Thursday 3rd February, 2000 G No. 9989جريدة الجزيرة الخميس 27 ,شوال 1420 العدد 9989



بين الذاكرة والنسيان
أ,د عبدالرحمن بن سعود بن ناصر الهواوي *

لقد وهب الله سبحانه وتعالى الانسان جهازاً عصبياً في غاية التعقيد والانضباط، وهو العضو الرئيسي المهيمن على جميع قدرات وتصرفات الانسان المختلفة.
يحتوي مخ او دماغ الانسان على ثلاثة اجزاء رئيسية ، ففي مقدمة الظهر اي اعلاه تتجمع الاعصاب القادمة من جميع اجزاء الجسم المختلفة لتدخل جميعها الى الجمجمة، حيث يوجد ما يسمى بالنخاع، الذي يتحكم في النشاطات غير المدركة في الجسم, ويقع فوق النخاع جزء المخ المسمى بالمخيخ، الذي يتحكم في التوازن الحسي ويساعد على النشاطات العضلية, ويوجد فوق المخيخ اكبر جزء من الدماغ، هو المخ الذي ينقسم نصفين يشكلان 70% من المخ والجهاز العصبي ككل, ويعتبر هذا الجزء من المخ اكثر تعقيداً وتطوراً ورقياً في الإنسان عن غيره من الحيوانات الاخرى, وسطحه متجعد ومعقد، وتجعيده يزيد كثيراً في مساحة سطحه، وبالتالي في عدد الخلايا الحسية الموجودة على هذا السطح، والتي تشكل طبقة تسمى بالمادة الرمادية, وترتبط الطبقة الخارجية من المخ بمواهب الذكاء والسلوك والكلام والتعلم والخيال والذاكرة، واتخاذ القرارات لدى الإنسان, اضافة لذلك فالمادة الرمادية هي التي تستلم الاشارات المترجمة والخاصة بالنشاطات الارادية, وتوجد تحت الطبقة الرمادية طبقة غليظة يطلق عليها المادة البيضاء، تحتوي على الالياف العصبية, وتوجد مناطق خاصة اخرى في المخ هي التي تسيطر على حواسنا المعروفة، مثل السمع والبصر والشم,.
ماهية الذاكرة
يقول الخولي 1976م : يمكن تعريف الذاكرة بأنها الوظيفة او الوظائف العقلية التي تعمل على احتفاظ المرء بآثار خبرات الماضي واستعادتها او الانتفاع بها فيما بعد، سواء على المستوى الشعوري او ما قبل الشعوري او اللاشعوري,, من ذلك نرى ان بين العادة والتعلم والذاكرة تشابهاً وتداخلاً, والذاكرة وظيفة تعتمد من الناحية النفسية على الشخصية بأكملها، ومن الناحية الوظيفية على اغلب اجزاء الدماغ.
وتتضمن الذاكرة الاستذكار اي التحصيل او التسجيل، فان كل خبرة تمر بنا او نختارها خاجية كانت او داخلية تسجل تدون بمعنى ما في عقلنا او في جهازنا العصبي.
وتتوقف سرعة التحصيل ودرجته على عدة عوامل خارجية وداخلية,, فمن امثلة العوامل الخارجية، وضوح الموضوعات، وشدتها وقدرتها على جذب الانتباه اليها، وتكرارها، وطريقة التكرار, ومن امثلة العوامل الداخلية، ذكاء الانسان ، وعمره، وصحته، ونضوجه، واستيعابه للامور ككل مترابط، لا كمعلومات مفككة، والعوامل الوجدانية المختلفة, وتقترن الذاكرة بالحالات التالية:
الاحتفاظ: وهو حفظ الخبرات اي آثارها السابق تحصيلها، وابقاؤها كامنة في النفس لحين الحاجة الى الانتفاع بها, وتتطلب هذه العملية سلامة الجهاز العصبي المركزي.
الاستدعاء، الاسترجاع، التذكر: ويتضمن سلوك الفرد العادي من ادراك، وتفكير، وحركة ، وعادات استخدام المعلومات والخبرات التي سبق تحصيلها.
التعرف: وهو معرفة مطابقة المدركات او الافكار الراهنة، أو عدم مطابقتها للخبرات السابقة والاحساس بأن الشىء مألوف او غير مألوف، كأن يرى الانسان شخصاً فيتعرف عليه، اي يعرف انه هو بعينه فلان الذي سبقت له معرفته.
ويقول الوقفي 1989م : التذكر عملية مهمة في استمرار الخبرة الانسانية، واستمرار انسانية الانسان، والا لكان يعيش من غير ماض يتعرف اليه بوصفه ماضياً, ولكان الزمان الذي يعيشه ضيق الرقعة محدود الآفاق، لا يكاد يمتد به الى الامام فيخطط لمواجهة المستقبل ولا الى الوراء فيستفيد بما في ماضيه من خبرات وتجارب, وقد قدمت جملة تعاريف تحوم في النهاية حول تحديده بأنه عملية تخزين لمواد التعلم في فترة زمنية ما، تعرف بفترة الاحتفاظ واسترجاعها، على اعتبار ان الاسترجاع تناول هذه المواد من المخزون, واستعادة لما سبق الاحتفاظ به.
ويقول الوقفي ايضاً: لقد عجز العلم عن الكشف يقيناً عن اسس فسيولوجية للذاكرة,, وقد وقف العلم عند حد القول بوجود قوة ما للربط بين المنبه والاستجابة، فالذاكرة تخزن في الدماغ كتسجيلات دائمة يمكن استرجاعها مفصلة وكاملة اذا قدم المنبه المناسب المثير للذاكرة لاسترجاعها من حيث تمكث ساكنة,, ان هناك من الناس من يحسنون التذكر اذا رأوا، ومنهم من يحسونه عن طريق السمع، ومنهم من يجيد تذكره عن طريق الحركة الكتابة ,, الى غير ذلك وهناك بعض من الناس ذاكرتهم مزيج من مختلف الحواس نتبين مما سبق اهمية حواسنا المختلفة في التنبيه لاسترجاع ما خزن من ذكريات في جهازنا العصبي .
النسيان:
يقول الخولي 1976م : كثير من حالات النسيان التي يشكو منها البعض سواء في الحياة اليومية او في المعلومات الدراسية ليس راجعا الى نسيان ما سبق تحصيله، ولكن الى عملية التحصيل ذاتها، وكأن المعلومات لم تسجل في الذهن اطلاقاً، او سجلت تسجيلاً باهتاً لو جاز هذا التعبير فيتعذر استرجاعها فيما بعد، وهو ما يشاهد في الحالات العادية او المرضية, اما الوقفي 1989م : فيقول اذا فشل الفرد في استرجاع المعلومات لسبب او لآخر يقال: اصابها النسيان، اي ان النسيان ضياع للمخزون، او عدم قدرة على استرجاعه.
وخاتمة القول نقول: لقد وهبنا خالقنا جلت قدرته جهازاً عصبياً متطوراً ومعقداً، وأي خلل في هذا العضو الفعال سواء كان خللا مرضيا، او خلقيا,, او ,, او,, يؤثر بصورة مباشرة على جميع مواهبنا وسلوكياتنا وقدراتنا المختلفة.
* الرياض كلية الملك خالد العسكرية
المراجع :
1 الخولي ، وليم 1976م.
الموسوعة المختصرة في علم النفس والطب العقلي
دار المعارف بمصر
2 الوقفي، راضي 1989م.
مقدمة في علم النفس
المؤسسة الصحفية الاردنية عمان.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

الفنيــة

الاقتصادية

متابعة

الجنادرية 15

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved