في إحدى زوايا البيت أظل ملقى على فراش سأم هذا الجسد الملقى.
يدخلون ويخرجون,, يلقون بنظرة على هذا الجسد الممدد ثم ينصرفون دون ان يلحظوا تلك الدمعة التي تترقرق في عيني
أه اتراكم لا تشعرون بما اعانيه؟!
انني برغم عجزي عن الحركة والكلام فان لي قلباً صغيراً متعطشاً للحب والحنان وأذنا تتلهف لكلمات الحب والملاطفة.
ليتكم تحرصون على تقديم ولو جزء يسير من الحب لي كما تحرصون على تقديم الطعام والشراب لي في مواعيد وكأنني لا أحتاج سواه.
وهكذا أظل ممدداً على فراشي اتابع تحركات من حولي,.
يلعبون,, يضحكون,, يصرخون كم أتمنى لو شاركتهم شقاوتهم تلك بل سعادتهم,, تلك.
ولكن يمضي يومي رتيبا كئيبا كسابقه من الأيام.
أدير بصري في انحاء المكان فإذا بها قادمة تحمل بين يديها صينية الطعام,, إنها المكلفة بالعناية بي تضع الصينية جانبا ثم تبدأ بإطعامي دونما اكتراث.
أمضغ الطعام بطريقة آلية دون ان احس بطعمه هكذا اعتدت تناول الطعام لأبتلعه وأنا لا أشعر بالرغبة فيه.
بعد ان انتهى الطبق المليء بالطعام تناولت كوبا من الحليب,, سكبته في فمي,, ابتلعت تلك الكمية الكبيرة منه دون اعتراض مني,.
أعادت الكوب ثم مسحت فمي بطريقة آلية معتادة
اعادتني إلى وضعي السابق ثم حملت صينيتها وغادرت المكان.
عدت إلى التفكير مرة اخرى احسست بيد الألم تعتصر قلبي الصغير دون شفقة اغرورقت عيناي بالدموع اغمضهما بشدة ثم افتحهما لتسيل دموعي حاملة كل الحزن والأسى تغرق بها وسادتي البائسة.
سرت في جسدي رعشة خفيفة اثر قيام احد اخوتي بإلقاء الغطاء على جسدي فجأة ثم سمعت وقع أقدامه وهو يبتعد.
نظرت حولي لقد أطفئت الأنوار وذهبوا إلى النوم.
إنهم يكثرون من الأغطية بل يدفنون بها جسدي الناحل خشية ان يصيبه البرد.
وبرغم كل تلك الاغطية إلا انني اشعر ببرودة غريبة تدب في اطرافي تنهش عظامي.
آه كم هي مملة وطويلة تلك المساءات الباردة وعندما توشك على الانتهاء يأتي النوم بطيئا ليريحني من عناء يومي اطبق جفني المتعبين وأحلم بنوم عميق.
***
في احدى تلك المساءات الباردة رحل ذلك الصغير عن الدنيا دون ان يشعر به أحد
رحل وحيداً غريباً كما أتى.