يحدث هذه الأيام أننا نعايش فعاليات الاحتفال بافتتاح موسم ثقافي فريد في صيغته ومبرراته وتتصاعد ردود الفعل حوله من الحماس والتفاؤل المطلق إلى التساؤل عن مردوداته ودوافعه.
هو حدث مهم أن توضح تفاصيله لتتضح جوانبه المتعددة ويفهمها من لا يفهم الحيثيات والمتوقعات والمردود المتطلع إليه.
من هذا المنطلق جاء طلب إذاعة الرياض وإذاعة جدة أن أشارك في الحوار ببرنامج أهلاً بالمستمعين والبرنامج هذا يواكب دائما الأحداث المهمة بحيوية مثيرة تستدعي الاعجاب بكل أفراد طاقمه الإذاعي في الرياض أو جدة على السواء,, مذيعين ومذيعات ومنفذين من وراء أجهزة التسجيل والبث، ومسؤولين في الإدارة .
في تناول هذا الحدث طرحت المذيعتان القديرتان ، كلا على حدة، أسئلة أعجبني فيها أنها لم تكن تقليدية مباشرة على غرار: ما هو شعورك في معايشة ما يحدث؟,, بل جاءت مواكبة لروح الحدث الثقافي ذاته، مثيرة للتفكير والتحليل في العمق للمبررات والنتائج والانفعالات العامة للحدث كان في الحالتين حواراً شيقاً أشارككم اليوم في بعض ما دار فيه,.
كان أعمق سؤال في رأيي ما جاء عن المسؤولية الواقعة على هذا الحدث وعلى المثقفين أنفسهم في تنبيه المجتمع حول أهمية الثقافة بالتفاعل معها: مع هذه الاحتفالية باختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية ماذا يطلب منا كمثقفين ومهتمين بشؤون الثقافة؟ .
طبعاً هي مسؤولية ولها أبعاد متداخلة، وتحملها ليس فقط شأننا كمثقفين بمجرد خيار ذاتي، بل واجب مفروض ومشروع متشعب الأهداف، تتحمله المؤسسات الثقافية والكل يتوثب للقيام بدور ما,, ولذلك نرى هذه الاحتفالية ونسمع أصداء صخبها, والمطلوب منا كمثقفين ومسؤولين أن نركز على الجوهر لهذه الفكرة وليس على قشورها والجوهر هو رفد الثقافة عامة وليس المهم هو ظهور الأفراد أو تسليط الأضواء فردياً على هذا المبدع أو ذاك المفكر أو المسؤول عن برنامج ما من برامج الحدث أو مؤسسة ما من مؤسسات الدولة ,, الجوهر هو تلمس وتقبل فكرة التجدد والتطور والمشاركة في بناء المعرفة والحضارة والاضافة إليها كل كعضو فريق متكامل ومتساند وداعم للاعضاء الآخرين.
دور عضو الفريق المتساند يتناقض مع التوجه الفردي السائد من تلميع هالات الذات الفردية وإبرازه تميزها عن الآخرين ذلك ليس دور ريادة ثقافية بل صنمية الوقوف تحت الأضواء منفرداً.
البناء الثقافي عمل فريق جماعي والثقافة نتاج انجاز مشترك لا يمكن احتكاره في موقع البطولة الفردية أو النخبوية، بل لا بد من نشره وتجذيره ليصبح سائداً معتاداً يملكه الجميع وليضحي أسلوب حياة أفضل للمجموع,,
وهكذا فالمطلوب منا جميعاً كمثقفين ومسؤولين وإعلاميين هو التركيز على الدعم والمشاركة في نشر التوجه لبناء العقول الباحثة وتقبل الإبداع المتجدد وتبني حيوية التفكير وتجذير الرغبة في تواصل التطور,,
ومثل هذا التوجه يحمل المثقف دوراً ريادياً ومسؤولية قيادية لا دوراً بطولياً منفرداً.
أعان الله الجميع أن يقوموا بدورهم,, كل بأحسن ما يستطيع.
د,ثريا العريض