المصير المجهول,,,! د, فهد حمد المغلوث |
من الصعب جدا وصف مشاعرك، ومشاعرك ذاتها معلّقة حتى اشعار آخر! ومن الصعب عليك التحكم في مشاعرك، ومشاعرك نفسها في حالة من عدم الاستقرار النفسي والوظيفي ,,, !
بل من الصعب عليك ترويض تلك المشاعر المتأججة بداخلك وتجاهل سبب هيجانها وعنفوانها وفورانها.
كل منا يعيش مصير مجهول بشكل او بآخر يتحكم في كل شيء فيه، في مشاعره، في تصرفاته، في ردود فعله بل في كل حياته ومشوار عمره وما لم يتحدد هذا المصير المجهول الذي يقلقنا ويتحكم فينا او تتضح معالمه على الاقل نجد أنفسنا في حالة نفسية لا يعلمها الا الله، حالة من التوتر والقلق والخوف بل والسلوكيات المتناقضة التي لا نرضاها لأنفسنا.
والمصير المجهول الذي نتحدث عنه يتخذ صورا واشكالا مختلفة ربما لا نشعر بالكثير منها كونها غير محسوسة بشكل واضح,
ونحتاج الى من يدلنا عليها ويرشدنا اليها كي نستطيع ان نتعامل مع ذلك المصير المجهول بعقلانية وتبصّر.
بل حتى الاشياء الحلوة والجميلة التي تحلم بها انت أحيانا تصبح مصدر قلق وتوتر بالنسبة لك كونك تسأل نفسك اسئلة كثيرة ومحيرة منها:
هل ما يحدث لي من اشياء جميلة هي جميلة بالفعل؟
كيف استطيع ان احافظ عليها؟ وهل انا قادر على ذلك؟
والأهم من ذلك، هل استطيع ان استمتع بها كما كنت احلم؟
فأنت أحيانا ولظروف معينة ربما تبوح لانسان عزيز على قلبك بأشياء بالغة الخصوصية كونك ترتاح اليه وتثق به وتحبه ولكنك لا تلبث ان تتضايق وتساورك الشكوك حول رأي الطرف الآخر فيك ذلك الطرف الذي بُحت اليه بكل مكنونات نفسك.
نعم تتضايق وربما لا تنام لانك تخشى ان يسيء فهمك او ان تسقط من عينيه كما يقولون ولانه ليس إنساناً عادياً بالنسبة لك تتضايق كثيرا وتطرح تساؤلات كثيرة لا تجد لها اجابات شافية لان مصيرها مجهول ولكنك حينما تتأكد بنفسك ان شيئا مما تقلق بشأنه لم يوجد حينئذ تتنفس الصعداء وترتاح نفسيا هذا ان لم تدع لهذا الانسان الرائع من وجهة نظرك كونه عرف كيف يتعامل معك، وكيف يفهمك وكيف يحافظ على تلك الثقة التي اوليتها اياه.
وانت حينما تصل لشعور جميل ومريح كهذا، لابد ان تفرح بنفسك اولا لان الله سبحانه وتعالى وفقك بانسان يعرف من أنت ويحافظ عليك وتأكد انه لو لم تكن فيك صفات حلوة ومميزات مختلفة عن الآخرين ربما لما كان هذا رد فعل الطرف الآخر معك.
ومع ذلك يظل المصير المجهول يطاردك في جوانب حياتك المختلفة ليقض مضجعك ويخلخل توازنك النفسي بل ربما أدى بك الى حالة من الارتباك والتناقض في تصرفاتك مع نفسك ومع الآخرين.
ان كلاً منا لديه احلام جميلة وغالية على نفسه يريد ان يحققها، يريد ان يراها ماثلة أمام عينيه، يريد ان يستمتع بها كغيره قبل ان تداهمه عجلة الزمن ويضيع العمر في مهب الريح، ومع ذلك لا نستطيع ان نحلم بشكل صحيح، لاننا حتى الحلم نشعر اننا محاسبون عليه، مطالبون بأن يكون وفق آراء الآخرين.
يا سبحان الله! وهل جمال الحلم إلا حينما يكون طبيعيا وتلقائيا وحرا يجوب الفضاء ويحلق في عنان السماء ريثما يشعر انه حان وقت الهبوط ,,,, ؟!.
الغريب ليس في خوفنا من المصير المجهول، بل في رضانا عنه وقناعتنا به كونه اصبح سمة ملازمة لنا في اغلب أمور حياتنا أليست اجاباتنا بقولنا لا أدري في أمور يفترض ان نعرفها هو مصير مجهول في حد ذاته؟
أليست دراساتنا ومعاملاتنا الشخصية المحفوظة في ملفات والتي يعلوها غبار الزمن أليست في عداد المصير المجهول الذي لا نستطيع ان نسأل عنها او ان نتابعها او ان نعرف ماذا صار بشأنها خاصة مع جهات تستخدم اجراءات قديمة عقيمة عفا عليها الزمن.
أليست هويتنا في احيان كثيرة مجهولة المصير كوننا لا نعرف ماذا نريد! والى من نلجأ بعد الله ,,,, !
ألست حينما تكون غريباً عن نفسك وتشعر بأنك لست انت، ألا يقودك هذا الى مصير مجهول حول هويتك الحائرة الغامضة التي تحتاج الى من يفك طلاسمها لك كي ترى حقيقة نفسك بنفسك؟!
أليست قراراتك الحائرة المترددة حول اهم شيء في حياتك وهو مستقبلك ألا يعني هذا انك في صراع مع المجهول في خوف منه، في ترقب مما سيحدثه لك.
أليس اصرارك وكفاحك لتحقيق شيء تعلم سلفا انه صعب تحقيقه على الاقل في الوقت ألا يعد ذلك تحديا للمجهول ومواجهة له, قد تكون مواجهتك للمجهول بادرة شجاعة وخطوة جريئة ربما حسدك عليها آخرون ولكن يظل بذلك خوف من المجهول حول قضايا اخرى ربما تحاول ان تغمض عنها عينيك بكبريائك الذي يمنعك حتى ان تقول بأنك تسير باتجاه معاكس لحركة التيار.
الخوف لاشك شعور طبيعي لدى الانسان كأي شعور آخر، ولكننا اليوم وفي ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية اصبحنا نعطي الخوف مساحة اكبر مما يستحقه في حياتنا ليس ذلك فحسب، بل اننا اصبحنا نحجز لهذا الخوف مساحات كبيرة في قلوبنا وكأننا على علم أكيد بأنه سوف يطرق قلوبنا ليبحث له عن مأوى دائم يعشعش فيه!
نحن بحاجة لان نكسر حدة حاجز الخوف المترسب بداخلنا, وبالذات ذلك الخوف الذي لا داعي له، ذلك الخوف المبالغ فيه، ذلك الخوف الذي ربما زرعه فينا أناس قريبون منا حتى لو كان عن حسن نية منهم.
لاشك ان العملية صعبة ولاشك تستغرق زمنا خاصة اذا عرفنا ان الكثير ممن هم حولنا لا يريدون ذلك بل يهمهم ان تكون في خوف وقلق دائمين كي تكون في جلبابهم يتحكمون فينا كيفما شاءوا ووقتما شاءوا!
ان المصير المجهول مرتبط بالخوف الى حد كبير، واذا ما استطعنا التدرب على تخفيف حدة الخوف فان المصير المجهول يصبح اكبر وضوحا او على الاقل لا يصبح مصدر خوف وقلق كبيرين، ولعل الايمان بالقدر وعدم التواكل هما سلاح وعلاج ناجعان لمواجهة حرب ضروس كهذه التي نواجهها في حياتنا اليومية.
اعد التفكير مرة اخرى في وضعك في حياتك في كل شيء مرتبط بك وانظر ماهو المصير المجهول الذي تخافه وتواجهه هل هو خوفك من اساءة الناس لك وتفهمهم الخاطىء لتصرفاتك؟
هل هو قراراتك المؤجلة المصيرية التي تنتظر قراراً حاسماً منك؟
هل هي احلامك المستقبلية التي تعد في غياهب المجهول؟
هل هو الخوف من القادم مما يخبئه لك المستقبل؟
هل هو خوفك من خسارة شيء على قلبك وعزيز الى نفسك؟
وهل؟ وهل؟
نعم لا احد يحبذ مصيراً مجهولاً كهذا يحمل في طياته كل مشاعر الحزن والالم والخوف والتوتر, ولكن أليست حياتنا وآمالنا واحلامنا وطموحاتنا معلقة بعد الله سبحانه وتعالى بحبل المصير المجهول الذي يلف اعناقنا؟
همسة
الا المصير المجهول,.
فانني احبّه,.
حينما يكون بصحبتك!
أتوق اليه,.
حينما يكون برفقتك!
***
يكفي أنني معه,.
أقصد معك,.
لا أخاف المستقبل,.
ومعي الأمان!
لا أخشى المجهول,.
ومعي الحنان,.
***
يكفي ان بداخلي,.
أنا وأنت,.
شيء من الايمان,.
شيء من القرآن,.
فماذا يعني المجهول ,,,, ؟
ليكن ما يكون ,,, !!
يكفي انه معك ,,,, !
|
|
|