لاشك في أن التعاون بين الناس أمر ذو فوائد عظيمة كما أنه مطلب أساسي لاستمرار الحياة، إلا أن تأصيل هذا التعاون ودمجه بالعاطفة الفياضة بلاشك مطلب ينظر إليه الجميع بشغف.
والتعاون عادة يكون بين أطراف متساوية فرجل الأعمال مثلا يتعاون مع الآخر لكي يفيد ويستفيد، والدارس يتعاون مع زميله لنفس الغرض.
إلا أن ما أود التطرق إليه في هذه المقالة هو أمر يتعدى التعاون ليصل إلى التكافل في المجتمع وتقديم العون إلى محتاجيه يدفعنا إلى هذا التكافل عدة اسباب أولها الرغبة في المثوبة من الخالق عز وجل قال تعالى :(مثل الذين ينفقون), وأسبابه الأخرى تعود إلى نظرة اكثر عقلانية إذ تمتد إلى حماية المجتمع وصحته وأمانه والتكافل الاجتماعي الذي يربط الغني بالفقير والعالم بالجاهل، أمر لايخفى على أحد فوائده الاجتماعية إلا أن كفالة الإنسان لإنسان آخر وهو بحاجة لهذه الكفالة أمر يتعدى حدود العاطفة ليدخل في باب أوسع، وهو باب الإنسانية المحضة، وما أريد أن أصل إليه هو كفالة اليتيم الذي فقد اباه أو أمه أو كليهما لتتحول حياته من حالة الاستغناءإلى حالة الحاجة الماسة فحاجة اليتيم لاتقف عند حدود المادة بل تتعداها إلى الحاجة للعاطفة والشعور بالأمان واحترام المجتمع له دون أن ينظر إليه على أنه يعيش على إنفاق الآخرين فهذا اليتيم إذا لم يتعامل المجتمع معه بطريقة سوية قد ينتج عنه إنسان منحرف أو مجرم يهدد أمن المجتمع ويخل بتوازنه, وترك اليتيم دونما تنظيم اجتماعي دقيق في تكوينه متماسك في تركيبته قوي في إمكاناته قد ينتج أناساً غير أسوياء خصوصاً إذا كان هؤلاء اليتامى منسيين.
أو أن تعتمد هذه الفئة على البوادر الفردية في إعاشتهم أو عونهم، وتأسيساً على هذا فقد تكونت جمعية رائدة في هذا المجال يقوم عليها أناس ذوو خبرة وعلم، وقادرون على تخطي كافة الصعاب لمساعدة هؤلاء اليتامى وخلق وضع اجتماعي سليم لهؤلاء الأطفال الذين عانوا من فقد آبائهم وامهاتهم,هذه الجمعية صدرت الموافقة السامية على تأسيسها في تاريخ 22/6/1419ه أعطيت مسمى (الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض) وما أن صدرت الموافقة الكريمة حتى بدأت هذه الجمعية بالفور بممارسة نشاطاتها ومهامها والقيام بمسؤولياتها ولايفوتني هنا أن أنوه بأن هذه الجمعية تشرفت برئاسة والد الجميع والأخ الأكبر وصاحب العطاء الدائم والحنان المتدفق صاحب السمو الملكي الأمير النبيل: سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض الذي لا يألو جهداً في تقديم المساعدة لكافة شرائح المجتمع وقد خص الأيتام بصفة خاصة أعطاهم ثيابا من حنانه برئاسته لهذه الجمعية التي أخذت على عاتقها الاهتمام بهذه الفئة المحتاجة إلى المال والعاطفة والحنان والحب الذي يحتاجه الصغار والكبار على حد سواء بل قد تكون حاجة الطفل إليه اكثر واثرها على نفسه عظيم، ومن خلال هذه الجمعية سوف يحظى اليتيم بكافة الاهتمام الذي يحتاج إليه دونما منّة فرد بعينه أو إنسان بذاته فالمجتمع كاملاً سيقدم هذا العون من خلال هذه الجمعية,.
ولن يكتب لهذه الجمعية النجاح إلا إذا نظر المجتمع لها على أنها مؤسسة حضارية تضطلع بمهام اجتماعية جسيمة لها اثرها في تركيبة المجتمع وتحديد سلوكيات أفراده، وإذا ما نظر إليها المجتمع بهذه النظرة المتحضرة فإنها وبلا ريب ستحظى بمساهمة جميع فئات هذا المجتمع الغني ومحدودي الدخل على حد سواء كل حسب مقدراته وإمكانياته فالموسر والموسرة يتعين عليهما مد يد العون إلى هذه الجمعية من خلال زكواتهم وصدقاتهم وتبرعاتهم التي لاتقف عند حد، أما الفئات الأخرى من المجتمع فلهم مساهمات تتناسب مع إمكاناتهم فالموظف والموظفة قد يقتطع جزءا من دخله ولو كان يسيرا لهذه الجمعية، أما الفئات الأخرى التي لاتملك فائضا ماديا فالمطلوب منهم أن يوظفوا عواطفهم وذلك باقتطاع جزء من وقتهم لمساعدة هؤلاء الايتام أو بمنحهم العاطفة والحب من خلال زيارتهم والنظر إلى ما يحتاجون إليه.
إذا هذه الجمعية ونجاحها مرهون بنضج تفكير مجتمعنا, وقدرته على تقدير عواقب الأمور وأنا واثقة من أن مجتمعنا قد ارتقى فكريا ونضج اجتماعيا بشكل يضمن لهذه الجمعية ومثيلاتها من الجمعيات النجاح.
قال تعالى :(وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا) صدق الله العظيم.
وضحاء عبدالله الغاطي