بوح مكاتب الخدمات إبراهيم الناصر الحميدان |
ان الحياة الجديدة التي نعيشها اوجدت بالضرورة بعض المصالح والاعمال وزيادة الكسل والاعتماد على الغير في قضاء احتياجاتنا انما هي بالمقابل استبدلت العمالة الوطنية بأخرى وافدة,, وفي هذا اليوم طرأ عليّ أن أذهب إلى سوق الجزارين للفرجة فقط لأن الأطباء نصحوني بالتخفيف من تناول اللحوم فإذا بي أقاطع أكلها إلا على مضض وكنت بالقرب من موقع سوق البطحاء وجزارينه المشهورين حين كنا نبتاع منهم أكثر لوازمنا وقد اكتشفت ان اكثر الحوانيت القديمة قد اختفت وحل مكانها سوق بعمارة جديدة فدخلت إليها فإذا بي افاجأ بانني أدخل سوقاً عصرية لم أر مثلها حتى في أرقى البلدان نظافة وأناقة ورائحة لطيفة حتى شككت بأنني في سوق تباع فيها اللحوم انما هي إلى أسواق الذهب اقرب وحتى الباعة الذين كنت اعرف ان ملابسهم ملوثة بالدماء وأقدامهم حافية وسكاكينهم تتلامع وترتعش تغيرت الى ملابس بيضاء أسوة بالممرضين ووجوه صقيلة وابتسامات تفترش الوجوه ودعوات ملحة بأن اتبضع منهم حتى انني شعرت بالخجل من أن أقول لهم بأنني محروم من أكل اللحوم لأنها ليست صحية بشهادة الأطباء وعليهم استبدالها بلحوم أخرى اقل ضرراً حتى وان كانت أغلى سعراً فخشيت أن لا يفهم قصدي فأقع ضحية السكاكين اللامعة الشرسة,, شيء واحد أدخل الحزن الى قلبي, أتدرون ما هو؟ لقد اختفى المواطن الجزار وحل مكانه خليط من الجنسيات الأخرى تحت سقف واحد أنيق في سوق حديثة جداً,, فشكراً لأمانة بلدية الرياض وارجو منها ان تبحث لماذا اختفى القصاب المواطن وتحاول أن تعيده إلى مكانه الذي تخلى عنه طائعاً لا مرغما واخذ ينال أجراً معلوما نظير استقدامه هذا العامل العربي بينما هو يتمدد في منزله أو يشرب القهوة في المشراق والعاير ويا ليتها تقول صراحة بأن على الجزار المتعاقد بالرحيل خلال بضعة أشهر حتى يعود قصابنا الوطني الذي كنا نمازحه ونتعامل معه بحميمية وليس بطريقة متعالية متغطرسة, يا ناس,, يا أمانة مدينة الرياض,, انت تقيمين الأسواق الحديثة ولكن لا تطردين العامل المواطن بعد أن صرفت الملايين في سبيل تحسين الأسواق التي احتلتها العمالة الآسيوية,, فأرجو ان تجدين مخرجا من هذا الوضع غير المقبول لأننا سوف نبقى متعصبين للوجوه المحلية السمراء التي تتفاهم معنا بلسانها العربي الفصيح وليس بلغة الإشارة او بالكلمات المحرفة ونحن معك حتى لو اختفت اللحوم من منازلنا بعد ان اصبحت غير مرغوبة صحياً.
وأعودإلى الموضوع الرئيسي الذي أردت من ورائه الكتابة عن مكاتب الخدمات التي كانت في الأصل مكاتب عقارية يقوم عليها أصحابها بموجب التعليمات الاصلية فإذا بها اليوم تتحول بالعمالة الوافدة إلى مكاتب خدمات من أجل التعقيب في الدوائر الرسمية لتضاعف من كسلنا واعتمادنا على الغير, وهذه المكاتب يمكنها ان تستخرج لك عقدا لعمالتك الاقامة والترخيص وتعقيب التأشيرات وتراجع البلديات والجمارك والدوائر الحكومية المختلفة بموجب رسم بسيط، المهم ان هذه المكاتب تعتمد ايضا على العمالة الوافدة؟! وبعضها تحول الى تجهيز الحجاج وتأدية العمرة واركابك الشاحنة (الاتوبيس) وانزالك منها في الأماكن المقدسة وربما تزويجك قريبا ونقلك والعروس المنتظرة الى أي بلد في العالم في رحلة شهر العسل اللهم علينا وحوالينا !
فماذا تريد أكثر من هذه الخدمات يا حضرة المواطن الكسول الذي تشربت بشعار دعنا نخدمك وانت نائم على غرار نحن نسوق وعليك الاستمتاع بالرحلة.
ولله في خلقه شؤون.
|
|
|