كسر الروتين بين الحين والآخر له فوائده على أداء الإنسان رغم أن الإجازات فرصة للابتعاد عن العمل إلا أنها قد لا تختلف عن العمل في روتينها وبالتالي لا توفر للموظف الراحة؟!! |
يقول بول ثورن عن ذلك:
هناك العديد من الدلائل التي تثبت بأن كسر الروتين بين الحين والحين له فوائده على أداء الانسان في عمله, ومع ان هذا الكسر قد يحدث بعض الارتباك في المدى القصير، إلا ان فوائده جمة على المدى الطويل.
ومع أنه من المفروض في العطل أن تكون فرصا للابتعاد عن الروتين، إلا أنها في الواقع تكون مخططة ومنظمة بحيث لا تختلف عن العمل في روتينيتها وبالتالي فإنها لا توفر للموظف أو المدير الاستفادة التي يحتاجها منها.
ونحن تقليديا نأخذ عطلنا واجازاتنا الطويلة عادة في فصل الصيف، عندما نكون في أوج نشاطنا وانشراحنا ومقدراتنا الانتاجية، بينما نواصل العمل في فصل الشتاء الذي اثبتت الدراسات والأبحاث بأن انخفاض مستوى ضوء النهار الطبيعي فيه يؤثر على أوضاعنا فيثبط من هممنا ويقلل من مقدراتنا على التغلب على المصاعب, ومن هذا يبدو لي بأن أرباب العمل يكونون مظلومين بسبب هذا الوضع.
السعادة في العمل:
ومن الجدير بالذكر انه على النقيض من العمال, فإن معظم المديرين يجدون السعادة غريزيا في حياتهم العملية أكثر منها في حياتهم المنزلية الخاصة, وهم يقدمون على أخذ الاجازات من العمل عادة تحت ضغط عائلاتهم وتمشيا مع العادات والتقاليد.
وتختلف نظرة العائلات للعطل عن نظرة المديرين لها, فالعائلات تنظر اليها على انها ضرورة لازمة لتجديد وتعزيز أواصر علاقات قائمة بينهم وبين اقربائهم واصدقائهم في البلدان الأخرى, وللقيام بالرحلات السياحية والتمتع بتجارب جديدة, فالعائلات تطمح في ان تحصل عن طريق العطل على ما يثيرها وليس مجرد الراحة والهدوء,, فقد جرت برمجتها عبر القرون على توقع الأشياء الجيدة.
ومن المتوقع من المدير في منزله ان يكون هو المعطي دائما بينما هو في العمل يتبادل العطاء فقط, ولهذا فإن العطل تعرضه لضغوط ومتطلبات أكبر من ضغوط ومتطلبات العمل, وفي الواقع، فإن الناس يعودون عادة منهوكين من جراء الجهود التي يكونون قد بذلوها أثناء عطلهم.
ولابد من الاشارة هنا الى ان البروفسور كاري كوبر، الذي له باع طويل في دراسة الاجهاد الخاص بالعمل، قد أخذ يجري الدراسات حول ما يبدو من دلائل متزايدة على ان العطل والاجازات العائلية ربما تكون أكثر انهاجا من العمل.
وهو يركز في دراسته على المفارقة التي تنطوي عليها العطل، فإذا كانت العطلة ممتعة، فان تركها والعودة الى العمل بعدها يخلق نوعا من الشعور بالخسارة والاستياء, وأما إذا كانت غير ممتعة، فإن المرء يشعر بأنه قد بدد امواله فيها واضاع وقتا كان بامكانه ان يستغله بطريقة أفضل.
ومعظم الناس ينعمون بعدد لا بأس به من العطل الممتعة في حياتهم إلا أنه تصادفهم ايضا عطل كثيرة غير ممتعة ومخيبة لآمالهم أيضا، والحكماء من الناس لا يعودون لتكرار العطل الناجحة، ذلك لأن نجاحها ربما كان بطريق الصدفة أو كان عائدا لمزاجهم في ذلك الوقت وليس هناك ما يضمن أن يكون مزاجهم هو نفسه في المرات القادمة.
ولاشك بأن عدونا الأكبر هو الروتين غير المفيد، فهو يوجد حافزا ضعيفا للتغيير ومستوى منخفضا من الابتكار وجوا من الكرب، الأمر الذي يؤدي الى انهاكنا وجعلنا نشعر بالحاجة الى العطل والاجازات.
حان الوقت لإعادة النظر:
فإذا كان في الشركات مديرون تنفيذيون يقولون بأنهم بحاجة الى العطل واذا كان بها مسؤولون كبار يأخذون مخصصاتهم السنوية من العطل بانتظام، فقد حان الوقت لاعادة النظر في هذا النظام برمته، وذلك لأنه يعني الخسارة للجميع.
فبالامكان مثلا تحقيق التغيير المنشط والكاسر للروتين الذي نسعى لتحقيقه عبثا أحيانا عن طريق الاجازات والعطل باعتماد بعض الأساليب مثل تبادل المهام بين المديرين، تقاسم الأعمال بينهم، الذهاب في بعثات دراسية، حضور الدورات التدريبية أو الندوات الخاصة بتطوير مهن المديرين، وبالامكان ايضا اعادة صياغة عقود التوظيف بحيث تأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار, وهذه الأمور جميعها ممكنة ومفيدة لو قمنا جميعا باتخاذ مواقف ايجابية تجاه كيفية استفادة المؤسسات والمديرين من وقت بعضهم البعض، بدلا من مجرد حصر تفكيرنا في العطل والاجازات.
|
|
|