Wednesday 2nd February, 2000 G No. 9988جريدة الجزيرة الاربعاء 26 ,شوال 1420 العدد 9988



الهزيمةُ,, ومتسلِّقو القمر!
إبراهيم عبد الرحمن التركي

(1)

بادٍ هواكَ صَبرتَ أم لم تصبرا
وبُكاك إن لم يَجرِ دمعُك أو جرى
كم غرَّ صبُرك وابتسامُك صاحباً
لمّا رآهُ وفي الحشا ما لا يُرى
أمرَ الفؤادُ لسانَه وجفونَه
فكتمتَه، وكفى بجسمك مُخبرا
المتنبي
* * *
* من أين يأتي الأمل,,؟.
من الخارج,, من الخارج دائماً,.
* من أين يأتيك الحزن؟.
من مسام جلدي,.
* ومن أين يأتيك الفرح,,؟
من بكاء الاطفال ,,, ومن أحذية الكادحين ,,,
محمود درويش
* * *
(2)
** تقتلنا كيمياء الحزن
** ويوقظنا مزيج البراءةِ والتجاهل !.
* * *
** نتسلقُ القمر
** ونتعثرُ في الأرض ,,,!
* * *
** نُصفّق للهزيمة ,.
بعد أن مات النصر ,,!.
* * *
** سار لا يدري فقد أضنته غيمة ,.
نسي الريحَ ولونَ الشيحِ
غنّى دون (خيمه ,.
** بات في الحرِّ وفي القرِّ
يناجي الصمتَ
يبكي الوقتَ
يستمطرُ ديمه,,.
* * *
(3)
** حين تأتي (غالا) الروسية لتصف (سلفادور دالي) بأنه مهرِّج وهي التي عايشته وعاشت معه فتلك حكاية تستحق الإيقاف أو التوقف لتبرز من خلالها بشكل جليٍّ ظاهرة زامر الحي الذي يعزفُ وحيداً، ويموتُ وحيداً، داخل دائرته الخاصة ، وقد يبقى حيّاً ذا صوت وصيت خارجها، وقد يدفن بلا جنازة !.
** تختصر الحكاية محركات الدافعيّة لدى المبدع، الذي يتألقُ ويخبو بمقدار ما يلقاه من عناية وتقدير الا نفراً ضئيلاً انقطعوا عن العالم الخارجي فأخلصوا لوجه البحث، وآمنوا بديمومة الابداع وأيقنوا أن التاريخَ هو الحكَم الأصل والفصلُ وقليلٌ من هم,,!.
** المعاناة هنا لا تخصُّ جيلاً أو أمة أو طائفة فأمثلةٌ كثيرة ممن احتواهم الظلُّ من البارزين في مقابل من أحرقهم الوهجُ من العاديين الموصولين بحبال الشهرة والوجاهة,,!.
** ولأن صاحبكم قد طرق الموضوع غير مرة، فإن مزيدَ الحوار العلني حوله سيكون ذا جدوى أكبر من الاقتصار على رؤى مكتوبةٍ ذات محدودية قرائية ,,,!
* عدُّوا عنه إذا شئتم، وادعُوا المهتّمين لمنتدى في أحد أنديتكم، وضعوهم أمام هذه الظاهرة ومع نماذج ممن أقفلوا بيوتهم على نتاجهم وحقُّهم أن يكونوا تحت الشمس، وآخرين ملأوا أسماعنا وأبصارنا بصورهم وحضورهم وأصواتهم وأحرى بهم أن يتقاصروا، ولكم أن تفكروا,, لماذا,,,؟ ولكم أن تقترحوا كيف الخروج؟.
* * *
(4/1)
** كانت زوجة بيكاسو تصفُ زوجها بأنه أجمل طفلٍ في العالم، وبرغم التضاد بين موقفي امرأتين فإن ذلك يمثِّل الوضعَ المعتاد لرؤية المرأة أو تحليلها لمكان الرجل أو مكانته لديها، بحيث يحسُّ به من يتعامل معها، ولا فرقَ في ذلك بين من يتصدرون الواجهة أو يختفون داخل غرفهم المغلقة ,,!.
** وإذن فمنطلق الموضوع امرأةٌ تصنعُ او تضعُ الرجل، وتجعلُ شاعراً يُجَنُّ، وقائداً يتوارى، ومديراً يُدار، ومفكراً يتلعثم,,،, وغيرهم يصاب بانتكاسة أو ارتكاسة أو وهَن ,,,!.
** ومرةً أخرى فلن يكون الحديث عنها إلا بمقدار ما هو عنه حين يصطدمُ بواقعٍ مُرٍّ فينحرفُ عن التوجه إلى الغد ,,!.
(4/2)
** لعلَّ مظفَّر النوَّاب - الذي لم يبق شيءٌ أمامه دون أن يجابهه - نموذجٌ لانهزامية الرجل أمام المرأة :
* تفتَّح حزنٌ كثير غداةَ افترقنا
ولست على أحدٍ نادماً غير قلبي
فقد عاش حباً معاقاً,,, .
** لا شك أن مظفّراً الثائر على الجميع قد أبرز الخلل في تكثيف الإحساس بعجز المشاعر في ترحال شاعر ، وكان وصفُه للعلاقة بالإعاقة مؤشراً على إدراكٍ متأخر أوجد ندماً وحزناً وجراحاً ,,,!.
** صاحب الوتريّات متألم، وغيره من شعراء الورديّات الذين ينامون ويصحون على الحبِّ المسلوب من الإرادة الخالي من المشاركة ، المقضي عليهم بالبكاء في شعرٍ لا يحمل غير الأنين والحنين ,,!.
** وبإمكان من يشاء مطالعةُ مجلات ومجلدات الشعرِ الحديث عاميُّه وفصيحه وسوف يجد أن حياتنا حبٌّ ضائع، وتأوهات حائرة، وركضٌ خلف شعور السراب واليباب ,,,!.
* * *
(5)
** ما سلف يقودنا إلى الحقيقة الصارمة التي تكرِّس جاهزية الهزيمةِ في دواخلنا مما لا يحتاج إلى امرأةٍ أو لوعة أو فقدٍ فنحنُ نعيش الإحباط المنتهي بالهزيمة منذ أن أحسَّ الانسان العربي بأنه خارج إطار الفعل وناءٍ عن مركز القرار ,,,!.
** لمثل هذا يمكن للألم أن يتحول إلى بؤرة رفضٍ وغضبٍ وربما أدى ذلك إلى ولادة التغيير ؛ في تجاوز الغياب إلى محاولة قراءة وفهم وتبني لغة الحضور ,,!.
** مَن يبكي لُبنى وليلى يُعبِّر عن مشكلةٍ خاصة تُهمُّه وحده، ولا تستحقُّ كُلَّ هذا الالتفات الذي يملأُ الأدبيات العربية من لدن الضلِّيل وعمر بن أبي ربيعة ، ولكن الآخر المختلف الذي يبكي أمةً توارت أحقُّ بالتعاطف وإن لم ينل الرِّضا ,, فالدموعُ لا تَرُدُّ الحبيب كما لا تُنقذ الأمم !.
* * *
(6)
** يحاول الفرد العربي تعويضَ شعورِه بالهزيمة بتظاهراتِ الفرح التي تَثِبُ أمامه في وسائل الإعلام والترفيه ، فيبدو المُرُّ حلواً والأُجَاجُ عذباً، ونكتشفُُ - بلا أدريّةٍ أو وعي أننا نحبُّ الرقصَ واللّهوَ ، ونعشق النومَ والاسترخاء ، هذا عدا ما أشار له شاعرُنا العربي في أننا نكره الأهلَ ونحب الغرباء ,,!.
** لم تعد الهزيمةُ غطاءً عسكرياً أو حضارياً فقط، بل كذلك هي دثارٌ نفسي يجعلنا نتراجعُ أمام مشكلاتنا، ولا نستطيعُ مواجهةَ واقعنا، ونقف عاجزين أمام أزمةٍ عاطفية، وغير مبالين أمام انكسارٍ حضاري مزمن,.
** الحقيقةُ مقلوبة، والحلُّ قد يجيء مقلوباً كذلك,,! وربما نجد أن لا مفرَّ من حرقِ كلِّ دواوين الغزل ونقضِ خيمةِ الشعراء ,,,!.
* * *
(7)
** بديل المرأة نساء!,, وبديل الرجل رجال,, وتعويض المحب بأحباب,,,!.
** أما الكرامةُ وأما التفوق فبديلُهما المهانةُ والإخفاق .
** تنهض الأُمّةُ فينهض الناس !.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved