الدراسة التي اعدتها الادارة الصناعية بالغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية تحت عنوان (تطوير المدن الصناعية بالمنطقة الشرقية) جديرة بالاهتمام متابعة ما جاء بها باعتبارها دراسة موضوعية ومحاولة لوضع اسس علمية وآلية جديدة لجذب وتوطين رؤوس الاموال المحلية ووضع ارضية لجذب الاستثمارات الاجنبية لدعم الصناعة في المملكة.
ان تفعيل دور القطاع الخاص ومنحه صلاحية تموين وادارة المدن الصناعية خطوة تتناغم مع التطورات العالمية لمواجهة عصر العولمة الضرورة لا الخيار وذلك من اجل خلق اقتصاد وطني قوي ذي تقنية عالمية وكفاءة عالية، قادر على المنافسة والتحدي، فالعالم اصبح قرية صغيرة بفضل تطور وسائل المواصلات والاتصالات وبات من الضروري التفكير بايجاد ادوات جديدة تؤمن الحصانة الكافية لاقتصادنا وتقيه من العثرات، فالعالم بدأ في وقت مبكر للدخول في تحالفات صناعية كبيرة ذات رؤوس اموال ضخمة واندماجات قادتها كبريات البنوك والشركات المالية والصناعية العالمية، وهذه نقطة هامة يجب التأكيد عليها وعدم اغفالها، فالانماط الحديثة تسعى الى الدمج وليس الى التفتيت، وقد تطرقت الدراسة من بعيد لهذه الظاهرة حين اكدت على اهمية توحيد صناديق المدن الصناعية في المنطقة الشرقية لتقوية دوره في ايجاد مناخ ملائم لصناعات قوية لديها امكانات المنافسة والبقاء والاستمرار في عصر ستلغى فيه الحواجز الجمركية بين دول العالم وستفتح فيه الاسواق على مصراعيها لدخول الشركات العملاقة والمؤسسات ذات رؤوس الاموال الكبيرة والخبرة والدراية في التصنيع والتسويق، وسيكون من الصعوبة بمكان الحفاظ على دور للمنشآت الصناعية الصغيرة بسبب كلفتها العالية ومردودها الضئيل,هذا ومن جانب آخر اعطت الدراسة دورا اشرافيا لوزارة الصناعة، واعفت الدولة من تكاليف البنى التحتية للمشاريع الصناعية الحديثة وهذه الخطوة بحد ذاتها مؤشر واضح لجدية ومصداقية الدراسة، وفي تقديري الشخصي سوف تجد ترحيبا ورضا لدى اصحاب رؤوس الاموال المواطنة، وايضا ستلاقي نفس التقدير والاهتمام من المستثمرين الاجانب في ظل اتفاقات منظمة التجارة العالمية التي تسعى لاعطاء دور اكبر للقطاع الخاص مع تقليل الاعتماد على احتضان ورعاية الدولة وتعويمها للمنشآت والمشاريع الصناعية الخاصة,اننا فعلا بحاجة الى تطبيق وتعميم الافكار الايجابية التي حوتها الدراسة والاستفادة من مقترحاتها ولتعميم الفائدة ارى ان تعرض عبر القنوات الرسمية على جميع غرف التجارة والصناعة في المملكة لاخذ آرائها ومقترحاتها, ان الدراسة لاتزال بحاجة الى اثرائها من قبل مختلف الفعاليات الاقتصادية التي لا يمكن اغفال آرائها ومقترحاتها وتصوراتها.
في النهاية لا يمكننا الا أن نثمن هذه الخطوة التي قامت بها الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية على هذه المبادرة الكريمة التي اتمنى ان أرى ثمارها على ارض الواقع.
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية