتبية والصحة المنزلية او العناية من قبل المرضى او عائلتهم والاصدقاء في المنزل، لم يحدد ايضا معدل الوفيات من الاخطاء الطبية في بيوت التمريض، وتقدر دراسة واحدة من المعالجة في بيوت التمريض بأنه لكل دولار مصروف على الوصفات الطبية فان 1,33 دولار يصرف لمعالجة اصابات iatrogenic وموتى سببها تلك الوصفات الطبية.
ان الهدف المطلوب هو خفض الموتى بسبب الاخطاء الطبية في المستشفيات الى 1 في 1000 خلال 5 سنوات، ان السبيل الموصى به للوصول لهذا الهدف هو ان تجعل الاخطاء الطبية غالية، ويتم ذلك بوضع ضغط كاف لجعل الاخطاء الطبية مكلفة جدا على المنظمات ومقدمي العناية الصحية.
|
|
|