اذا لم تستطع تغيير تفكيرك,, فهل انت متأكد من ان لديك عقلا؟!!
نحمد الله يا صاحبي بأننا في هذا البلد الغالي نسعد بأمن وامان لا مثيل له في كل ارجاء المعمورة وحرية فعلية مقننة بمبادئنا الاجتماعية وبعقيدتنا الاسلامية السمحة، فمن حق الجميع صغيرا وكبيرا طرح كلمة الحق والمشورة دون اي تردد وهذه الحرية واضحة للعيان بمختلف وسائل التعبير عنها ومن بين ذلك الصحافة وليس هناك من حاجة لاثبات ذلك فالواقع المعاش هو اصدق دليل للقريب او البعيد ولن نلتفت لاية خزعبلات او اقاويل خلاف ذلك.
فقال ذيب: صدقت يا صاحبي والدليل ان كثيرا من ابرز النقاد البارزين في مجتمعنا قد وصلوا لمناصب ذات مستوى عال ولم يؤثر عليهم نقدهم بل ان ذلك زاد من قدرهم مادام انهم ينتقدون في حدود مبادئنا وآدابنا الاسلامية، فالحرية بصفة عامة سواء الاعلامية او غيرها لا تعني الفوضوية.
فقلت له: وقد تميزت وسائل اعلامنا وخاصة الصحافة بالنقد الهادف القائم على الاحترام المتبادل والمستند على الحقيقة وليس غيرها وترفض التملق والنفاق الذي لا يبني ولا يفيد الا المصالح الشخصية قصيرة الفكر والنظر.
فقال ذيب: وهذا امر نسعد به جميعا ولكن البعض ما زال يعيش بعقلية عفا عليها الزمن وكأنه مازال يعيش في مرحلة تنموية قد مررنا بها ووصلنا الى مراحل ارقى واعلى منها وهؤلاء البعض غير مدركين لما حدث ولهذا فهم من بين معوقاتنا التنموية التي يجب ان نعالجها بوضوح ونصحح مسارها لتصبح عوامل بناء وتقدم.
فقلت له: فقد ذكرتني في احد الايام وانا اسير في العاصمة واشنطن خلال ساعات الذروة فقد لاحظت سؤالا مكتوبا على ملصق على خلفية احدى السيارات التي امامي وهذا السؤال له مدلول هام وقيمة عالية والسؤال بالانجليزية هو.
If you can,t change your mind... are you sure you have one?
وترجمته: اذا لم تستطع تغيير تفكيرك فهل انت متأكد من ان لديك عقلا؟!!
وبعد انتهائي من قراءته تذكرت البعض منا ممن يتصلب عند وجهة نظره ولا يمكن ان يسمح للطرف الآخر بطرح وجهة نظره وعندها تمنيت لو استطيع ان اطبع هذا السؤال على ملصق باللغة العربية واوزعه مجانا على مثل هذه العينة من بني البشر.
فقال ذيب: وربما يؤثر هذا على البعض ممن يتصلب عند رايه ويحاول اسكات الرأي الآخر بل ان البعض يعتبر من يطرح وجهة نظر مخالفة له كأنه قد اعتدى عليه، كما ان البعض يعتقد ان من العقلانية والرزانة الفكرية ان نقف عند رأينا وان نصر ونتصلب ونتصارع من اجل ان يبقى رأينا هو الصحيح بل اننا نتضارب في بعض الاحيان حتى ولو بالجماجم وليس ذلك من الرجاحة الفكرية لهذه الجماجم بل لثقل وزنها وخفة ظلها!!
فقلت له: كما ان البعض يرى ان من يتنازل عن رأيه يعتبر انسانا غير سوي ولا يعتمد عليه في حمل الراية الفكرية لانه قد تراجع عن رأيه وموقفه وكان من المفترض عليه الوقوف عند رأيه وعدم التنازل عنه.
فقال ذيب: لقد سبق ان قرأت هذا السؤال الهام في احد مستشفيات المجانين في امريكا عندما كنت ادرس درجة الماجستير في الحاسب الآلي ويظهر لي ان من ابتدعها احد المجانين وقد كان يقصد من ذلك اذا لم يتمكن الانسان بامكاناته العقلية من التحول من العقل الى الجنون ومن ثم من الجنون الى العقل فكيف يستطيع ان يتأكد من هل هو من اصحاب العقول او الجنون لان الفارق بينهما بسيط جدا، ومن ثم خرجت هذه العبارة الى خارج هذا المستشفى وتم تحريفها الى ان اصبحت تعني معنى آخر وهو اذا لم تستطع تغيير تفكيرك وقناعاتك الشخصية فهل انت متأكد من ان لديك عقلا؟!!
فضحكنا على هذا التفسير كثيرا وقلت له: اذاً فأنت تعتقد بصحة هذه الحكمة وكذلك بأخذ الحكمة من افواه المجانين؟.
فقال ذيب: نعم يا اخي وقد ثبت لي مصداقية هذه المقولة على الواقع من خلال زياراتي لبعض مكاتب بعض المدراء في دوائرنا الحكومية فالواحد منهم نافش ريشه وكأنه طاؤوس وينظر للادارة التي يترأسها وكأنها ملك له وليس من حق اي شخص سواء كان يعمل بها او مستفيدا منها ان يطرح وجهة نظر مخالفة لرأيه حتى ولو كانت وجهة النظر المطروحة صائبة 100% وهذا ينطبق كذلك على بعض الجهات التي لم تفهم النقد واهميته المجتمعية وتنزعج وتصب جام غضبها من اي وجهة نظر حتى ولو كانت صحيحة ولا يهم مثل هذه الجهات الا الدفاع والتبرير والهجوم على النقاد على طريقة المثل الشعبي الذي يقول لاقي الصياح بالصياح تسلم اما الاستفادة من النقد فهذا آخر ما يفكر فيه مثل هذه العينة.
فقلت له: اذاً الله يعينك يا صاحبي ان كان حظك تعبا وصادف ان كان مدير الادارة التي سوف تعمل فيها من هذه العينة فقد عرف عنك بأنك صريح وجاد ولن تتماشي مع مثل هذه العينة.
فقال ذيب: يظهر عليك ان لديك املا وقد بدأت تجهيز السرج قبل ملكية الخيل فأين العمل حتى تناقش مسألة الادارة والمشاركة في الرأي وغيرها من الهموم الادارية؟ فقلت له: لا حياة بدون امل ولابد ان يبقى الامل لتبقى معه والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل
عبدالله بن ابراهيم المطرودي
واشنطن