قد تلاحظون بعض الاطفال,, وهو يتصرف تصرفات قد تكون أكبر من سنه ويتكلم بكلام,, لا يقدر على الأخذ به الكبار,, ويلاقي أموراً لها عنصر المفاجأة فيتخلص منها بقدرة تفوق ما يتوقع منه,, مثل هذا,, يتميز على من في مثل سنه بميزات خلقية,, تكونت معه من ولادته,, ووجدت في أحاسيسه عند تكوينه وقد يكون له فيما بعد شأن كبير,, يقول ابن الجوزي رحمه الله تأملت الذين يختارهم الحق عز وجل لولايته والقرب منه,, فقد سمعنا أوصافهم ومن تظنه منهم ممن رأيناه,, فوجدته سبحانه لا يختار إلا شخصاً كامل الصورة,, لاعيب في صورته ولا نقص في خلقته,, ثم عدد بعض الصفات الحميدة,, وهذا الرأي لابن الجوزي وإن كان فيه حصر غير مقبول,, إلا أنه قد يحاكي الواقع,, وإلا فإن التاريخ تحدث عن متميزين يغايرون بطبائعهم ومزاياهم وصفاتهم ما ذكره ابن الجوزي,, لكن قد تبدر من الصغير عبارات تطرب الكبار,, وتشدهم شوقاً لما سيحدث لهذا الصغير بعدئذ, وكانت العرب تعرف التميز في الصبي,, من لعبه فإن كان يقول لاقرانه من يكون معي عرفوا فيه حب القيادة وتسنم الأمور الصعبة,, أما إن كان يقول من أكون معه فهذا يعتمد على الآخرين,, وهذا تحليل له حظه من الواقعية,, ومن قصص القرويين الظرفاء ما رواه أحدهم, أن رجلاً افتقده أهله فبحثوا عنه أياماً فلم يجدوه وبعد ذلك وجدوه وقد سقط في قاع نخلة محاطة بالفسائل ذات الأشواك الكثيرة,, وقد أدمته,, وحرولته ,, قالوا له,, كم لك هنا,, قال ثلاثة أيام ولم تستطع التخلص ,, قال لم أستطع ولماذا لم تصح قال: أنا كفو صياح والكفؤ هو الذي يستطيع أن يفعل الشيء وهذا لم يستطع الصياح,, فكيف يرجى منه شيء.
ومما عرف عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه كان يلعب مع أقرانه من الصبيان فصاح عليهم رجل ووبخهم ففرواً لكنه مشى إلى الوراء قليلاً وقال: للصبيان: اجعلوني أميركم وشدوا بنا عليه,, وهو الذي مر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان مهاباً ففر أصحابه وبقي ,, فقال له عمر لِمَ لم تفر مع أصحابك قال : يا أمير المؤمنين لم أجرم فأخاف ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك.
وقال ابن المثنى: سمعتهم بمرو يقولون: قد جاء الثوري,, قد جاء الثوري,, فخرجت أنظر إليه فإذا هو غلام قد بقل وجهه أي أن شعر وجهه لتوه بدأ في الظهور ,, فعلاً يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كبيراً,, ومايذكر إلا أولو الألباب .
|