Wednesday 2nd February, 2000 G No. 9988جريدة الجزيرة الاربعاء 26 ,شوال 1420 العدد 9988



رؤى وآفاق
الجنادرية في عام الثقافة

وتمر الأيام وتتجدد اللقاءات الفكرية والشعبية، ويطل التاريخ من جديد في قرية الجنادرية، ممثلاً في تاريخ الفكر، والزراعة، والصناعة، والنقل، والتعليم، والبناء، والشعر ، والأهازيج، وتبرز الهجن الأصيلة في السباقات الممتعة، بحيث يعاد الماضي في صور معجبة، ويعرض الفرسان مهاراتهم في عروض ممتعة تقدمها خيل روضت على الطاعة، ومرنت على كل مايطلب منها، أيها القارىء الكريم إذا أردت أن تزور جزر (واق الواق) أو تشهد ليلة من ليالي الف ليلة وليلة، أو تكون رديفاً لابن شُهَيد على جواده المجنح إلى أرض التوابع والزوابع، فماعليك إلا أن تدلف إلى قرية الجنادرية فيشرع لك باب الماضي، وتجعل الحاضر خلف ظهرك، فلاترى إلا أجيالاً ماضية، غيبتها الأيام عن الرؤية، وحجبتها الليالي عن العيون، فأول ماتشهده سور القرية القديم، وأبوابها الخشبية، فتقف مع التاريخ وقفة المتأمل، وتنسى حاضرك، وزبرقة الحضارة الحديثة، وتسمع صوتا يشدك إليه حسن النغم، وتمازجه مع حنين النياق، وأنين المحال، فإذا هو صوت الساني خلف سوانيه، يرفعه كلما توقف المحال عن الأنين لامتلاء الغروب من ماء البئر، أو لسكب مائها في (اللِّزا),
وتلتفت حول البئر فترى دوابّ تطوف حول عمود، وتحت أرجلها قصب تدوسه فتتساءل عن عملها ولأي شيء قرنت في بعضها وربطت إلى ذلك العمود؟ فتعرف بعد ذلك أنها تدوس القصب من أجل إخراج الحب من سنابله وترى من بعيد بيت شعر، فيشدك منظره، ويهفو نظرك إليه، فتقودك رجلك لرؤيته، فإذا اقتربت منه استهواك صوت رخيم، ينبعث من داخله، إنه صوت الربابة يتلاعب بوترها مُغَنٍّ ماهر، يطوع الشعر لألحانه المختلفة، إن هذا الفن واحد من فنون الصحراء، اقترن بالجبل وكثيب الرمل، وبيت الشعر، وهاهو يحضر في الجنادرية لعشاق الماضي بأصالته.
أيها القارىء الكريم: وبعد استمتاعك بصوت الربابة لعلك تتجه إلىسوق القرية، فتجد في ردهاته، وحوانيته، كل ممتع معجب، فهذا جمل يطوف به صاحبه، وعليه حزمتان من الحطب، فيناخ الجمل في سوق القرية، وتبدأ المساومة من أجل شراء الحطب.
وهذه عربة يجرها حمار، فتتساءل عن عملها فتعرف بعد ذلك انها وسيلة نقل، عندما ترى مجموعة من الأطفال قد ركبوا فيها فنقلتهم من مكان إلى مكان آخر في السوق، وتمر بالمدرسة القديمة، فترى طلاباً يحملون ألواحاً خشبية ينظرون فيها، ثم يقرؤون، فتعرف أنها الطريقة القديمة لتعلم القراءة والكتابة, ويستهويك انتظام الحوانيت، بمقدماتها المظللة فتمر بها متسوقاً، فهذه حوانيت صناع السلاح، وتلك حوانيت النجارين بإبداعاتهم المتمثلة في الأبواب ذوات الأشكال المختلفة، والنوافذ البديعة، والأقفاص المتنوعة من كبير وصغير، وتقف أمام مايشبه العجلة، ولكنها مجوفة فتتساءل عن عملها، ولأي شيء صنعت؟ فتعرف أنها المحالة، وقد صنعت من أجل إخراج الماء من البئر بيسر وسهولة، وتصل بعد ذلك إلى حوانيت الخرازين فترىأنواعاً من الأحذية، وبينما أنت تقف مندهشاً من مهارة أحدهم في صناعته، إذا بواحد منهم يقوم وفي يده إناء، فيفك وكاء القربة ويشرب منها، إن تلك القربة المحتفظة بالماء البارد من صنع الخراز نفسه، فهي وعاء من جلد، يحتفظ بالماء ويبرده, وتخرج من السوق مستمتعاً بما رأيت فيه، فإذا بمجموعات من الناس استهواهم الفن، فانضممت إليهم، فإذا بفرقة العرضة وهي رقصة شعبية يؤديها الرجال وقوفاً مع الغناء بالشعر الحماسي، وتلتفت إلى اليمين فإذا بفرقة أخرى تؤدي السامري، وهو لون شعبي ، تؤديه مجموعة من الشباب في هيئة جلوس ،مع الغناء بقصائد الغزل، أو بالقصائد الاجتماعية, وتنظر حول السوق، فإذا بالبيوت المختلفة الاشكال، فتقودك رجلك إلى دخول واحد منها، فأول ماترى الباب الخشبي، ثم الدهليز الذي يفضي بك إلى الباحة،فتنظر في الحُجَر المطلة على الباحة، فإذا بسقف من خشب الأثل،وجريد النخيل، وإذا بالجدار من اللبن والطين، وإذا ببيت متقن البناء.
وبعد أيها القارىء الكريم: ألست معي في القول بأن الجنادرية تسهم في عام الثقافة وتثريه بعد هذه الجولة الممتعة في القرية الشعبية!
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved