Sunday 30th January, 2000 G No. 9985جريدة الجزيرة الأحد 23 ,شوال 1420 العدد 9985



كول لن يعود إلى البرلمان الألماني
فضيحة التبرعات تتوج عقداً من الفضائح السياسية في ألمانيا
علاقة طردية بين السياسة والتجارة في مفهوم بعض الزعماء الألمان

* برلين الألمانية
لا تعتبر فضيحة التبرعات الحزبية غير العادية التي تهدد حاليا بانهيار الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ في المانيا، الفضيحة السياسية الوحيدة التي تشهدها البلاد.
فالحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في ولاية شمال الراين وستفاليا اكبر الولايات الألمانية يحاول في الوقت الراهن دفع التهم الموجهة اليه بشأن استخدام شخصيات كبيرة بالحزب الطائرات الخاصة بأحد البنوك وهو لاندسبنك المملوك للدولة.
والى حد ما فإن الموجة المتصلة من الشائعات التي احاطت برئيس الحزب المسيحي الديمقراطي السابق هيلموت كول خلال الاسابيع الاخيرة بشأن غسل الاموال والاموال القذرة والرشاوى، إنما تشكل ذروة عقد من الفضائح السياسية.
وابتداءً بما كانت تعرف باسم فضيحة سفينة الاحلام مرورا بفضيحة اميجو وفضيحة الكهرباء والاثاث وفضيحة سيدة النظافة وفضيحة حفل الاوبرا وانتهاءً بفضيحة الزفاف فإنه يبدو ان العلاقة بين السياسة والتجارة في ألمانيا من الممكن ان تكون حميمة الى حد بعيد في احيان كثيرة.
وجاءت فضائح العقد الماضي ايضا في اعقاب فضيحة فليك وهي فضيحة متصلة كذلك بالتبرعات الحزبية التي يرجع تاريخها الى اوائل الثمانينيات والتي كان مفترضا ان يتم نتيجة لها وضع معايير جديدة بشأن تبرعات الاحزاب السياسية وتوفير شفافية اكبر في تمويل النظام السياسي.
وفيما يتصل بفضيحة سفينة الاحلام فقد تم اجبار رئيس وزراء ولاية بادن فورتيمبرج آنذاك، لوثار سبيت، وهو من الحزب المسيحي الديمقراطي على التخلي عن منصبه في عام 1991، في اعقاب سلسلة من المزاعم بشأن قيام الشركات الخاصة بدفع تكاليف رحلاته بدءاً من رحلة باليخت قام بها في بحر ايجه في عام 1986.
وبعد ذلك بعامين أجبر كذلك رئيس وزراء ولاية بافاريا آنذاك ماكس شترايبل على الاستقالة وسط موجة صخب مماثلة من الاتهامات وهي الموجة التي لقبت بفضيحة اميجو .
ومن بين الاسماء التي اثيرت في الفضيحة السياسية التي ضربت ولاية شمال الراين وستفاليا، اسم الرئيس الالماني الحالي يوهانز راو الذي انتقل من منصب رئيس وزراء الولاية الى منصب الرئاسة بقصر بيلفيو في برلين.
وكان ذلك في اعقاب الانتخابات التي اجريت في ايلول/سبتمبر من عام 1998 والتي اتت بالحكومة الوطنية للاشتراكيين الديمقراطيين برئاسة جيرهارد شرويدر.
وقد اصدر محامو راو قائمة بالرحلات الجوية التي قام بها الرئيس خلال عمله كرئيس وزراء للولاية لاظهار ان رحلاته على متن الطائرة الخاصة بالبنك لم تكن لاغراض شخصية.
ومع الكشف عن هذه الفضيحة، اعرب راو عن احساسه بالمرارة ازاء تعامل اجهزة الإعلام مع هذه القضية.
والاكثر في هذا الموضوع والذي يأتي قبل اشهر من الانتخابات الحساسة في ولاية شمال الراين وستفاليا في ايار/مايو القادم أن فضيحة الرحلات الجوية تلقي بشكل متزايد بظلالها على حملة الاشتراكيين الديمقراطيين لإعادة انتخابهم في هذه الولاية.
وقد اضطر هاينز شليسر وزير المالية في ولاية شمال الراين وستفاليا ان يعترف بأن هناك امرأة كانت برفقته في واحدة من رحلات الطائرة الخاصة بالبنك اثناء زيارة قام بها ليوغسلافيا في اوائل التسعينيات من القرن الماضي، واكد شليسر على الفور انه سيسدد للبنك تكاليف رحلة رفيقته.
واتخذت ما تسمى بفضيحة الرحلات الجوية بولاية شمال الراين وستفاليا المركز الثاني في الصحافة الالمانية أمام الفيض اليومي الهائل من الشائعات المتصلة بكيفية تمويل الحزب المسيحي الديمقراطي فترة بقائه في السلطة على مدار ستة عشر عاما.
غير انه مع ضم هاتين الفضيحتين الى الفضائح السياسية الاخرى التي اندلعت في ألمانيا خلال السنوات العشر الاخيرة، فإنه يمكن القول إن الفضائح تشكل شيئا ما في عمليات مؤسسة الدولة الالمانية وفي شبكة الاعمال التجارية والروابط السياسية التي توجد بينها.
وتود الصفوة السياسية في ألمانيا ان ترى الامة تنتهج سبيلا ثالثا في قضايا الاعمال التجارية وهو ما يسمى في غالبية الاحيان باسم رأسمالية راينلاند، ويقضي ذلك باتخاذ نهج وسط بين التدخل القوي من جانب الدولة وبين النموذج المؤسسي العدواني الانجلو سكسوني المتسارع الخطى.
غير ان هذا السبيل الثالث، كما تظهر الفضائح، يسفر احيانا في مجال الاعمال عن اخطاء ذات خطوط مبهمة بين قطاع الاعمال والحياة السياسية في البلاد.
ومنذ اقل من ثلاثة اشهر فقط في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تمت تنحية رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي لولاية سكسونيا السفلى، جيرهارد جلوجوفسكي من منصبه في اعقاب الكشف عن قبوله رحلة شهر عسل من شركة سفريات ومشروبات من أحد مصانع البيرة لحفلة زفافه، وقد اصبحت هذه القضية معروفة باسم فضيحة الزفاف .
وقبل سنوات قليلة عندما كان المستشار شرويدر رئيسا لوزراء سكسونيا السفلى، فإنه كان ايضا محور تلاطم سياسي بسبب رحلة قام بها بدعوة من فيردناند بيش رئيس مجموعة شركات فولكس فاجن لصناعة السيارات، الى فيينا لحضور حفل شهير تقيمه اوبرا فيينا سنويا.
وسافر شرويدر الذي كان آنذاك عضوا في المجلس الاشرافي لمجموعة فولكس فاجن التي يوجد مقرها الرئيسي في الولاية التي ينتمي اليها، الى فيينا على متن طائرة مملوكة لشركة فولكس فاجن حيث انضم هو وزوجته الى بيش وضيوفه في مقصورة مسرحية بالحفل، زعمت الصحافة الالمانية انها تكلفت 24,286 ماركا المانيا 12,800 دولارا .
غير أن مشاركة الحكومة في الامور التجارية ليس بالامر غير الشائع في اوروبا ومركزها الاقتصادي القوي المتمثل في ألمانيا.
وفي حين انتقلت قطاعات من الاعمال التجارية الالمانية الكبيرة الى مواءمة نفسها مع مبادئ الشفافية المؤسسية كجزء من عمليات اعادة الهيكلة الواسعة في صناعة البلاد خلال معظم عقد التسعينيات، فإن مفهوم الصراحة والشفافية قد غاب بدرجة كبيرة، كما يبدو، عن عقول السياسيين الألمان.
وعلى هذا، فإن بين آخر طلقات المدافع التي تضرب بقوة الحزب المسيحي الديمقراطي المنغمس لاذنيه في الفضائح، هو التقرير المحاسبي الذي ذكر ان الحزب ليس باستطاعته تحديد مصدر اثني عشر مليون مارك من امواله, ونقل عن مسؤول حزبي كبير ان المستشار الالماني السابق الذي تلطخت سمعته، هيلموت كول، لن يتمكن ابدا من العودة الى البرلمان على الرغم من رفضه التخلي عن مقعده في البرلمان الالماني.
ويقع كول في بؤرة الفضيحة التي ألمت بحزبه، الحزب المسيحي الديمقراطي، من كل جانب، بعد اعترافه بتلقي مليوني مارك الماني 1,03 مليون دولار في شكل تبرعات نقدية لم يتم الكشف عنها، في الوقت الذي لم يفصح عن الجهة المتبرعة.
وكان كول قد اجبر الاسبوع الماضي على الاستقالة من الرئاسة الشرفية للحزب، وهو المنصب الذي ظل يشغله منذ استقالته من منصبه كزعيم للحزب المسيحي الديمقراطي في عام 1998 بعد 25 عاما تولى فيها رئاسة الحزب.
غير ان الحزب احجم عن رفع دعوى قانونية ضد كول لحمله على الكشف عن المتبرعين السريين.
الا ان هذا الموقف من جانب الحزب يمكن ان يتبدل وسط تنامي الغضب بين صفوفه وخارجها، وقد قال يورج شونبوم، زعيم الحزب عن ولاية براندنبورج، انه يتوقع ان يفرض الحزب عقوبات اكثر صرامة على كول في وقت لاحق.
ومازال كول (69 عاما) يشغل مقعدا في مجلس النواب الالماني البوندستاج ، عن الحزب المسيحي.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أسواق وصيف

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.