لما هو آتٍ مشروع تطوير المقررارات الدراسية (2) د, خيرية إبراهيم السقاف |
إن مشروع (بنك الأسئلة) الذي طرحته خطة التطوير للمقررات الدراسية مواصلة لحديث الأمس يأتي محققاً لأهداف التطلع إلى مواكبة أحدث النظريات العلمية، ليس فقط من منظور النظرية كفكرة، وإنما من آلية تطبيقها، ولقد عُرفت حكمةُ القول عندنا بأن (السؤال نصف المعرفة) وبأن المسؤول إن لم يكن يعي إجابة مايرده من سؤال على درجة بالغة الدقّة فإن عليه أن يقول (لا أعلم),, وفي ذلك لبُّ المعرفة وحكمة التعليم والتعلّم, لذلك لم يأتنا المربون (الأجانب) (أوربيون أو أمريكيون) في العصر الحديث بشيء جديد، فهم يغرفون من تراثنا الفكري وأصوله، ويعيدونه إلينا بشكل آخر, يبقى مشروع هذا البنك بحصره جميع الأسئلة التقويمية، سواء أسئلة المراحل المختلفة لكل مقرر القائمة في المدارس، أو تلك القرينة في المقررات المماثلة في أية خطة دراسية خارج الرئاسة، وربما يكون هناك توجه إلى تحديث في (سلوكات) التنفيذ لوضع الأسئلة بشكل يتيح تغيير نمطيتها بحيث تقابل ليس فقط مستويات المعرفة كما ورد في شرح سعادة الدكتور محمد العثمان، وإنما تواكب التأثير المباشر في مستوى الاستقبال لأنماط جديدة من الأسئلة لدى الطالبات والخلوص إلى نتائج المردود المعرفي بأساليب جديدة يمكن ابتكارها وتطويرها من خلال دراسة شاملة لنمطية الأسئلة وليس فقط تحديد مواصفات للأسئلة الجيدة من خلال الواقع لأن النتائج لن تأتي بجديد، إن لم تكن هناك نافذة مفتوحة متاح من خلالها التغيير, ولعل الكفاءات النسائية من الموجودات في قاعة المناقشة من خلال ما سمعت أكدَّ لي المستوى المتميز لأكثرهن وعياً بالعملية التعليمية التي تُكتسب بالخبرات في تراكميتها وتقادمها مع مواكبة التحصيل في استمرارية شَحذها وتطويرها وتحديثها، مثل هؤلاء سوف يكنَّ قادرات على التحديث,, لأنهن المباشرات للأداء في أثناء ممارسة التطبيق والتنفيذ لمحتويات المناهج التي هي محور الأسئلة التقويمية (مناط التطبيق) كي يتحقق الهدف الأساس من هذا البنك في متابعة مستديمة لدراسة نتائجه دون أن يتحول إلى أرشيفية توثيقية قد يعلوها التراب.
ولقد مرَّ مشروع التطوير بمراحل لّخصها سعادة الدكتور محمد من خلال العرض التوثيقي لها جاءت في أطر مترابطة/ متداخلة/ تماماً كإطار الجسد الذي تنفصل أعضاؤه في الوظيفة لكنها تترابط في الأداء، إذ شملت المراحل: التقويم التطبيق التعديل الطباعة المراجعة الاعتماد .
ولهذه الخطوات أهميتها عند تطوير أي مشروع هام وحيوي,, ولعل تطوير المقررات الدراسية الأكثر حيوية وأهمية, بل عليه يقوم توجّه صياغة الإنسان فكراً وسلوكاً وتوجهاً, من هنا جاءت أهمية المدارس, ولئن أخبرنا القوم في العالم الخارج عنا بأن أية متغيرات تطرأ على خططهم الاجتماعية ينطلق تنفيذها من خلال (المناهج) الدراسية، فإننا أولى أن نعود إلى (مناهج) الحلقات التعليمية التي بدأت في تأريخنا الإسلامي في المسجد، وحول الرجال القدوة وأولهم سيدنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم,, الذي غيَّر الجاهلية إلى النور، ودرَّس الرجال بما غيّر في تركيبتهم الفكرية، بل تكوينهم الشعوري أي وجدانهم, فحتى الوجدان يمكن أن يُربّى داخل المدارس.
إن خطوات هذا التطوير تُحفِّز مطالب أماني كثيرة,, وتوسُّمات بالغة الطموح، وتوقُّعات شديدة الترقُّب في أن يكون التطوير ملموساً في نتائج المردود على العناصر البشرية.
لا يكفي الورق وتحبيره، ورصف الخطوات والفرحة بها,, إننا نتطلع بمثل الحماس الذي رأيته من القائمات على الأداء التنفيذي للتعليم في الرئاسة، وبمثل الاستجابات الإيجابية التي سمعتها من المسؤولين الذين يطرحون الرأي وينقلون الرد عنه أن يكون هناك أخذ أكيد بمقترحات اللجان النسائية المباشرة للأداء،والواعية بمتطلبات التغيير والتطوير.
ثمة ما أود أن أضيفه هو الأخذ بما ورد في أمر تطوير سمات الكتاب المدرسي، من الترابط بشقيه الأفقي والرأسي، ومناسبة محتواه مع الخطة الدراسية، إذ هي نقاط أساس لا يختلف في شأنها اثنان، ولكن المحتوى، يحتاج إلى وقفة جادة كي تجعله محققاً لهدف آخر هو مناسبة الموضوع للحاجة العامة إلى جانب الحاجة الخاصة، فإن تحددت وحصرت موضوعات الاقتصاد المنزلي في محاورها العامة، فإن,, موضوعات الشريعة واللغة والتاريخ والجغرافيا والعلوم وسواها جميعها تحتاج إلى محاور ترتبط بمتغيرات العصر بحيث تُبني العقيدة بناء محكماً، وتُمكَّنُ اللغة تمكناً ملموساً، وتعطي المعرفة عطاء يتناسب مع حاجات العصر في الزمن الذي تطرأ فيه كل يوم ألوف المعلومات والعديد من الخبرات إذ أتمنى أن يُنظر في التطوير إلى أمر نتطلع إليه جميعنا وهو ألا تأتي طالبة إلى المرحلة الجامعية وهي تجهل كيف تضع الهمزات عندما تكتب، أو تخطىء في قواعد اللغة بشكل سافر، أو لا تُحسَنُ قراءة خطها، أو تَجهلُ هي (المعلومة) الواضحة في الخبرات التي تعد حينذاك سابقة وكان لا بد أن تكتسبها في المدارس.
أتمنى أيضاً ألا يُغفل أمر استحداث آلية تنفيذية لتدريب الطالبات في المراحل المتوسطة والثانوية على البحث في أولوياته الأساس,,، ولا ما يمنع أن تُعوّد الطالبة على القراءة واستخدام المكتبة منذ الصفوف العليا في المرحلة الابتدائية, وأن يكون هناك في خطة التطوير استحداث لمنهج (المكتبة والبحث) ليس بشكل نظري وإنما تطبيقي فهذه حاجة ملحة تقتضيها كافة المتطلبات لكافة المراحل وليس فقط التعريف النظري للمكتبة، وإنما أيضاً الحاجة ملحة لفتح المكتبات المدرسية للطالبات بشكل مجد على غير ما هو قائم وتزويدها بالكتب وربطها بمكتبات الجامعات ومراكز البحوث وبخاصة المرحلة الثانوية.
تبقى التحية مزجاة بكل التقدير لما سمعت وأتيح لي من الوقوف على هذا المشروع الهام والحيوي الذي نتمنى له جميعنا أن يحقق أهدافه,, تحية لوكالة الرئاسة للتطوير التربوي ولإدارة التعليم، وللأستاذة موضي العذل مديرة الإشراف التربوي التي كانت في هذا الأمر خير رابط.
وشكراً لدعوتها وتأكيدها وحرصها وللرئاسة العامة في وثباتها الايجابية بالغ الدعاء.
|
|
|