Tuesday 1st February, 2000 G No. 9987جريدة الجزيرة الثلاثاء 25 ,شوال 1420 العدد 9987



العمل التطوعي,,, لماذا؟ (4 - 4)
هل المتطوع موظف حكومي؟
د,حسن عيسى الملا

في مقالات سابقة سلطات الأضواء على العمل التطوعي من حيث تاريخه وأنواعه والطبيعة القانونية للمنظمات التطوعية باختصار يتناسب مع الكتابة لصحيفة يومية، وسأكتب هذا اليوم عن التكييف القانوني للمتطوع، بمعنى هل يعتبر وهو يمارس عمله التطوعي موظفاً عاما يخضع للقانون العام ونظام الخدمة المدنية، أم هو شخص عادي تخضع كافة تصرفاته للقانون الخاص, سبق ان عرفنا المتطوع بانه الفرد الذي يقدم خدماته دون مقابل، وهذا الفرد المتطوع عندما يقدم خدماته التي دون مقابل من خلال جهاز إداري، أو خدمة لجهاز إداري أو للمواطنين مباشرة، إنما يمارس عملا إداريا كان على الإدارة ممارسته لو لم يمارسه هو، وبالتالي فإن عمل المتطوع في طبيعته يشبه عمل الموظف العام، إلا ان عدم تعيينه بقرار أو بعقد كالموظفين قد اثار اشكالاً قانونياً كبيراً بين فقهاء القانون الإداري والقضاء الإداري، حول تكييف تصرفه، نظراً للآثار المترتبة على ذلك والخاصة بالمتطوع ومن ينصب عليهم عمله التطوعي,يشترط فقهاء القانون الإداري لإسباغ صفة الموظف العام على مقدم الخدمة العامة، ان يساهم في عمل دائم وبصفة غير عارضة في المرفق العام، وبما ان المتطوعين، ينقصهم هذا الشرط فلقد نشب الخلاف حول حقيقة الرابطة القانونية التي تربط المتطوع بالإدارة، والتي تقرر على اساسها صفته، ولكل من الطرفين رأيه، فطرف يرتكز على القواعد القانونية المستقرة، وطرف يستند الى قواعد العدل والإنصاف ويستنكر أن يستفيد منها المتطوع الذي يقدم نفس الخدمة للجهاز الإداري دون مقابل.
ولكن ما القول لو ان الدولة كما هو الحال في فرنسا قد أنشأت أجهزة من المتطوعين للقيام باعمال رغم توقيتها بالظروف الاستثنائية كالزلازل والفيضانات والحرائق العامة، إلا ان المتطوعين فيها يؤدون عملا منظماً على سبيل الدوام لمواجهة هذه الظروف؟
اعتبر القضاء الفرنسي إجابة على التساؤل اعلاه، ان تطوع افراد للمساهمة عرضا في اعمال انقاذ أو فيضان أو اطفاء حريق وما يماثلها، مرة أو مرات متتالية، ولو استغرقت هذه المرة اوالمرات مدداً طويلة، لايسبغ عليهم صفة الموظف العمومي، وعلى خلال ذلك إنه لو كان العمل ذاته منظما على انه عمل دائم، ولو تم على سبيل التطوّع، ولم يستغرق إلا وقتاً محدودا وعلى فترات متباعدة، يكون المتطوعون موظفين عامين خلال تطوعهم وأدائهم له، وهو ما سار عليه القضاء الإداري في مصر، فاعتبر ان فرق الدفاع المدني التي ينشئها وزير الداخلية لمراقبة الغازات والحرائق والإسعاف والتطهير والإطفاء من المتطوعين ذكورا وإناثا والذي يتطلب تطوعهم الانخراط في التدريب على أعمال الدفاع المدني في اوقات فراغهم بقصد الاشتراك في اعمال الدفاع المدنية ومواجهة الكوارث العامة، يعتبرون موظفين عامين اثناء فترات تدريبهم وأدائهم الاعمال التي تطوّعوا للقيام بها,ومن ذلك يتضح ان الفقه والقضاء الفرنسي والمصري يبنيان تكييفهما القانوني للمتطوّع على طبيعة العمل المؤدى، فاذا كان العمل المؤدى منظماً على سبيل الدوام فإن المتطوّع موظف عام ولو ادى ذلك العمل بشكل مؤقت، اما اذا كان العمل المؤدى غير منظم من قبل الإدارة على سبيل الدوام فان المتطوّع ليس موظفاً عاماً ولو أدى العمل لمدة طويلة تكاد تكون دائمة، وحتى هذا التكييف لم يسلم من النقد، فالمتطوّع وفق هذا المعيار في الدفاع المدني يعد موظفاً عاما أحيانا، ولايعد كذلك احيانا أخرى، تبعاً للعمل الذي يؤديه ووقت أدائه,والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة انه اذا لم نعط المتطوّع صفة الموظف العام أثناء ادائه لعمله التطوّعي فهل يعد مغتصبا لتلك الصفة؟.
يعتبر البعض أن افعال المتطّوع في الاصل باطلة وليس لها اثر قانوني لصدورها من غير ذي صفة، ولكن لخطورة النتائج التي تترتب على هذا الحكم، قرر الفقه والقضاء في فرنسا صحة هذه الاعمال اخذاً بفكرة الموظفين الفعليين ومنح المتطوّع على أثرها حق تعويض الضرر الذي يصيبه جراء تطوعه، على اختلاف في تكييف مسئولية التعويض، حيث فرق القضاء بين حالة اذا ما تم التطوّع بناء على طلب الإدارة، أو بمبادرة من المتطوّع وافقت عليها الإدارة، ففي هذه الحالة يطبق القضاء الفرنسي احكام المسئولية التي تطبق على الموظفين العامين، ويستند في ذلك الى ان الفرد المتطوّع للعمل مع الإدارة بناءً على طلبها أو بعد موافقتها يجب ألا يصاب بضرر من جراء تطوعه.
اما إذا تم العمل التطوّعي بمبادرة من المتطوع لم تعلم به الإدارة، فإن القضاء ادخل هذا النوع من التطوع ضمن مفهوم الموظف الفعلي اذا كان ذلك العمل قد حقق فائدة للإدارة، ولم يرتكب المتطوّع خطأ اثناء تأديته لعمله، وإلا اعتبر المتطوع فضولياً يخضع لقواعد المسئولية في القانون الخاص.
ولكي لا اغوص اكثر في الفروع وفروع الفروع للآثار القانونية المترتبة على العمل التطوّعي والتي تصدى لها الفقه والقضاء على مدى قرنين من الزمان، فلعل من المناسب في مثل هذه المقالة ان انهيها بالقول ان العمل التطوّعي في بلادنا وهو مقبل على التوسع والانتشار جدير بالتنظيم لا من حيث تقديم العمل التطوّعي في حد ذاته، بل وتحديد الآثار القانونية المترتبة عليه في مواجهة المواطنين أو الأجهزة الإدارية، وتحديد القضاء المختص للنظر في قرارات المتطوّع إذا ما اعتبرناه موظفاً فعلياً، وتكييف العمل التطوّعي من حيث المسئولية عن الأضرار الناجمة عن عمل المتطوع والتي تصيب المتطوّع نفسه أو مجموع المواطنين أو الإدارة.
دعوة للتطوع بالمال
بدأ مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث برنامج رعاية مريض السرطان لا تتجاوز المساهمة خمسمائة ريال شهريا، ويمكن للراغبين في الصدقة او أي جزء من زكاتهم لهذا العمل التطوّعي الحصول من ادارة العلاقات العامة في المستشفى على مزيد من المعلومات.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاء

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved